كتب - علي الشرقاوي: تعرف الموسوعة الحرة «ويكيبيديا» اليانصيب بأنه نوع من أنواع القمار، وهي مسابقة يشتري فيها الناس تذاكر لكسب مبالغ كبيرة من المال، وفي معظم أنواع اليانصيب يشتري الناس تذاكر مرقمة من بائعين معتمدين، أو من آلات بيع التذاكر، ويتم تحديد الأرقام الفائزة في سحب عام يتم بطريقة عشوائية. وتقوم دول كثيرة بإصدار يانصيب قومي وسيلة لزيادة دخلها. على سبيل المثال، نجد في الولايات المتحدة نحو 30 ولاية، فضلاً عن واشنطن جميعها تتعامل باليانصيب، حيث تضاف الحصيلة إلى ما يجمع من ضرائب.واشتهرت فكرة اليانصيب في الآونة الأخيرة وأصبحت متداولة عبر الإنترنت، ولكن المشكلة هي أنه تم استغلال هذه الفكرة في عمليات الاحتيال بحجة اليانصيب عن طريق إرسال رسائل بالبريد الإكتروني للآخرين وإيهامهم بالفوز في اليانصيب وبمبالغ خيالية تجعل المتلقي يدلي بمعلوماته أحياناً دون انتباه. ومن أجل الاقتراب من عوالم الذين ربحوا اليناصيب في العديد من دول العالم، سنحاول إلقاء بعض الضوء على تجارب بعض الأشخاص المحظوظين في العالم وكيف كان وضعهم، ومن ثم سنتكلم عن اللعنة التي أصابت بعضهم، معتمدين على ما نشر من حالات، قد تكون مرت على البعض من القراء وقد يسمعون عنها للمرة الأولى.من متشرد إلى مليونير فاز متشرد هنغاري، لاسلو أندرزشك، بالجائزة الكبرى في «اليانصيب» التي بلغت قيمتها نحو 1.7 مليون يورو، ليصبح من أكبر رابحي مسابقات اليانصيب في هنغاريا، وفق ما ذكرت صحيفة "ذا غارديان” البريطانية. وانقلبت حياة « لاسلو أندرزشك « صاحب الـ 55 عاماً، من رجل تشرد في الشوارع إلى رجل أصبح في استطاعته أن يجول العالم، وكان استخدم ما تبقى له من «بقايا» نقود لشراء ورقة لليانصيب حتى كانت الجائزة من نصيبه. وبدأ لاسلو تسديد ديونه وشراء شقق سكنية لكل من أبنائه الثلاثة، كما بدأ التخطيط للسفر إلى إيطاليا، وأشارت زوجته أنيكو إلى أنهم سيحرصون جداً على كيفية صرفهم المال، وقالت بتواضع : « أصبحنا أغنياء وفي استطاعتنا شراء ثلاث تلفزيونات بدلاً من واحد، لكننا سنكتفي بحاجاتنا الضرورية». السيدة التي ربحت اليانصيب مرتين في ذات اليوم ، كانت « فرجينيا فايك « تلعب نفس الأرقام لورق اليانصيب، وهي تاريخ وأعمار والديها مقسمة على عام زواجهما، في اليوم التالي فازت نفس الأرقام التي لعبتها في الورقتين، وكل ورقة بقيمة مليون دولار.مليون جنيه إسترليني مرتينفاز زوجان بريطانيان بجائزة اليانصيب بقيمة مليون جنيه إسترليني للمرة الثانية خلال عامين. وتحول سائق الشاحنة "ديفيد لونج” وزوجته "كاثلين” إلى مليونيرين في 26 يوليو 2013 بعد أن فازا بأول جائزة يانصيب وطنية "اليورو مليونز”، قبل أن يكسرا احتمالات نسبتها 283 ملياراً إلى واحد، ويفوزان مجدداً بجائزة المليون جنيه إسترليني هذا العام. وقال ديفيد لونج "كنت أعلم أنه سيحين دوري للفوز مجدداً في يوم ما، وقد جاء دوري مجدداً ولا نستطيع تصديق ذلك”.