كشفت دراسة مسحية بعنوان «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية البحرينية» أن المسؤولين الإيرانيين وعلى اختلاف مستوياتهم، فضلاً عن حلفاء إيران في المنطقة ووسائل الإعلام التابعة لها والممولة منها، يشوهون بشكل متعمد صورة البحرين، لافتة إلى أن رصدت 160 تصريحاً وموقفاً إيرانياً عدائياً تجاه البحرين خلال فترة البحث التي امتدت من 2011 وحتى 2013.ونوهت الدراسة إلى أن السبب وراء ذلك لا يتعلق فحسب بالأطماع الإيرانية ونواياها العدوانية وتطلعاتها الإقليمية، وإنما بمحاولة البحث عن عدو في الخارج لضمان إلهاء الشعب الإيراني عن أزماته، فضلاً بالطبع عن التعتيم على حجم مشاكلها الداخلية منها والإقليمية التي تورطت فيها بحكم سياساتها التداخلية والتصعيدية الرعناء.وأشارت الدراسة إلى أن النظام في إيران وبحكم إخفاقه الظاهر في إدارة شؤونه الداخلية والخارجية على السواء، لا يملك ولا يحق له أصلاً التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، وبخاصة البحرين.وذكرت الدراسة في سياق رصدها وتحليلها للتصريحات السلبية التي أطلقها مسؤولون إيرانيون، رسميون وغير رسميين، بحق المملكة، خلال الفترة من فبراير 2011 وحتى مايو 2013 أن البحرين ومنذ ما قبل إعلان استقلالها في مطلع سبعينات القرن الماضي كانت ومازالت هدفاً مباشراً للمخططات الإيرانية.ونوهت إلى أن هناك الكثير من المواقف التحريضية التي تتبناها طهران وأذرعها الإقليمية هدفت إلى زعزعة الأمن وضرب الاستقرار بالبلاد، وأن المواقف زادت حدة وكثافة خلال السنوات الأخيرة من خلال التصريحات السياسية الإيرانية المعادية للبحرين مروراً بتهريب مواد متفجرة وأسلحة وذخائر إلى المملكة وإيواء الهاربين من العدالة وفتح المعسكرات الإيرانية لتدريب المجموعات الإرهابية التي تسعى لاستهدف أرواح الأبرياء فضلاً عن الحملات الإعلامية المضللة والمستمرة تجاه البحرين.ولفتت الدراسة التي أعدها رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية د.عمر الحسن إلى أن هناك نحو 160 تصريحاً وموقفاً إيرانياً عدائياً تجاه البحرين رصدتها خلال فترة البحث التي امتدت في الفترة من 2011 وحتى 2013، منها: 16 تصريحاً لمسؤولي اللجان بمجلس الشورى الإيراني، و14 تصريحاً لكل من المتحدث باسم الخارجية الإيراني السابق ووكيل وزارة الخارجية للشؤون العربية والأفريقية، و8 تصريحات لوزير الخارجية الإيراني نفسه، و6 للمرشد الديني الإيراني، إضافة لعدة تصريحات ومواقف متفرقة أخرى توزعت بين عدد من مسؤولي الصف الثاني هناك.وقالت الدراسة إن افتتاحيات الصحف والمقالات السلبية جاءت في الترتيب الثاني بعد تصريحات القادة وكبار المسؤولين الإيرانيين المشار إليها سلفاً، بعدد 26 مادة صحافية.في حين جاءت تصريحات حلفاء إيران من قنوات إعلامية وأحزاب ومسؤولي فصائل سياسية توزعت بين لبنان والعراق وغيرها في الترتيب الثالث، بعدد 19 تصريحاً.وجاء في المرتبة الأخيرة التصريحات غير الرسمية المنسوبة لرجال دين ورؤساء مؤسسات وتجمعات غير سياسية وغير ذلك بعدد 15 تصريحاً.