تدفق نحو مليوني حاج أمس على جبل عرفات لأداء الركن الأعظم من شعائر الحج، وخيموا عند سفح الجبل وأمضوا ليلتهم بعد أن قضوا يوم التروية بمشعر منى رغم الحر الشديد.ويطلق مسمى «يوم التروية» على اليوم الذي يسبق الوقوف في جبل عرفات لأن الحجيج كانوا تاريخياً يتوقفون في منى للتزود بالمياه ولتشرب الحيوانات التي كانوا يركبونها، قبل التوجه إلى جبل عرفات الذي يبعد حوالي عشرة كيلومترات.وحمل الحجاج المظلات الملونة بينما بدأوا السير منذ الفجر في حشود كبيرة لصعود سفح الجبل المعروف بجبل الرحمة والبالغ ارتفاعه 300 متر.ويعتقد أن النبي محمد ألقى عليه خطبته الأخيرة قبل 14 قرناً بعد أن قاد أتباعه في الحج.وخلافاً للسنوات السابقة، لم يحمل الحجاج أعلام بلادهم. وعزا الإعلام هذا الأمر إلى «حظر» فرضته السلطات على حمل الأعلام أثناء الحج. وشكلت قوات الأمن السعودية سلاسل بشرية على طول الطرق لتنظيم سير الحجاج، فيما قام متطوعون على طول الطريق بتقديم صناديق الطعام وزجاجات الماء البارد للحجاج.ولم يتم التبليغ عن حوادث خطيرة في عرفات، إلا أن جهاز الدفاع المدني أعلن أن أكثر من 200 شخص أصيبوا «بالإغماء والإعياء» بعد تعطل أبواب إحدى محطات القطار ما تسبب باكتظاظ.وقالت قيادة قوات الدفاع المدني إنه وأثناء تصعيد حجاج بيت الله الحرام مستخدمي قطار المشاعر لمشعر عرفة حدث عطل في النظام الآلي لقفل الأبواب بالقطار رقم 16 بالمحطة رقم 1 بمشعر منى، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية. وأضافت أن ذلك أدى إلى تجمع أعداد كبيرة من الحجاج بالمحطة رقم 3 بمنى وبسبب طول فترة الانتظار والتزاحم الشديد تعرض ما يزيد على 204 حجاج للإغماء والإجهاد والإعياء».وتجمع مئات آلاف الحجاج لأداء صلاة العصر فيما تم تشغيل رشاشات المياه لتخفيف درجات الحرارة، بينما حلقت المروحيات فوقهم.وقالت الحاجة الفيليبينية رحيمة ايما 26 عاماً «أشعر بأن الله أنعم علي بالحج، وانتابتني قشعريرة وشعور لا أستطيع وصفه عندما وصلت إلى قمة الجبل».أما أكرم غنام 45 عاماً من سوريا فيقول إن الوقوف بعرفات «هو شعور لا يمكن وصفه أدعو الله أن ينصر جميع المظلومين». ووصل العديد من الحجاج إلى عرفات بالحافلات، فيما سار عدد منهم من مدينة مكة المكرمة التي تبعد حوالي 15 كلم.كما وصل حجاج من منى المجاورة في قطار المشاعر الذي يربط بين المواقع المقدسة في عرفات والمزدلفة ومنى التي تنتشر فيها الخيام حيث قضى الحجاج يوم التروية وباتوا فيه اقتداء بالنبي محمد. ويبقى الحجاج على صعيد عرفات حتى غروب الشمس قبل النفرة إلى مزدلقة، ويعودون إلى منى صبيحة اليوم لرمي جمرة العقبة التي ترمز إلى رجم الشيطان، وبعد ذلك ينحرون الأضاحي في يوم عيد الأضحى الذي يحتفل به أكثر من 1,5 مليار مسلم في أنحاء العالم. ويؤدي أكثر من 1,4 مليون أجنبي إضافة إلى مئات الآلاف السعوديين والمقيمين في المملكة الحج، رغم الحادث المأسوي الذي شهده الحرم المكي في وقت سابق وأسفر عن مقتل 108 أشخاص وإصابة 400 آخرين بجروح بسبب انهيار رافعة عملاقة. وشهدت مواسم الحج السابقة حوادث تدافع وحرائق أسفرت عن مقتل المئات، إلا أن الحوادث لم تسجل بشكل شبه تام خلال السنوات التسع الماضية بعد تحسين الإجراءات الأمنية.وخصصت المملكة أكثر من مئة ألف رجل أمن لحماية الحج الذي يجري في ظل استمرار العنف والنزاعات في الشرق الأوسط، وفي ظل تعاظم خطر التنظيمات المتطرفة وانتشار فيروس كورونا المتسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. وتؤكد السلطات السعودية أنها اتخذت كل الاحتياطات ضد أي هجمات قد تسعى مجموعات متطرفة لتنفيذها خلال موسم الحج، وخصوصاً أن تنظيم الدولة الإسلامية داعش سبق أن نفذ هجمات عدة في المملكة خلال الأشهر الأخيرة. ويحل موسم الحج في الوقت الذي تستمر فيه السعودية في قيادة التحالف العسكري العربي ضد المتمردين الحوثيين الزيديين المدعومين من إيران في اليمن المجاور. ومعظم اليمنيين الذين يؤدون فريضة الحج هم من المقيمين في السعودية. أما على الصعيد الصحي، فإن المخاطر المرتبطة بفيروس كورونا المتسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ما زالت قائمة. والسعودية هي البؤرة الأولى للمرض المميت.وسجلت الرياض خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعاً في الحالات الجديدة، لاسيما في المدينة المنورة التي غالباً ما يزورها المشاركون في الحج. وأكد وزير الصحة خالد الفالح أنه لم يتم تسجيل أي حالة بين الحجاج هذه السنة.وقامت السلطات الصحية السعودية بتخصيص 25 ألف كادر صحي إضافي لإحاطة موسم الحج بالعناية الصحية.وقال الحاج الباكستاني عبد الغفار أبو بكر 38 عاماً الذي جاء مع أصدقائه «آمل أن يرحمنا الله ويتقبل صلاتنا».