وأضاف "مساء الجمعة الماضية كنت ماراً بأحد المتاجر ورأيت عشرة جوائز لليورو مليونز بقيمة مليون إسترليني وسيارة رائعة، وفكرت في أنها فرصة للمحاولة”. وأعرب لونج عن سعادته البالغة للفوز للمرة الثانية بجائزة اليانصيب هو وزوجته، مؤكدين أن ما حدث "يصعب تصديقه”.ينجو من الموت ثم يربح اليانصيب!فرانو سيلاك: في عام 1962 ركب قطاراً وانحرف عن مساره ليسقط في نهر متجمد توفي في هذه الحادثة 17 شخصاً ونجا هو.. في السنة التي بعدها ركب طائرة وانفجر بابها وهي في الجو لتسقط وتتحطم نجا منها حينما سقط على كومة قش قبل تحطم الطائرة ومات 19 شخصاً .. وفي عام 1966 استقل حافلة غرقت في نهر وغرق 4 أشخاص ونجا هو.. الحادث الرابع كان في عام 1970 حينما اشتعلت سيارته وهرب قبل ثوان من انفجار خزان الوقود.بعد 3 سنوات فقد معظم شعره بسبب مضخة الوقود التي قذفت البنزين على المحرك الساخن وتفجر النيران خلال فتحات التهوية.. وحوادث أخرى.. بعدها ربح ألان مليون دولار في «اليانصيب». لعنة اليانصيب في الجانب الآخر من الصورة، نرى أن هناك لعنة تسمى تذاكر اليانصيب، ربما نستطيع أن نراها واضحة في الحكايات العديدة التي تناقلتها الصحف وقنوات التواصل الاجتماعي ومن حكايات التذاكر. بدأ فقيراً وعاد فقيراً يحكى أن شاباً أمريكياً يدعى مايكل كارول كان مجرد عامل بسيط انقلبت حياته رأساً على عقب عام 2002 حين فاز بجائزة يانصيب قدرها 9.7 مليون جنيه إسترليني. كان مبلغاً طائلاً لم يدر الشاب الفقير ماذا يفعل به، فوزع الكثير منه بسخاء على الأهل والأصدقاء، واشترى منزلاً فخماً وسيارات حديثة وخيولاً وكلاباً.. ثم جره بعض أصدقاء السوء إلى تعاطي المخدرات، وتغيرت تصرفاته كلياً، أصبح متعالياً وسريع الغضب، فهجرته زوجته وأخذت ابنتهما الوحيدة معها، وصار يقضي جل وقته مع العاهرات.. ثم استدرجه بعض المحتالين تحت تأثير النساء والمخدرات إلى مشاريع وهمية فاشلة.. وفي النهاية، بعد ثمان سنوات من الثروة والجاه، عاد مايكل إلى حيث بدأ، تبخرت أمواله كلها بعد أن فقد زوجته وابنته وتنكر له الأهل والأصدقاء.. وأصبح يعيش على المعونة الحكومية!.ولع القمار يحكى أن إيفلين آدمز لم تكن أفضل حظاً من مايكل كارول، فرحلتها مع الملايين انتهت إلى النوم في قاطرة حقيرة على جانب الطريق. الغريب أن إيفلين لم تفز بجائزة يانصيب واحدة بل باثنتين!.فقد فازت بجائزتها الأولى عام 1985 والثانية عام 1986، وكان مجموع المبلغ الذي حصلت عليه هو 5.4 مليون دولار، وهو مبلغ ضخم بدل حياتها جذرياً. وفجأة صار الجميع يحترمونها ويتوددون إليها، وفي ذلك تقول إيفيلين: «الجميع أرادوا جزءاً من مالي، الجميع مدوا أيديهم مطالبين بالمال. وللأسف أنا لم أتعلم أن أجيبهم بأبسط كلمة في اللغة الإنجليزية.. لا.. لم أستطع قولها.. كم أتمنى لو يعود الزمان لأقوم بذلك من جديد، كنت لأتصرف بصورة أذكى». لكن عقارب الساعة لا تعود للأسف إلى الوراء. وهكذا فإن تبذير إيفيلين، مصحوباً بولعها المفرط بالقمار، كل ذلك أدى إلى إفلاسها وضياع ثروتها بالكامل.