^ لا شك أن استضافة العراق لأعمال القمة العربية (الأولى منذ 1990) هو- رغم كل ما يثار حول مستوى التمثيل- بمثابة “رسالة مهمة على بداية عودة العراق – ولو جزئياً- إلى محيطه العربي والإقليمي، واندماجه في منظومة العمل العربي المشترك بعد سنوات طويلة من العزلة، سببها نظام صدام بسبب غزوه للكويت، وسببها بعد ذلك الاحتلال الأمريكي للعراق في العالم 2003. كما زاد منها هيمنة إيرانية ملموسة ومتصاعدة في الجسم السياسي- الاجتماعي العراقي، وهي هيمنة قائمة على نشر منطق التفتيت الطائفي وإحياء النعرات التي لم تكن ذات أهمية في العراق في المراحل السابقة من حياته السياسية الحديثة. وبغض النظر عن تلك الاعتبارات، فإن نجاح العراق والجامعة العربية في عقد المؤتمر المؤجل في بغداد يعد مؤشراً إيجابياً عن البدء باستعادة العراق إلى محيطه العربي كمدخل لتحييد التأثير الإيراني المتزايد إلى جر العراق إلى التفتيت الطائفي، أو الحد منه، على الأقل بما يعزز استقلالية العراق واستعادة استقلال قراره الوطني والقومي، وبما يدفعه مجدداً على طريق العمل العربي المشترك، خصوصاً أن العرب قد ارتكبوا خطأ جسيماً عندما عزلوا العراق بعد الاحتلال أو انعزلوا عنه وتركوه فريسة لتأثير الاحتلال الأمريكي وللغزوة السياسية- الطائفية الإيرانية التي كان لها بالغ الأثر في نمو النزعات الطائفية المعادية للعروبة والمتبرئة من الثوابت العربية والتي بتنا نلمسها في عمل وتحركات وبيانات عدد من الأحزاب والجماعات المرتبطة بإيران، من ناحية، وفي تنامي تيارات إعلامية سلبية تهيئ الأجواء لنوع من الحرب الطائفية الطاحنة على الصعيد العربي، تزودها إيران بالوقود الإيديولوجي من الكراهية غير المسبوقة التي تترجمها هذه القنوات، يقابلها للأسف نمو قنوات مماثلة على الضفة الأخرى تؤسس هي الأخرى إلى حروف لا نهاية لها، تسهم في تفكيك ما بقي من الروابط العربية والثوابت الدينية الجامعية والمصالح المشتركة. وبغض النظر عن القرارات الصادرة عن هذه القمة- وهي لا تختلف عن قرارات القمم السابقة- أو عن مستوى التمثيل – الذي لا يختلف كثيراً عن مستوياته في العديد من القمم السابقة، فإن الأهم هو أن هذه القمة قد كانت إيذاناً بإمكانية استعادة العراق عربياً، وكسر الحاجز الذي طال أمده بين العرب والعراق الذي لا يمكن أن يستمر استبعاده أو إبعاده عن بنية النظام العربي، والمساعدة على إخراجه من سيطرة الثقافة الجديدة التي يحاول البعض غرسها، بتحويله من جزء من الأمة العربية إلى أمة عرقية مثلما يحلو للبعض ترديده، حيث شاع هذا المصطلح الجديد الذي لم يكن يسمع به أحد أو يجرؤ أحد على استخدامه، هو المصطلح السائد في وسائل الإعلام، وخاصة القنوات الفضائية العراقية وتكرار ذلك كلما تحدثوا في وسائل الإعلام بغية إشاعة المفهوم، وتطبيع الآذان على قبوله، تنكراً للحقائق التاريخية والحضارية والجغرافية التي هي أكبر وأقوى من الإرادات السياسية للقوى الرافضة لعروبة العراق. همس الشعر: من قصيدة الشاعر نزار قباني (إفادة في محكمة الشعر): مرحبا يا عراق، جئت أغنيك وبعض من الغناء بكاء مرحبا، مرحبا.. أتعرف وجها حفرته الأيام والأنواء؟ أنا جرح يمشي على قدميه وخيولي قد هدها الإعياء فجراح الحسين بعض جراحي وبصدري من الأسى كربلاء وأنا الحزن من زمان صديقي وقليل في عصرنا الأصدقاء مرحبا يا عراق.. هل نسيتني بعد طول السنين سامراء؟ مرحبا يا جسور يا نخل يا نهر وأهلا يا عشب... يا أفياء كيف أحبابنا على ضفة النهر وكيف البساط والندماء؟ إن في داخلي عصورا من الحزن فهل لي إلى العراق التجاء؟ (...) لو قرأنا التاريخ ما ضاعت القدس وما ضاعت من قبلها “الحمراء” في فمي يا عراق.. ماء كثير كيف يشكو من كان في فيه ماء؟
قمة العرب في استعادة العراق..
15 أبريل 2012