كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:عيد الأضحى أحد العيدين المعتمدين شرعاً في الإسلام؛ يأتي في العاشر من شهر ذي الحجة كل سنة هجرية، ويعتبر يوم «الحج الأكبر» الذي يقوم فيه الحجاج بأغلب المناسك. وفيه يؤدي المسلمون في كل بقاع العالم الشعائر الدينية ويعيشون أفراحهم ويسود التضامن بينهم.بدأ الاحتفال بعيد الأضحى المبارك في زمن إبراهيم الخليل عليه السلام، فقد رأى ذات ليلة في المنام أن الله سبحانه وتعالى يأمره بذبح ابنه إسماعيل الذي كان أعز ما عنده في الدنيا. ولأن رؤيا الأنبياء حق، روى سيدنا إبراهيم حلمه لابنه، فامتثل هذا الأخير لمشيئة الله وطلب من والده تنفيذ الرؤيا، وفي الوقت الذي هَمَّ سيدنا إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل، تدخلت العناية الإلهية والحكمة الربانية في آخر لحظة مفتدية إسماعيل بكبش عظيم. ومنذ تلك الواقعة، سُنَّ للمسلمين تخليد الذكرى والاحتفال بها من خلال التقرب إلى الله بالتضحية بخروف أو بقرة أو ناقة والتصدق بجزء من لحمها على الأقارب والفقراء والمحتاجين.وتتزامن المناسبة الدينية العظيمة مع انتهاء حجاج بيت الله الحرام من أداء مناسكهم واستعدادهم للعودة إلى ديارهم فائزين بمغفرة الله تعالى، وكاسبين لثوابه العظيم ورحمته الواسعة. الركن الخامس وفي أيام العيد تتوجه عيون العالم الإسلامي بأكمله نحو مكة المكرمة، حيث يقوم حوالي ثلاثة ملايين مسلم بتأدية خامس أركان الإسلام وخاتمها ألا وهو حج بيت الله الحرام، والذي يأتي تلبية لنداء الله في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى «وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق»، هذه الملايين من الناس تطوف بالبيت العتيق مكبرة داعية الله تعالى، واعتاد المسلمون تحية بعضهم البعض فور انتهائهم من أداء صلاة العيد، حيث يقوم كل مسلم بمصافحة أخيه قائلاً « تقبل الله منا ومنك « ثم يقول له « كل عام وأنتم بخير»، ويرى البعض من المسلمين في يوم العيد يوم حساب للنفس حيث تكون فترة السنة الماضية هي محور التقييم وكأن المسلم بحلول العيد يكون قد طوى سنة وفتح أخرى جديدة، وتتسم أيام العيد بالصلوات وذكر الله والفرح والعطاء والعطف على الفقراء وتزدان المدن والقرى الإسلامية بثوب جديد كما أن الأطفال والكبار يلبسون أثواباً جديدة، وتكثر الحلوى والفواكه في بيت المسلمين، أما البالغون فيقومون بزيارة قريباتهم ومعايدتهن، كذلك يقوم المسلم بزيارة الأقارب، والأهل صلة للأرحام ومباركة بالعيد.قصة إسماعيل وسأل إبراهيم الخليل عليه السلام ربّه أن يهبه ولداً صالحاً، وذلك عندما هاجر من بلاد قومه، فبشّره الله عز وجل بغلام حليم، وهو إسماعيل عليه السلام، الذي ولد من هاجر، بينما كان إبراهيم الخليل عليه السلام، في السادسة والثمانين من عمره، فهو إسماعيل، أول ولد لإبراهيم عليه السلام وهو الولد البكر يقول الله عز وجل: « وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين، ربّ هب لي من الصالحين، فبشّرناه بغلام حليم « ، وعندما كبر إسماعيل عليه السلام وشبّ وصار بمقدوره أن يسعى ويعمل كما يعمل ويسعى أبوه عليه السلام رأى إبراهيم الخليل عليه السلام في المنام أن الله «عز وجل يأمره أن يذبح ولده ومعلوم أن رؤيا الأنبياء وحي»، يقول