حسرة قاتلةيحكى أن وليم باد بوست ربح 16.2 مليون دولار عام 1998، وقد تمنى لاحقاً لو أنه لم يشتر تلك البطاقة الرابحة أبداً لأنها كانت السبب في تدمير حياته.. فشقيقه طمع بماله فاستأجر قاتلاً محترفاً لكي يقوم بقتله، وأحد أقربائه أوهمه بعقد صفقة رابحة ثم سرق النقود وهرب، وجرجرته حبيبته السابقة إلى المحاكم طمعاً في جزء من ثروته ونجحت في الحصول على مرادها.. ثم ألقي القبض عليه وزج به في السجن لرفعه السلاح بوجه أحد الدائنين. وفي عام 2006 أعلن وليم إفلاسه ومات في نفس السنة وحيداً في مستشفى حكومي حقير.. لقد قتلته الحسرة.نهاية مؤسفةيحكى أن بيلي بوب هاريل الذي ربح 31 مليون دولار عام 1997 لم يمت بالحسرة كسابقه، وإنما قام بإنهاء حياته بنفسه منتحراً بطلقة من مسدسه بعد أن دمر المال زواجه وكشف له زيف معدن أصدقائه وأقاربه الذين لم يتركوا طريقة ولا حيلة إلا وطرقوها من أجل نهب أمواله.مآسٍ متواليةيحكى أن الأمريكي جاك وايتيكر، كان مليونيراً أصلاً، وكان يعيش برفاهية وسعادة مع أفراد أسرته حتى فاز عام 2002 بأكبر جائزة يانصيب في تاريخ الولايات المتحدة بلغت قيمتها 314 مليون دولار.. وليته لم يفعل.. فتلك الجائزة كانت وبالاً على حياته، إذ تعرض للسرقة مرتين وكاد يفقد حياته في إحديهما.. وتم رفع ثلاث دعاوى قضائية عليه لأسباب تتعلق بالمال، وهجرته زوجته، ومات صديق حفيدته في منزله عام 2004 على إثر تناول جرعة زائدة من المخدرات، وبعد ذلك بأشهر قليلة عثرت الشرطة على جثة حفيدته ملفوفة ببطانية ومدفونة في مزرعة أحد أصدقائه. وفي عام 2007 قامت عصابة من اللصوص المحترفين بسرقة جميع أمواله من المصرف عبر تزوير 12 صكاً سحبوا رصيده بواسطتها حتى آخر فلس.. وليت المشاكل كانت إلى هذا الحد.. ففي عام 2009 عثرت الشرطة على جثة ابنته والدة حفيدته المقتولة - في إحدى المزارع القريبة من منزله، كانت مقتولة هي الأخرى!.لوسيان العجوزيحكى أن مواطناً أمريكياً سبعينياً يدعى لوسيان نولت كان يعيش بهدوء وسعادة من زوجته وابنه قبل فوزه بجائزة يانصيب مقدارها 16.9 مليون دولار عام 2009، ومنذ تلك اللحظة بدأت مشاكله، فقد وقع الطلاق بينه وبين زوجته بعد عدة أشهر بسبب خلافات مالية، ونهب الجيران والأقارب ملايين الدولارات منه مستغلين كرمه وطيبته، مما تسبب في غضب ابنه الوحيد الذي رفع دعوى في المحكمة للحجر على أبيه بتهمة الخرف، فالابن لم يكن يريد شريكاً له في مال الجائزة التي ربحها والده، أراد النقود له وحده، واشترى منزلاً فخما لزوجته التي كانت تحلم أيام فقرها بامتلاك حوض سباحة كبير في منزلها، وبما أن المال قد أتى.. فلماذا لا يكون لديها حوض سباحة، فقد شيد الابن مسبحاً كبيراً لزوجته من مال أبيه، لكن فرحتها بالمسبح لم تدم طويلاً، فبعد عدة أسابيع عثروا عليها وهي جثة هامدة تطفو على سطح مائه، لقد غرقت أثناء سباحتها في حوض السباحة الذي طالما حلمت وتاقت لامتلاكه!.. وليت الأمر انتهى عند هذا الحد، فبعد ثلاثة أسابيع على موتها قتل زوجها، ابن لوسيان، في حادث تصادم بالسيارة. وهكذا فقد وجد العجوز لوسيان نفسه وحيداً في النهاية .. ضاع المال.. وهجرته زوجته.. وقتل ابنه.. وغرقت زوجة ابنه!.