وذكرت الدراسة التي اتسمت بالطابع المسحي والإحصائي، ورصدت الكثير من المواقف المنسوبة للمسؤولين الإيرانيين سواء من النواب أو من الذين يتولون مناصب تنفيذية وغيرهم، أن مضامين التصريحات والمواقف التي تعكس شكلاً من أشكال التدخل الصريح في الشأن الداخلي الوطني، توزعت على عدد من القضايا والملفات التي اختبرتها الساحة البحرينية خلال فترة البحث.وأوضحت أن هناك سمات مشتركة جمعت بينها، وكأن هناك خطاً واحداً ورؤية مشتركة جمعت بينها في إطار لعبة توزيع الأدوار التي تبنتها أجهزة النظام الإيراني ناحية أمن البحرين ومصالحها القومية ومواطنيها.وقالت إن من أبرز القضايا التي احتلت قائمة التصريحات والمواقف الإيرانية، قضية الخلط بين ما يحدث في البحرين وغيرها من الدول المجاورة التي شهدت حراكاً كبيراً أدى إلى تغيير في بنية الأنظمة الحاكمة بها، في محاولة مستميتة لتشبيه الأحداث التي تعرضت لها البحرين بما حدث في دول أخرى.وأكدت الدراسة أن مضامين التصريحات والمواقف لا تعبر عن حقيقة الوضع في البحرين، وأن ما رمت إليه إيران من وراء هذا الخلط المتعمد هو تلبيس وإيهام الرأي العام بأشياء لا سند لها على أرض الواقع، وذلك سعياً منها لتحقيق تطلعاتها العدوانية في دول المنطقة.ويضاف إلى الخلط الواضح ولي عنق الحقيقة، مثلما وصفت الدراسة، فإن إيران سعت عبر تصريحاتها ومواقفها السلبية إلى الحض على العنف والفوضى والإرهاب بالبحرين، حيث أكد تقييم الدراسة على العلاقة الارتباطية بين التصريحات الإيرانية من جانب والتجاوزات والممارسات غير الشرعية التي شهدتها البلاد، فضلاً عن الاعتداءات، التي ارتكبها مجرمون وإرهابيون داخل المملكة خلال فترة الدراسة.ودللت الدراسة على ذلك بوضعية من أطلق مثل هذه النوعية من التصريحات والمواقف ووزنه ومكانته داخل بنية النظام في إيران، كالقيادات الدينية والمستشارين الرئاسيين وغيرهم، حيث سعى كل هؤلاء لبث الافتراءات بحق البحرين ودول الخليج ككل في محاولة منهم لشق الصف الوطني البحريني ولإحداث الفرقة فيما بين شعوب دول المنطقة وبعضهم البعض.وكشفت الدراسة عن سياسة إيرانية محددة من وراء تصريحاتها ومواقفها السلبية ناحية البحرين، حيث سعت إلى اجترار حديث عفا عليه الزمن بشأن مطالبات تاريخية لا دليل لها ولم تعد غير ذي جدوى في عالمنا المعاصر، خاصة بعد أن رفعت طهران شكاوى ضد المملكة إلى مجلس الأمن وادعت مجدداً بحقوق لها بالبلاد والاعتراض على حق البحرين السيادي في اتخاذ ما تراه مناسباً لها لحماية أمنها ومصالحها القومية، خاصة بعد أن استعانت بقوات درع الجزيرة عام 2011.ورصدت الدراسة بشكل تفصيلي طبيعة التصريحات والمواقف الصادرة عن النظام في إيران ومؤسساته الكبرى، والتي اعتبرتها دليلاً على النهج الذي تسلكه طهران بحق المملكة ونواياها تجاهها، مؤكدة أن خطر مثل هذه التصريحات ينبع من عدة عوامل: الأول: الجهة التي صدر عنها التصريح، وهنا يجدر القول إنه لا توجد مؤسسة أو جهة في إيران إلا وعمدت إلى الإساءة للبحرين والتدخل في شؤونها، خاصة من جانب مؤسستي المرشد الديني والرئاسة ووزارة الخارجية