الدمام - (الجزيرة نت): يعقد مسؤولون ومحللون سعوديون آمالاً على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلادهم والعراق، ويرون فيها ضرورة حتمية لمواجهة كثير من التحديات المشتركة بين البلدين الجارين، مؤكدين في الوقت نفسه الآفاق الرحبة للتعاون من أجل المصالح المشتركة وإنهاء القطيعة، مشيرين إلى أن «إعادة فتح سفارتي البلدين خطوة مهمة في الطريق الصحيح».وبعد تعيين العراق سفيراً جديداً لدى المملكة الأحد الماضي، تنتظر بغداد وصول السفير السعودي، وقال المتحدث باسم الخارجية السعودية السفير أسامة نقلي إن القرار اتخذ قبل عام على مستوى قيادتي البلدين، بعد تولى حيدر العبادي رئاسة الوزراء، مؤكداً أن هذه الخطوة «طبيعية في ظل الاستحقاقات السياسية والجغرافية وأواصر العروبة والروابط العائلية بين شعبي البلدين».من جانبه، توقع سفير العراق السابق لدى الرياض غانم الجميلي أن تكون هناك مساهمات في تطوير العلاقات بين البلدين، «يعم خيرها على شعبي البلدين والمنطقة». وقال إن البلدين «تربطهما حدود مشتركة تمتد إلى نحو ثمانمئة كيلومتر تفرض عليهما التعاون المشترك لتأمين هذه الحدود ومكافحة الإرهاب وخطر الطائفية الذي بات يفتك بشعوب المنطقة».ويرى عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي زهير الحارثي أن هناك رغبة لدى البلدين «في تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة، وأنهما بحاجة إلى بعضهما البعض».وأوضح أن هناك حدوداً «بحاجة إلى مراقبة دائمة وتعاون جاد، لاسيما في وجود عصابات وشبكات تهريب للأسلحة والمخدرات، فضلاً عن أجندة الجماعات المتطرفة، وبالتالي فالتعاون بينهما مطلب حتمي يفرضه الواقع، وتعافي العراق ضرورة استراتيجية لاستقرار الإقليم». كما رأى أن تبادل السفراء «إرهاص بقرارات سياسية أكبر في المستقبل لن تقتصر فقط على التعاون الثنائي، فسياسة تصفير المشكلات مع دول الجوار التي انتهجها حيدر العبادي بدأت تُؤتي أكلها، بدليل إذابة الجليد بين البلدين، فالرئيس العراقي فؤاد معصوم عندما جاء للسعودية قال لقد وجدنا الأبواب مفتوحة، كما أن المرجعية الشيعية في العراق أكدت ضرورة أن تكون العلاقات مع الرياض مميزة وجيدة».أما عضو مجلس الشورى السعودي فايز الشهري فقال إن المملكة «لم تنقطع علاقاتها الإيجابية بقضايا العراق، فالعلاقات بينهما تتجاوز العلاقات الدبلوماسية التقليدية إلى روابط الدين واللغة وصلة الرحم بين شعبين شقيقين».ويأمل الشهري -الذي يرأس «لجنة الصداقة السعودية العراقية»- أن يكون السفير العراقي الجديد عاملاً إيجابياً جديداً في تمتين علاقة الشعبين والبلدين في ظل تحديات كبيرة تحيط بالمنطقة وتهدف إلى دق إسفين الفتنة والتقسيم عبر أكثر من صعيد».وحول مجالات التعاون المستقبلية بين الرياض وبغداد، قال أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن شافي الدامر «إن هناك فرصاً اقتصادية لتعاون البلدين، خاصة في مجال الأسواق النفطية، سواء كان ذلك متعلقاً بسياسات الأسعار أو الإنتاج أو تصدير النفط عبر الأنابيب العابرة للمملكة، أو غيرها».وأشار الدامر إلى أنه «بعد زوال حكومة نوري المالكي حدث الانفراج الحالي في العلاقات بين البلدين كنتيجة لاعتدال سياسة حكومة حيدر العبادي -على الأقل في الفترة الراهنة - ففي السابق كان اضطهاد حكومة المالكي القائم على أسس طائفية لقيادات العشائر السنية في العراق يلعب دورا أساسيا في التنافر بين الرياض وبغداد، ولكن تغير المعادلة اليوم ببروز تنظيم الدولة «داعش» قلب موازين التعامل بين الجانبين، وأصبحنا أمام أمر واقع يحتم عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وبغداد ظلت مقطوعة منذ غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الكويت عام 1990، وهي القطيعة التي استمرت حتى عام 2003، وبعد الإطاحة بصدام حسين لم يتم فتح السفارة السعودية في بغداد في بداية الأمر لأسباب أمنية، واستمرت القطيعة في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من عام 2006 وحتى عام 2014.