عواصم - (وكالات): بدأت قوات الرئيس بشار الأسد أمس عملية برية واسعة وسط البلاد مدعومة للمرة الأولى بغطاء جوي من الطائرات الروسية، تزامناً مع تأكيد الرئيس فلاديمير بوتين أن قواته ستساند بفعالية هذه الهجمات، بينما قال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر إن «بلاده رفضت التعاون العسكري مع روسيا بشأن التنسيق حول الضربات في سوريا»، موضحاً أن «الاستراتيجية الروسية معيبة بشكل مأساوي، فيما أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أمس أن غارتين روسيتين فقط استهدفتا «داعش» في سوريا مؤكداً أن تركيا لن تقدم «أي تنازلات» في الانتهاكات الروسية لمجالها الجوي، خاصة وأن موسكو تقصف مواقع المعارضة في سوريا». وفي موقف لافت، أبدت موسكو أمس استعدادها لإجراء اتصالات مع «الجيش السوري الحر» في إشارة إلى الفصائل المصنفة بـ»المعتدلة»، رغم تكرار مسؤولين روس في الأيام الأخيرة أنهم ينتظرون شرحاً من الدول الغربية لمفهوم «المعارضة المعتدلة». وقال مصدر عسكري سوري «بدأ الجيش السوري والقوات الرديفة عملية برية على محور ريف حماة الشمالي (...) تحت غطاء ناري لسلاح الجو الروسي»، تستهدف «أطراف بلدة لطمين غرب مورك بحماة، تمهيداً للتوجه نحو بلدة كفرزيتا» التي تتعرض منذ أيام لضربات روسية جوية. ويواجه الجيش السوري في تلك المنطقة وفق المصدر، جبهة النصرة -ذراع تنظيم القاعدة في سوريا- إضافةً إلى فصائل أخرى مقاتلة بعضها إسلامية كـ»صقور الغاب وتجمع العزة». وأكد مصدر عسكري في ريف حماة «أن الجيش السوري يعمل في عملياته الأخيرة على فصل ريف إدلب الجنوبي شمال غرب البلاد عن ريف حماة الشمالي». ويسيطر «جيش الفتح» المكون من فصائل إسلامية عدة بينها جبهة النصرة وحركة أحرار الشام على محافظة إدلب. وتنتشر الفصائل الإسلامية إضافةً إلى مجموعات أخرى مقاتلة في مناطق عدة في ريف حماة الشمالي. وحاولت الفصائل خلال الأشهر الأخيرة التقدم من إدلب باتجاه حماة للسيطرة على مناطق تخولها استهداف معاقل النظام في محافظة اللاذقية غرباً التي يتحدر منها الأسد. ويسعى الجيش، وفق المصدر، إلى «تأمين طريق دمشق حلب الدولي» الذي يمر عبر حماة و»المغلق حالياً بسبب العمليات العسكرية». وتزامن بدء هذه العملية مع إعلان بوتين أن العمليات الروسية المقبلة «ستكون متزامنة مع العمليات البرية للجيش السوري» مضيفاً أن «سلاح الجو سيساند بشكل فعال هجوم الجيش السوري». وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إنه «منذ 30 سبتمبر وحتى الآن أصابت الضربات 112 هدفاً. وكثافة الضربات تتزايد»، مشيراً إلى أن «4 سفن من أسطول بحر قزوين شاركت في العملية العسكرية». ويظهر شريط فيديو ورسوم بيانية نشرتها وزارة الدفاع الروسية إطلاق الصواريخ من سفن حربية في بحر قزوين لتعبر الأجواء الإيرانية ومن ثم العراق وصولاً إلى سوريا. وبعد مقارنة الرسوم البيانية لأهداف الصواريخ مع خريطة المناطق السورية، يمكن التقدير أن أحد هذه الصواريخ سقطت في المنطقة التي تتواجد فيها مدينة الباب في حلب، فيما تظهر الصواريخ الأخرى متجهة نحو أهداف في محافظة إدلب. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، نفذت طائرات روسية أمس 23 غارة على ريف حماة الشمالي، إضافةً إلى 14 غارة استهدفت محافظة إدلب. كما أحصى مقتل مواطنتين وطفلة في «غارات لطائرات يعتقد أنها روسية» في بلدة دارة عزة في ريف حلب الشمالي الغربي. وتحدث التلفزيون الرسمي السوري عن «ضربات دقيقة على أوكار تنظيم «داعش» في مناطق عدة من حلب وريفها». ودخل النزاع السوري المتشعب الأطراف منعطفاً جديداً مع بدء روسيا شن ضربات جوية تقول إنها تستهدف تنظيم الدولة «داعش» فيما تعتبر دول غربية أن هدفها الفعلي دعم قوات الأسد في ضوء الخسائر الميدانية التي منيت بها في الأشهر الأخيرة وتنتقد استهدافها فصائل «المعارضة المعتدلة». وإزاء هذه الانتقادات، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنه «وفقاً للموقف الذي عبر عنه الرئيس بوتين فإن روسيا مستعدة للمساهمة في توحيد جهود الجيش السوري والجيش السوري الحر لمحاربة تنظيم الدولة ومجموعات إرهابية أخرى بما في ذلك التنسيق مع طلعات الطيران الروسي». وأبدت في بيان استعدادها لإجراء اتصالات مع «قادة هذه البنية لبحث إمكانية مشاركتها في العمل لوضع عملية تسوية سياسية للازمة السورية، عبر محادثات بين الحكومة والمعارضة الوطنية». وأكد بوتين أن نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند اقترح عليه في باريس «توحيد جهود» قوات الأسد والجيش السوري الحر، لكن مصادر مقربة من هولاند أعلنت أن الأخير لم يقترح هذه الفكرة لكنه ذكر بوتين «بضرورة وجود المعارضة السورية في أي مفاوضات محتملة». وقال هولاند «يجب أن نبني في سوريا مع كل الذين يمكنهم المساهمة، مستقبلاً سياسياً يعطي الشعب السوري بديلاً غير بشار الأسد أو «داعش»». وتأتي الضربات الروسية في وقت يشن الائتلاف الدولي بقيادة أمريكية غارات جوية تستهدف منذ سبتمبر 2014 تنظيم الدولة. وتجري موسكو وواشنطن منذ أيام اتصالات تهدف إلى إيجاد سبل تفادي أي احتكاك يمكن أن يحصل بين الطرفين في المجال الجوي السوري. وبعد ساعات من إعلان متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن وزارته «درست عن كثب الاقتراحات الأمريكية حول تنسيق العمليات، قال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر «لم نتفق على التعاون مع روسيا طالما أنهم مستمرون باستراتيجية خاطئة»، تتمثل «بضرب أهداف لا تعود إلى «داعش»».من جهته، أعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أن تركيا «لن تقدم تنازلات» فيما يتعلق بانتهاك الطائرات الحربية الروسية لمجالها الجوي على الحدود السورية، فيما أعلن الجيش التركي أن أنظمة صواريخ مقرها سوريا وليست روسيا تعرضت لثماني مقاتلات تركية إف 16 على الحدود مع سوريا.في سياق متصل، أعلن لواء «صقور الجبل»، وهو فصيل سوري مقاتل يتلقى دعماً أمريكياً، أن غارات روسية دمرت أمس مستودعات أسلحته الرئيسة في ريف حلب الغربي شمال البلاد. وتشهد سوريا منذ منتصف مارس 2011 نزاعاً بدأ بحركة احتجاج سلمية قبل أن يتحول إلى حرب دامية متعددة الأطراف، تسببت بمقتل أكثر من 240 ألف شخص وبتدمير هائل في البنى التحتية إضافةً إلى نزوح الملايين من السكان داخل البلاد وخارجها.