الله تعالى « فلما بلغ معه السّعي قال يابنيّ إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى»، إنه لأمر عظيم واختبار صعب للنبي إبراهيم عليه السلام فإسماعيل هذا الولد العزيز البكر، والذي جاءه على كبر، سوف يفقده بعدما أمره الله عز وجل أن يتركه مع أمه السيدة هاجر، في وادٍ ليس به أنيس، ها هو الآن يأمره مرة أخرى أن يذبحه، ولكنّ إبراهيم الخليل عليه السلام، امتثل لأمر ربه واستجاب لطلبه وسارع إلى طاعته، ثم اتجه إلى ابنه إسماعيل، وعرض الأمرعليه، ولم يرد أن يذبحه قسراً، فماذا كان ردّ الغلام إسماعيل عليه السلام ؟، « قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين»، إنه ردّ يدل على منتهى الطاعة وغايتها للوالد ولرب العباد لقد أجاب إسماعيل بكلام فيه استسلام لقضاء الله وقدره، وفيه امتثال رائع لأمر الله، وأيّ أمر هذا إنه ليس بالأمر السهل.كبش عظيم وبعد أن عزم إبراهيم عليه السلام على ذبح ابنه حانت اللحظة الحاسمة، والتي جاءت انقياداً لأمر الله فأضجعه على الأرض، والتصق جبين إسماعيل عليه السلام بالأرض، وهمّ إبراهيم أن يذبح ابنه فلما أسلما وتلّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم صدّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم، وتركنا عليه في الآخرين، سلام على إبراهيم، كذلك نجزي المحسنين ولكنّ السكين لم تقطع بإرادة الله، عندها فداه الله، بكبش عظيم من الجنة أبيض الصوف ذي قرنين كبيرين، وهكذا أصبحت الأضحية سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام، سنّة للمسلمين كافة، يؤدونها أيام الحج إلى البيت العتيقمشاهدات الحجاج وكان العديد من الحجاج البحرينيين والخليجيين تحدثوا عن زياراتهم لبيت الله الحرام بهذه المناسبة الكريمه للبقاع الطاهرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت تلك الرحلات في تلك الفترة تختلف عن أيامنا الآن فتلك الرحلات كان ما يميزها الصعوبة والتعب والمشقة، رجل مُسن من رجالات البحرين ومن سكنة المحرق ويدعى عبدالله بن إبراهيم ويبلغ من العمر70 عاماً يتحدث عن تجربته «قمت بالحج عشرين حجة متقطعة، مررت خلالها بأحداث ومواقف مثيرة «حجتي الأولى كانت عن طريق البحر من فرضة البحرين وأكملناها بالبر وعن طريق الباصات التي كانت تقلنا من الخبر «صبيخه» إلى الدمام لنواصل دربنا إلى بيت الله الحرام، وكانت الرحله طويلة وكانت هناك العديد من الاستراحات ولم يكن الباص بحالة جيدة على ما هي عليه اليوم وكان مليئاً بأعداد تفوق سعة استيعابه، وكانت معدات السفر التي لا تتجاوز أدوات بسيطة وكنا نحمل معنا مؤناً نحتاجها للطريق وحتى للحج، ومع أن وسيلة السفر كانت سريعة بالمقارنة مع الجمال التي كانت هي الناقل المعتمد في فترات سابقه إلا أن الرحلة استغرقت ثمانية أيام عن طريق محافظة تثليث مروراً ببيشة ومنها إلى مكة المكرمة ونتيجة لعدم تهيئة الطرق وصعوبة تجاوز جبال السروات بالغة الوعورة، وكنا نعد في عداد الميتين ونودع أهلنا ونوصيهم بالنساء والصغار ومن كان له مالاً أو حاجة نوصي أهلنا بسداد ديننا حتى نلتقي ربنا دون أن نحمل إثم أحد ، ويواصل الحاج عبدالله كان والدي يحدثني عن رحلتهم إلى الحج والتي كانت على الجمال بعد أن يصلوا إلى بر السعودية، وكانت الرحله تطول