ومجالس الشورى وصيانة الدستور والخبراء، فضلاً عن قيادات عسكرية وأمنية إيرانية وغيرهم، والثاني: فحوى مثل هذه التصريحات ومدى قوتها، حيث أبرزت الدراسة دليلاً على خطرها وآثارها السلبية الممتدة سواء على الأمن البحريني أو الإقليمي بأسره، وذلك بالإشارة إلى أنها شملت كافة الأوضاع في البحرين، ويلاحظ هنا، إنها: إما نالت من البلاد أو شككت في الإجراءات التي تتخذها، كما مست سمعة البحرين ومكانتها لدى الرأي العام المحلي والدولي على السواء بقصد التشهير بها والتحريض عليها في المحافل المختلفة، لا سيما أنها استخدمت العديد من الأبواق الإعلامية والشعارات الدينية الطائفية في الترويج لادعاءاتها ومزاعمها، كما لم تقتصر التصريحات والمواقف العدائية الإيرانية على البحرين فحسب، وإنما شملت كل دول الخليج العربية، وبخاصة السعودية التي لم يكن لها ذنب سوى أنها كانت وستظل تمثل حائط الصد الإقليمي القوي ضد الأطماع والتوجهات الإيرانية ناحية دول المنطقة ومصالحها الاستراتيجية.وأوضحت الدراسة أن التصريحات اتسمت بالصبغة الطائفية الدينية، في إشارة إلى أن كل من أطلق تصريحاً سلبياً ضد المملكة أو تبنى موقفاً عدائياً منها إما حمَّله بنعرة الاضطهاد والظلم التي يدَّعون أن البعض يتعرض لها، وهي نغمة مازالت سائدة في بعض الأوساط في محاولة لكي تستميل مريديها والمتعاطفين معها بمثل هذا الصوت النشاز.الرابع: طبيعة وصفة الجهة التي صدَّرت مثل هذه التصريحات والمواقف، حيث لوحظ أن صفتها جميعاً يغلب عليها الطابع المذهبي، ولا تصطبغ إلا بصبغة واحدة مدعية الدفاع عن فئة معينة من البشر، وتتمثل هذه الجهة في بعض المرجعيات الدينية، فضلاً عن حلفاء إيران في المنطقة وأذرعها في لبنان والعراق وغيرها.وقالت الدراسة إن المطلع على الصحف الإيرانية من افتتاحيات ومقالات رأي وتقارير تغطية ومتابعة تكشف هي الأخرى عن نتيجة مفادها امتداد رؤى وأفكار النظام الإيراني إليها ومساندتها له في توجهه نحو تشويه صورة البحرين والسعودية، بهدف إثارة مشاعر شعبي البلدين وتنفيذ مخططات زعزعة أمن الخليج وتحقيق طموحات طهران الإقليمية، ودللت الدراسة على ذلك بتحليل مضمون الافتتاحيات والمقالات، والتي لم تخل من لغة التهديد بالهيمنة على المنطقة والادعاء بـ «فارسية» الخليج بكل أراضيه ومائه، حسب وصفها.واختتمت الدراسة تحليلاتها الإحصائية بالقول إن مثل هذه التصريحات الصادرة عن رأس النظام الإيراني وكبار المسؤولين فيه والتابعين له هي ادعاءات خطيرة وباطلة ومضللة وغير مسؤولة وتتسبب في إثارة التوتر في ربوع المنطقة ككل، فضلاً عن أنها تعد تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للمملكة.وأكدت أن مشروع إيران هو مشروع عدواني يتخطى حدود الإقليم بأسره، وأنها تستخدم السلاح المذهبي لتحقيق مصالحها الخاصة، وأنه يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي أن تسعى بجد إلى تبني خيار التكامل الفعلي، وذلك لمواجهة التهديدات الإيرانية بكل حزم وقوة.
دراسة: 160 تصريحاً وموقفاً إيرانياً عدائياً تجاه البحرين خلال 3 سنوات
27 يوليو 2015