رسائل نصيةيحكى أن رجلاً أمريكياً أسود يدعى أبراهام شكسبير.. قد يكون هو أشهر ضحايا لعنة أو نحس اليانصيب، إذ كان فقير الحال معدماً حين أقبل عليه الحظ فجأة، حدث ذلك عام 2006 خلال رحلة إلى ميامي برفقة صديقه مايكل فورد الذي توقف بشاحنته الصغيرة عند أحد المتاجر المنتشرة على طول الطريق من أجل شراء السجائر والمشروبات، وقبل أن يترجل من الشاحنة سأل شكسبير فيما إذا كان يود أن يشتري له شيئاً في طريقه. فطلب منه شكسبير أن يشتري بطاقتي يانصيب وأعطاه دولارين من الخمسة دولارات التي لا يملك مالاً سواها!.ثم مرت الأيام وشاء الحظ أن تفوز إحدى بطاقتي شكسبير بجائزة قدرها 30 مليون دولار، وهو الأمر الذي أوغر قلب مايكل فورد فرفع دعوى قضائية ضد صديقه إبراهام مطالباً بجزء من قيمة الجائزة بحجة أنه الذي اشترى البطاقتين، لكنه خسر تلك الدعوى لاحقاً ولم يحصل على شيء. أما شكسبير فقد تغيرت أحواله جذرياً، هجر حيه الفقير البائس وانتقل للسكن في قصر فخم بقيمة مليون دولار في أحد أرقى أحياء المدينة.. لكن نشوة الثراء لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما تسلل الضجر والحزن إلى قلبه بسبب كل أولئك الأشخاص الذين راحوا يتملقوه من أجل الحصول على جزء من ماله، حتى أنه أخبر شقيقه مرة قائلاً: «لقد كان حالي أفضل عندما كنت فقيراً».. وشكا لأحد أصدقاء طفولته قائلاً: «لقد كنت أظن أن جميع هؤلاء الناس هم أصدقائي، لكني فهمت لاحقاً أن كل ما يريدوه هو مالي فقط».وكانت الشقراء دوريس مور، الملقبة بدي دي، هي واحدة من تلك البطانة الانتهازية التي أحاطت بشكسبير، وقد أغوته وجعلته يدخل في مشاريع وهمية قامت عن طريقها بسرقة أمواله.. ثم اختفى شكسبير فجأة عام 2009 ولم يعد يراه أحد، انقطعت أخباره تماماً باستثناء بعض الرسائل النصية من هاتفه الخلوي والتي كانت تصل إلى أهله من حين إلى آخر.. وفي تلك الرسائل كان يقول: إنه هرب إلى مدينة أخرى ليبتعد من البطانة المنافقة المحيطة به. لكن الشكوك بدأت تراود عائلته حول مصيره، فتقدمت بشكوى إلى الشرطة لكشف ملابسات اختفائه، وبعد عدة أشهر تمكنت الشرطة من الوصول إلى مكانه.. فقد كان المسكين يرقد تحت خمسة أمتار من القاذورات والأتربة في حديقة منزل ديدي التي كانت قد قتلته بمساعدة عشيقها في مطلع عام 2009 بعد أن سرقت جميع أمواله.. ثم راحت تبعث الرسائل النصية من هاتفه لتوهم الناس بأنه مازال على قيد الحياة.الوجه الإيجابي للجائزة قد يكون اليانصيب، ولكن القلب المحب، يستطيع أن يحوله من نعمة خاصة إلى ما يمكن أن يفيد أكبر مجموعة من الناس المحيطين بالحاصل على جائزة اليانصيب. إذن لنقرأ هذا الخبر الجميل زوجان كنديان يفوزان بـ 10.9مليون دولار كندي في جوائز اليانصيب في يوليو السابق، ثم يتبرعان بـ 10.2 مليون دولار منها لمجموعات في مجتمعهم المحيط. وقال كل من ألين وفايلوت لارج إنهما أهل قرية وليسوا بحاجة إلى ما يزيد عما بحوزتهما حالياً.