لعدة أسابيع وكان والدي يروي لنا مدى المرارة والمعاناة التي يواجهونها من أجل الوصول إلى مكة. الحاج أحمد علي تحدث عن حجتين في زمن أقل عناء من سابقه «كنت مررت بتجربة الحج إلى بيت الله الحرام في فترتين متباعدتين الأولى كانت في فترة الستينات وقد قطعناها في باص الله وحده يعلم بحاله وكنا ندعوا أن يصل بنا إلى بيت الله الحرام دون مشاكل رغم الصعوبات التي كانت تواجهنا في الطريق غير المرصوف وتعثره في الرمال «الطعوس « أكثر من مرة أما الفترة الثانية فهي تعتبر من الفترات الذهبية التي لايعاني فيها الحاج من عناء بعد أن نقطع الطريق عن جسر الملك فهد نجد أن كل الطرق تأخذك إلى مكة في رحلة ميسرة وشوارع معبدة ولاتستغرق منك وقتاً طويلاً بالإضافة إلى الخدمات الكبيرة التي توفرها حكومة خادم الحرمين الشريفين في السعودية لخدمة حجاج بيت الله الحرام من عيادات وفنادق وخيم وتسهيل مناسك الحج إلى العودة إلى الوطن.رحلات تاريخيةومن الرحلات التي سجلها التاريخ للعديد من الخلفاء والملوك والرحالة المسلمون والأوربيون يروي المؤرخ المصري أحمد بن علي المقريزي المعروف باسم تقي الدين المقريزي ممن اهتموا بالتأريخ لعدد كبير من رحلات الحج وخاصة الرحلات التي قام بها الخلفاء والملوك، فقد ألف رسالة بعنوان « الذهب المسبوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك» في ذي القعدة سنة 841هـ، قبل وفاته بأربع سنوات، وبدأها بفصل في حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي تسمى حجة الوداع، وحجة البلاغ، وحجة الإسلام، فقد كانت حجة الوداع لأنها آخر مرة رأى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة والبيت الحرام، وكانت حجة البلاغ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أتم فيها بلاغ رسالته للناس، وكانت حجة الإسلام لأن الله - سبحانه - أكمل فيها الدين، وأتم النعمة على المسلمين.وبعد حجة الوداع يؤرخ المقريزي لمن حج من الخلفاء والملوك، حيث تضم رسالته ثلاثة عشر خليفة، أولهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - وآخرهم الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد ثاني خلفاء بني العباس بمصر، ومن الملوك ثلاثة عشر، أولهم الصليحي علي بن محمد بن علي ملك اليمن ، الذي حج سنة 455هـ، وملك مكة ، ونشر بها العدل، وأكثر فيها من الإحسان، ومنع المفسدين وأمن الناس أمناً لم يعهدوه قبله، ورخصت بها الأسعار لكثرة ما جلب إليها بأمره، فأحبه الناس حباً زائداً، وكسا الكعبة الديباج الأبيض، وكان آخر الملوك الثلاثة عشر الذين وصف المقريزي رحلتهم للحج الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون ، الذي تولى الملك في شعبان سنة 764هـ، أما حج الخلفاء كما يقول المقريزي فأولهم أبو بكر الصديق الذي حج بالناس في خلافته سنة 12هـ، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان، أما عمر بن الخطاب فكانت خلافته عشر سنين ونصف، حج في جميعها إلا السنة الأولى فقط، فإنه حج بالناس فيها عتاب بن أسيد. وكانت خلافة عثمان اثني عشر سنة، وحج جميع سنين خلافته إلا السنة الأولى والأخيرة، وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فلم يحج في خلافته لاشتغاله بحرب الجمل وصفين، وتحدث المقريزي في رسالته