أيدت محكمة النقض حكماً استئنافياً يقضي ببراءة متهمة بالزنا، ورفضت طعن النيابة العامة على الحكم بسبب وقوع جريمة الزنا خارج الدولة، إذ كانت النيابة العامة قد أسندت للمتهمين ارتكاب جريمة الزنا بعد تلقيها بلاغاً من شقيق المتهمة. وقضت محكمة أول درجة بحبس المتهمة سنة و200 جلدة متفرقة، وعلى المتهم بـ10 أشهر والإبعاد.وألغى الاستئناف عقوبة 200 جلدة على المتهمة، إلا أن محكمة النقض أعادت القضية الى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة، واستندت محكمة الاستئناف في حكم البراءة الذي أصدرته إلى شهادة ابن المتهمة بأن أمه متزوجة عرفياً بالمتهم الثاني، كما استندت إلى تنازل شقيق المتهمة عن القضية بعد تصحيح عقد الزواج العرفي إلى عقد شرعي.وكانت النيابة العامة قد وجهت الى المتهمين تهمة ارتكاب جريمة الزنا بأن أسلمت المتهمة جسدها للمتهم، فعاشرها معاشرة الأزواج مرات عدة، في أوقات مختلفة، دونما رابطة شرعية بينهما، وأحالتهما للمحاكمة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمادة 121/1 من قانون العقوبات الاتحادي، وقضت محكمة الجنايات في أبوظبي حضورياً بمعاقبة المتهمة تعزيراً بالحبس لمدة سنة من تاريخ القبض عليها وتوقيفها، مع جلدها 200 جلدة متفرقات.كما قضت غيابياً بمعاقبة المتهم الثاني تعزيراً بالحبس 10 أشهر من تاريخ القبض عليه وتوقيفه، وبجلده وبإبعاده من البلاد فور تنفيذه العقوبة. وبعد استئناف الحكم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء عقوبة الجلد الصادرة في حق المستأنفة، وتأييد الحكم في ما عدا ذلك، فطعن المتهمان المحكوم عليهما في هذا الحكم عن طريق النقض.وقضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإعادته الى المحكمة، نظراً لبطلان الحكم الابتدائي، لعدم حضور محامٍ مع المحكوم عليها أمام محكمة أول درجة. وفي إعادة المحاكمة قضت المحكمة بإلغاء الحكم الصادر بحق المتهمين وبراءتهما مما أسند إليهما من اتهامات، فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم أمام محكمة النقض، وقدم المحامي المنتدب عن المتهمين مذكرة طلب فيها رفض الطعن.وقالت النيابة في أسباب طعنها على الحكم إن حكم البراءة الصادر بحق المتهمين يشوبه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون، لأنه قضى ببراءة المتهمين استنادا إلى أسباب غير منطقية، إذ استند إلى ما لا أصل له في أوراق القضية. كما جاء في نص الحكم أن المتهمين لم يعاشرا بعضهما داخل إمارة أبوظبي، بما يخالف ما هو مقرر من اختصاص القضاء الوطني بالواقعة، لكون أحد المتهمين مواطناً إماراتياً، وذلك كله يعيب الحكم، ويستوجب نقضه، لأنه من المقرر وفقاً للمادة 22 من قانون العقوبات الاتحادي أن كل مواطن ارتكب وهو خارج الدولة فعلاً يعدّ جريمة بمقتضى أحكام هذا القانون، سواء بوصفه فاعلاً أو شريكاً، يعاقب طبقاً لأحكامه إذا عاد إلى البلاد، إذا كان ذلك الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي وقع فيه. وردت محكمة النقض على هذا الطعن بأن الخطأ القانوني، أو التكييف غير الصحيح في حكم البراءة، لا يعيبه، ما دام قد تأسس على عدم ثبوت التهمة، ومن المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم ليقضي له بالبراءة، لأن المرجع في ذلك هو ما يطمئن إليه القاضي في تقدير الدليل، وما دام الظاهر من الحكم أنه قد أحاط بعناصر الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة، وبما أن المحكمة التي أصدرت الحكم قد تشككت في إسناد الاتهام إلى المتهمين بما أوردته مدونات الحكم من أنه قد خالط الأوراق سياج كثيف من الشبهة في وقوع الجريمة منهما، وأن المتهمة الأولى قد تزوجت من المتهم الثاني عرفياً بشهادة ابنها، وهو أولى الأولياء بالنسبة لها، كما جاء في رأي فضيلة المفتي، واستخلصت من ذلك أن المتهم الثاني لم يرتكب إثماً، وأن المتهمين قدّما ما يفيد تصحيح عقد الزواج بينهما، وأن الأوراق قد خلت من دليل يقيني على حدوث المعاشرة بينهما قبل هذا الإجراء.كما ثبت تقديم شقيق المتهمة الأولى (وهو المبلغ بالواقعة) إقراراً موثقاً أمام كاتب العدل بتنازله عن الدعوى المطروحة، فإن كل هذا يعتبر لمحكمة الموضوع دلائل سائغة لما قضت به من براءة، وقضت المحكمة برفض الطعن وتأييد حكم البراءة.