غزة، رام الله - (رويترز): يسعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإلقاء حجر في مياه السياسة الفلسطينية الراكدة في وقت يشهد جموداً شديداً في محادثات السلام مع إسرائيل وتعثراً في محاولات الوفاق مع حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في قطاع غزة.كان عباس «80 عاماً» الذي يتولى الرئاسة منذ أكثر من 10 سنوات والذي يواجه تحدياً متصاعداً لقيادته دفة الأمور قد استقال الأسبوع الماضي من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.لكن ثلة قليلة رأت أن هذه الخطوة التي صاحبها أيضا تنحي 9 من رفاق عباس في اللجنة التي تضم 18 عضواً ليست سوى مناورة لتعزيز موقفه وإضعاف معارضيه.وتجبر هذه الخطوة - وفقاً لقواعد منظمة التحرير - المجلس الوطني الفلسطيني «البرلمان» المؤلف من 714 عضوا على الانعقاد في غضون 30 يوماً لانتخاب لجنة جديدة. ويقول منتقدو عباس إنه سيعاد انتخابه رئيسا للجنة التي ستحتشد بمؤيديه.فإن منعت إسرائيل - كما هو متوقع على نطاق واسع - النواب المقيمين في غزة من حضور جلسة المجلس الوطني المقرر عقدها في رام الله بالضفة الغربية المحتلة في 15 سبتمبر المقبل فمن المرجح أن يكون حلفاء عباس هم الذين سيختارون أعضاء اللجنة التنفيذية. وقال مؤيدون لعباس إنه يحاول فقط ضخ دماء جديدة في منظمة التحرير.وقال أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية المتحالف مع عباس لإذاعة صوت فلسطين «بدون شك سنشهد وجوها جديدة وتجديد وضخ دماء جديدة إلى اللجنة التنفيذية».وأضاف «إحنا من أربع خمس سنين عم بنسمع من ذات الأشخاص عم بيرددوا هذه المقولة الآن إن اللجنة التنفيذية هرمت وشاخت ولا تقوم بدورها وهي مشلولة ويجب تفعيل وتطوير المنظمة. وعندما نأتي لتفعيل وتطوير المنظمة وتجديد الدماء في اللجنة التنفيذية بتصير المسألة وكأنها تصفية حسابات».وتابع قائلاً «القيادة أعمق وأسمى من أن تدخل في تسويات صغيرة، اللجنة التنفيذية هي تعبير عن ائتلاف وطني عريض بين القوى والفصائل والشخصيات الاعتبارية، هذا الإجراء لحماية المنظمة وحماية تاريخها ونضالها وتجديد الدماء فيها وتفعيلها».غير أن المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري قال إن عباس الذي انتخب عام 2005 رئيساً لفترة مدتها 4 سنوات ولم يواجه أي تصويت منذ ذلك الحين يعطي إشارة مفادها أنه لن يتنحى قريباً. وأضاف «يريد أن يكون كل شيء في يديه».ورجح غيث العمري الزميل بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى على حسابه على تويتر أن تكون الاستقالات «مناورات سياسية داخلية تهدف إلى تعزيز سلطته».ومما أجج تلك التكهنات أن عباس أبعد في خطوة مفاجئة الأمين العام لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه الذي كان ينتقد أسلوب اتخاذ القرار.وقال عبد ربه إن «هناك متآمرين حقيقيين يريدون دفع أبو مازن بالذات تحت ستار تخويفه من الأزمة القائمة مع إسرائيل وأمريكا وتصوير الأمور له وكأن الرد على هذه الأزمة يكون عبر تصفية خصومه المفترضين في المنظمة وفي فتح أساساً، هؤلاء المتآمرون يحاولون دفع أبو مازن نحو حرب داخلية مفتوحة بحيث يضرب فتح ضد فتح والمنظمة ضد المنظمة وهم يعتقدون أنهم الكاسبون من وراء الحرب في إطار الصراع على الخلافة».ومضى قائلاً «أنا أدعو أبو مازن للخروج من هذا المأزق عبر مصالحة وطنية شاملة، عبر الدعوة إلى مجلس وطني اعتيادي لتغيير السياسة أولاً ثم القيادة».وأصدر محمد دحلان المسؤول السابق بحركة فتح التي يرأسها عباس والذي أصبح الآن واحداً من أشد منتقديه بياناً يتهمه فيه بتنفيذ «انقلاب قصر».أما حركة حماس وهي ليست عضواً بمنظمة التحرير الفلسطينية لكنها اختيرت بموجب اتفاق مصالحة عام 2012 لتكون طرفاً في لجنة لم تجتمع قط لإدخال تعديلات على المنظمة فقد وصفت خطوة عباس بأنها تراجعاً عن اتفاق المصالحة.ويعقد المجلس الوطني الفلسطيني جلسة في 15 و16 سبتمبر المقبل لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بحسب ما أعلن عضو القيادة الفلسطينية عزام الأحمد.
عباس يشعل الساحة السياسية بمحاولة تعديل «منظمة التحرير»
28 أغسطس 2015