عن عدد من الخلفاء والأمراء والملوك الذين رحلوا إلى مكة لفريضة الحج، فقد حج معاوية بن أبي سفيان بالناس عدة سنين، وحج عبد الله بن الزبير بالناس ثماني حجج. وحج الوليد بن عبد الملك سنة إحدى وتسعين، فلما قدم المدينة غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه وأخرج الناس منه ولم يبق غير سعيد بن المسيب فلم يجسر أحد من الحرس على أن يخرجه، فأتاه الوليد ومعه عمر بن عبد العزيز والي المدينة، فسلم عليه وسأله عن حاله، ثم انصرف وهو يقول لعمر» هذا بقية الناس»، وحج هشام بن عبد الملك سنة 106هـ. وفي العصر العباسي حج أبو جعفر المنصور عدة سنين، وحج المهدي أبو عبد الله محمد في سنة 160هـ، وحج معه ابنه هارون في جماعة من أهله، فلما قدم مكة نزع الكسوة عن الكعبة عندما رفع إليه سدنة البيت أنهم يخافون على الكعبة أن تنهدم لكثرة ما عليها من الكسوة، وكانت الكسوة لا تنزع عن الكعبة في كل عام كما هو الآن، بل تلبس كل سنة كسوة فوق الكسوة القديمة، فلما تكاثر العهد وكثر ذلك خافت السدنة على الأركان أن تنهدم لثقل ما صار عليها من الكسو، وبعد المهدي جاءت خلافة هارون الرشيد وكانت ثلاثاً وعشرين سنة، فكان يغزو سنة ويحج سنة، ولم يحج بعده خليفة من بغداد، فعندما قتل الخليفة المستعصم العباسي ببغداد انقطع الحج من العراق عن مكة من سنة 655هـ إلى سنة 666هـ، فلم يرد من هناك حاج في هذه المدة، ولكن الملك المظفر شمس الدين يوسف، وهو من ملوك اليمن، حج سنة 659هـ، وغسل الكعبة بنفسه وطيبها وكساها من داخلها وخارجها، وكان أول من كسا الكعبة من الملوك بعد مقتل المستعصم، وقد قام المظفر بمصالح الحرم وأهله، وأكثر من الصدقات ونثر على الكعبة الذهب والفضة. بيبرس وقلاوونويتحدث المقريزي في رسالته عن الملوك والسلاطين الذين حجوا من مصر، ومنهم السلطان الظاهر بيبرس البندقداري، الذي حج سنة 667هـ، ولكنه كان يخفي قصده وقت خروجه، ويتظاهر بأنه يريد العراق، وقد دخل مكة في الخامس من ذي الحجة، وأعطى خواصه جملة أموال لتصرف في الناس سراً، وعم أهل الحرمين بالكسوة التي فرقها، وصار في حجه كآحاد الناس لا يحجبه أحد ولا يحرسه إلا الله - تعالى - وبقي منفرداً يصلي وحده ويطوف وحده ويسعى وحده، فلا يعرفه إلا من يعرفه، وغسل الكعبة بيده بماء الورد، وصار بين جميع الناس على اختلاف طبقاتهم وتباين أجناسهم، وما منهم إلا من يرمي إليه بإحرامه فيغسله بيده ويناوله صاحبه.وحج السلطان الناصر محمد بن المنصور قلاوون عام 719هـ، فلما قدم مكة أظهر من التواضع والذل والمسكنة أمراً زائداً وسجد عند معاينة البيت سجود عبد ذليل، وتقدم إليه القاضي ابن جماعة، وحسّن له أن يطوف راكباً فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف راكباً. فقال: يا قاضي ومن أنا حتى أتشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ والله لا طفت إلا كما يطوف الناس.رحالة أوروبيونوفي العصور الوسطى والعصر الحديث حرص كثير من الرحالة المسلمين والأوروبيين على زيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتسجيل انطباعاتهم، عن هذه الأراضي المقدسة وما شاهدوه فيها من أشكال العيش، وصنوف العبادة، وطاف هؤلاء الرحالة بأرجاء العالم الإسلامي، وقاموا برصد شامل للبلاد وتحصيناتها والأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعوب الإسلامية.