استطاع قادة وملوك المملكة العربية السعودية منذ النشأة الأولى للمملكة، وبفضل حكمتهم وحنكتهم السياسية وبصيرتهم الثاقبة أن يغيروا مجرى التاريخ بما يمتلكونه من مقومات الزعامة والقيادة والقدرة على صنع القرار الرشيد، وتمكنوا من قيادة البلاد من مناطق صحراوية مترامية الأطراف إلى دولة حديثة قوية موحدة ومتماسكة تتمتع بأعلى مستويات التقدم والرخاء الاقتصادي والاجتماعي والعمراني والتنمية البشرية، وتمثل واحدة من القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية العظمى على مستوى العالم. وللمملكة العربية السعودية تاريخ طويل من العراقة والأصالة والإرث الحضاري والإنساني والمحبة الدائمة في أعماق العالم العربي والإسلامي، ويمتد تاريخها العظيم إلى مئات السنين، حيث مرت بعدد من المراحل التاريخية إلى أن تأسست الدولة السعودية المعاصرة على يد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود «رحمه الله» في يوم 23 سبتمبر 1932 الموافق عام 1351هـ، معلناً إنشاء دولة حديثة تتمتع بموقع جغرافي متميز غرب آسيا وتحتل القسم الأكبر من شبه الجزيرة العربية بمساحة تقدر بأكثر من 2.25 مليون كيلومتر مربع. وتأسست «الدولة السعودية الأولى» بين «1157 - 1233هـ / 1744- 1818م»، بعد اللقاء التاريخي بين حاكم الدرعية وأميرها محمد بن سعود بن محمد بن مقرن وبين الإمام المجدد المصلح الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وتبايعا على العمل لتصحيح العقيدة، وتطبيق الشريعة الإسلامية وتحقيق التوحيد، وأن يكون الأمير محمد بن سعود إماماً للمسلمين وذريته من بعده، وهو ما عرف باتفاق الدرعية. وازدهرت هذه الدولة واتسع نفوذها كأول دولة حديثة في منطقة الجزيرة العربية منذ صدور الإسلام.ثم تأسست الدولة السعودية الثانية بين «1240-1309هـ / 1824-1891م» على يد الأمير تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، الذي كان أميراً للرياض، وعمل وعدد من أمراء آل سعود على إعادة بناء الدولة على ذات الأسس التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى، وجعل الرياض عاصمة لها، قبل أن يتم القضاء عليها أيضاً بسبب الفتن الداخلية والمؤامرات الخارجية.وأعلن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، طيب الله ثراه، توحيد البلاد وقيام «الدولة السعودية الثالثة» في 17 جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 19 سبتمبر 1932، وتسميتها باسم «المملكة العربية السعودية» ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932، ليفتح صفحة مضيئة من تاريخ الحضارة الإنسانية، حيث تحتفل المملكة حتى الآن بهذا اليوم الوطني في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام، تخليداً لذكرى توحيد المملكة وتأسيسها. ولد مؤسس الدولة السعودية الحديثة الملك عبدالعزيز في مدينة الرياض عام 1293 / 1876، وتمكن في عام 1319 / 1902 من دخول مدينة الرياض مستعيداً بذلك ملك آبائه وأجداده، وأعلن توحيد جميع مقاطعات الدولة تحت اسم «المملكة العربية السعودية» عام 1932، وعمل على تأسيس دولة حديثة تستند على الشريعة الإسلامية والسنة النبوية. وقد تعاقب على تولي الحكم في السعودية بعد الملك المؤسس، الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود، ثم الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وخلفه الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، ثم الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وجاء بعده الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمهم الله جميعا، وأخيراً خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وهو آخر ملوك السعودية من أبناء المؤسس وهو أول من سيقدم للعالم أحفاد الملك المؤسس ليكون هو آخر الملوك الأبناء الذين تحملوا مسؤولية ترسيخ دولة التوحيد والمضي بها إلى ما وصلت إليه من تمكن ومكانة.