القدس المحتلة - (الأناضول): قبل 15 عاماً، وفي مثل هذا اليوم «28 سبتمبر 2000» اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون المسجد الأقصى ومعه قوات كبيرة من جيش الاحتلال.وتجول شارون آنذاك في ساحات الأقصى، وقال إن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية، مما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين، واستشهد 7 مقاومين وجُرح 250 آخرون، كما أُصيب 13 جندياً إسرائيلياً. وشهدت مدينة القدس المحتلة مواجهات عنيفة أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت بـ«انتفاضة الأقصى».ويعتبر الطفل الفلسطيني «محمد الدرة» رمزاً للانتفاضة الثانية، فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية، في 30 سبتمبر 2000، مشاهد إعدام حية للطفل البالغ «11 عاماً» الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة.وأثار إعدام الجيش الإسرائيلي للطفل الدرة مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، وهو ما دفعهم للخروج في مظاهرات غاضبة ومواجهة الجيش الإسرائيلي، مما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات منهم. تميزت الانتفاضة الثانية مقارنة بالأولى بكثرة المواجهات، وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.وطبقاً لأرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينياً إضافة لـ 48322 جريحاً، بينما قتل 1069 إسرائيلياً وجرح 4500 آخرون. وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة - خلال انتفاضة الأقصى- لاجتياحات عسكرية وتدمير آلاف المنازل والبيوت، وكذا تجريف آلاف الدونمات الزراعية.ومن أبرز أحداث الانتفاضة الثانية اغتيال وزير السياحة بالحكومة الإسرائيلية رحبعام زئيفي على يد مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول بالأحزاب السياسية والعسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة التي اندلعت عام 2000 ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.وشهدت الانتفاضة الثانية تطوراً في أدوات المقاومة الفلسطينية مقارنة بالانتفاضة الأولى التي كان أبرز أدواتها الحجارة والزجاجات الحارقة.وعملت فصائل المقاومة - خلال الانتفاضة الثانية - على توسعة أجنحتها العسكرية، وقامت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» بتطوير سلاحها في الانتفاضة الثانية، وتمكنت من تصنيع «صواريخ» لضرب المدن والبلدات الإسرائيلية.وكانت مستوطنة «سديروت» جنوب الأراضي المحتلة على موعد مع تلقي أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع أطلقته «كتائب القسام»، بعد عام من انطلاقة انتفاضة الأقصى في 26 أكتوبر 2001، لتطور الكتائب بعد ذلك - وعلى نحو متسارع - من قدراتها في تصنيع الصواريخ حتى وصل مداها إلى كبرى المدن في إسرائيل.وتوقفت انتفاضة الأقصى في 8 فبراير 2005 بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة «شرم الشيخ». إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية لم تنته لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي واستمرار المواجهات بمدن الضفة.ويقول سياسيون فلسطينيون إن ما تشهده القدس من اقتحامات متكررة قد يكون شرارة لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. وشهدت العديد من الأحياء الفلسطينية بالقدس الشرقية - خلال الأيام الماضية - مواجهات بين قوات الشرطة الإسرائيلية وعشرات الشبان الفلسطينيين الغاضبين جراء الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة لساحات الأقصى التي لقيت تنديداً إسلامياً ودولياً.ويحذر مسؤولون فلسطينيون من أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية قد يشعل انتفاضة فلسطينية ثالثة.وكانت الانتفاضة الأولى، أو «انتفاضة الحجارة» كما يسميها الفلسطينيون، قد اندلعت يوم 8 ديسمبر 1987، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ثم انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين.ويعود سبب الشرارة الأولى للانتفاضة لقيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين على حاجز بيت حانون «إيريز» شمال القطاع.وهدأت الانتفاضة عام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية «أوسلو» بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.