صباحات «جاكي» خلال أيام العيد، في مدينة جنين، شمال الضفة الغربية، كما في مساءاته، مختلفة تماماً عنها في أيامه العادية، حيث يعمل بائعاً جائلاً للقهوة، التي تعتبر المشروب المفضل للشباب وكبار السن.فأيام العيد فرصته الأثيرة للتواصل مع أطفال المدينة ومخيمها، الذين يبدون وفق ما يقول «متعطشين للضحك».وجاكي هو لقب الفنان والمهرج الفلسطيني، الشاب الذي يحمل اسم أيمن حسنين «37 عاماً»، والمفارقة أن الأطفال يعرفونه بلقبه، بينما الأهالي يعرفونه باسمه، حيث يمتهن صب القهوة لهم.وفي أيام العيد الثلاثة، يكون الأطفال من عمر 6-14 سنة، على موعد مع جاكي وفرقته، في صالة سينما جنين، وسط المدينة، التي تفتقد لأي مركز ترفيهي خاص أو حكومي.أما مهنة صب القهوة التي يعتمد عليها جاكي، لكسب قوت يومه، منذ ما يزيد على 10 أعوام، فلم تمنع شغفه بالفنون عامة وتحديداً المسرح الذي بدأ من علاقته بالفنون قبل أكثر من 12 عاماً بمسرحية «عرب آخر زمن»، ومنها انطلق مكتشفاً في نفسه مساحة خاصة ومختلفة وربما مرفوضة من المجتمع المحيط به.وفي عرض أول أيام عيد الأضحى المبارك، أمس الأول، ضجت قاعة السينما بأصوات الأطفال وضحكاتهم، وصخبهم، وأغلبهم قادمون من المدينة ومخيمها وبعض القرى المحيطة، في حين أتقن «جاكي» وفرقته دوراً في ملاعبة الأطفال، ورسم الضحكة على محياهم، وكأنه طفل صغير يشبههم.وبدا جلياً تفاعل الأطفال مع العرض الذي سيتكرر 3 مرات خلال أيام العيد، حيث تعتبر هذه الفعالية بمثابة فرصة فريدة يجدها الأطفال والأهالي للتخلص من الأعباء، والترفيه عن أطفالهم.وتعتبر مهنة المهرج أو «التهريج» أحد أنواع الفنون الأدائية، وغالباً ما تتعارض مع الثقافة السائدة بالمجتمع، ما جعل من الذين يمتهنونها أمراً نادراً، فلا وجود لمهرجين محترفين بمناطق شمال الضفة الغربية، وما يجعل من الأطفال الأكثر شوقاً لهذا النوع وسط تنامي انتشار مدن الألعاب الترفيهية.يتحدث جاكي لوكالة أنباء «الأناضول» عن أن سوق البالة أو الرابش، وهو سوق شعبي يبيع الملابس المستعملة، أفاده أكثر من كل المؤسسات الفلسطينية المهتمة بالفنون، مضيفاً أنه مدين لهذا السوق الذي اشترى منه أغلب الأدوات التي يستخدمها في عروضه المسرحية.ويحاول جاكي تجنب الوضع السياسي الذي تعيشه المدينة والمخيم الذي يشهد اقتحامات إسرائيلية بشكل متكرر، مؤكداً أنه لا يحب تسييس الضحك وأن هدفه هو تخليص الأطفال من توتر يومهم والضغوط التي يتعرضون لها بفعل الحالة التي تعيشها المدينة.ويرى أن ما يقوم به يتجاوز أن يكون ترفيهاً بحتاً، لكنه يحمل أغراضاً تعليمية، وأخرى لها علاقة بتصالح الأطفال مع احتياجاتهم اليومية.وعن الصعوبات التي تعترض طريق انتشار هذا الفن الأدائي، يقول أيمن حسنين «الأهالي يريدون الترفيه لأطفالهم، وهذا أمر يزداد الطلب عليه، غير أن المشكلة هي أنهم مثلاً لا يحترمون هذه المهنة، مما يجعل النظرة العامة للمهرج دونية».وتبقى «فرقة المهرج جاكي» المساحة الأهم في العيد بالنسبة للأطفال في مدينة جنين ومخيمها وقراها التي يبلغ نسبة الأطفال دون سن الـ18 نحو 150 ألف طفل، وفق مركز الإحصاء الفلسطيني.