وقصد الرحالة من وراء هذه الرحلات أداء فريضة الحج، وسجلوا في كتاباتهم تفاصيل هذه الرحلات وما شاهدوه فيها من مآثر، وما تكبدوه من مشاق ومخاطر، خاصة وأن الحج في العصور الماضية كانت طرقه تفتقد إلى الأمن، وكثير ما كانت قوافل الحج تتعرض للسلب والنهب من قطاع الطرق، وهو ما اختفى منذ قيام المملكة العربية السعودية وحرص مؤسسها الملك عبد العزيز - رحمه الله - وقادة المملكة من بعده على تأمين طرق الحج، وتيسير سبله للقادمين إليه من كل بقاع الأرض، ومن أوائل الرحالة الذين احتفوا بالبقاع المقدسة، الرحالة الأندلسي أبو الحسن محمد بن جبير الكناني، الذي قام برحلة لأداء فريضة الحج وزيارة عدد من المدن والأقطار الإسلامية بدأت عام 578هـ، واستغرقت عامين وثلاثة أشهر، رحل خلالها إلى مصر والجزيرة العربية والعراق والشام وصقلية ودون مشاهداته في كتاب « اعتبار الناسك في ذكر الآثار الكريمة والمناسك».وأقام ابن جبير ثمانية أشهر وعشرة أيام، فدخلها يوم الخميس 13 من ربيع الآخر سنة 579هـ وغادرها يوم الخميس 22 من ذي الحجة من العام نفسه، بعد أن أدى فريضة الحج، وزار جميع المشاهد والآثار، وشهد ألواناً من الحياة الدينية والاجتماعية عند أهل مكة والوافدين إليها من مختلف طوائف الحجيج. وذكر ابن جبير أنه لم يغب طوال هذه المدة عن رؤية البيت العتيق إلا ثلاثة أيام: يوم عرفة وثاني يوم النحر ويوم الأربعاء السابق لمغادرته مكةفي رحاب المدينةومن الرحالة الأوربيين المستكشفين لبلاد العرب في عصر الإمبراطورية العثمانية المستشرق «جون لويس بوركهات « الذي ولد في مدينة لوزان في سويسرا ودرس في جامعتي لندن وكمبريدج اللغة العربية وعلم الفلك وعلم المعادن والكيمياء والطب والجراحة قبل أن ترشحه الجمعية الإفريقية للقيام برحلة استكشاف ثم أسلم وأطلق لحيته واتخذ هيئة شرقية، وفي مارس1809 غادر إنجلترا ليقضي ثلاث سنوات في سوريا، متخفياً في زي تاجر مسلم وفد من الهند، باسم الشيخ إبراهيم، مزوداً بتوصيات من إدارة شركة الهند الشرقية، وتنقل ما بين حلب ودمشق وتعمق في دروبها وآدابها، ثم توجه إلى لبنان وحوران، وكان أول أوروبي يشهد آثار البتراء ثم سلك طريقه إلى القاهرة، وقام برحلة إلى بلاد النوبة، ثم عبر البحر الأحمر إلى جدة وأنجز رحلته في بلاد الحجاز عام 1815م، وأعقبها برحلة إلى سيناء وخليج العقبة ثم استقر في القاهرة، وتوفي في15 أكتوبر سنة1817.فارتيما في الحجازويأتي الحديث عن رحالة آخر وهو الإيطالي « لودفيكو دي فارتيما « أو الحاج يونس كما سمى نفسه والذي قام برحلته إلى الشرق فيما بين أعوام1503 و1509م فأبحر من البندقية قاصداً مصر، ثم توجه إلى بلاد الشام ليطوف بعدها بالحجاز ثم الخليج العربي وبلاد فارس، وقد رحل دي فارتيما إلى المدينة المنورة، في قافلة ضمت ثلاثمائة من الزائرين والتجار والمماليك، وكانت رحلات الحج رغم وعورة طرقها وقساوة أجوائها تتصف بالرحمة لمن يقصدها ليعود بذاكرة مزينة بالحب بزيارة تلك ألأرض الطاهرة ولذلك تجد الحجاج يستعدون للعودة إلى بيت الله منذ اللحظة التي يعودون فيها إلى ديارهم طالبين المغفرة والرحمة والأجر من تلك الزيارات المباركة .
البيت العتيق في عيون الرحالة العرب والأوروبيين
25 سبتمبر 2015