بغداد - (الجزيرة نت): تتنوع أشكال الفساد في العراق ومن هذه الأشكال رشاوى التوظيف التي يلجأ إليها الكثير من الشباب للحصول على وظيفة حكومية، لكن بعض هؤلاء الشباب يقعون ضحية للنصب في كثير من الأحيان.لم يجد الشاب العراقي «ر. ي» «27 عاماً» سبيلاً للحصول على وظيفة حكومية، سوى بدفع 7 آلاف دولار إلى إحدى الشخصيات المتنفذة في الدولة، مقابل توظيفه مهندس اتصالات في وزارة النقل.الشاب العراقي الذي رفض الإفصاح عن هويته خشية أن يفصل من الوظيفة التي يتقاضى منها راتباً شهرياً يقدر بـ900 دولار أمريكي، قال «بعد تخرجي من الجامعة فشلت جميع محاولاتي بالحصول على فرصة عمل وأصبحت جليس المنزل، رغم تقديمي على الوظائف التي تعلن في المواقع الإلكترونية لمؤسسات الدولة، لأنني لا أملك وساطة أو أنتمي لأحد الأحزاب السياسية».وأضاف «بعد أن يئست من التعيين بطريقة مباشرة، لجأت لشخص متنفذ في الدولة العراقية لعله يساعدني على التعيين، لكنه طلب مني 10 آلاف دولار، وبعد التفاوض اتفقنا على دفع 7 آلاف دولار من أجل الحصول على وظيفة جيدة في وزارة النقل». في مقابل ذلك، كانت لقصة الشاب سلام المشهداني «28 عاماً» نهاية أخرى فقد وقع ضحية لعملية نصب فبعد أن دفع مبلغ 4 آلاف دولار لم يحصل على أي وظيفة ولم يفلح في استرداد أمواله.وأكد المشهداني -الذي يحمل شهادة بكالوريوس بتخصص إدارة أعمال من جامعة بغداد- أن الوظيفة الحكومية هي الخيار الأفضل حالياً لجميع العراقيين، لأنها تضمن راتباً تقاعدياً للعائلة. وتقدر وزارة التخطيط، نسبة البطالة في العراق بنحو 15%، بينما يؤكد خبراء الاقتصاد أنها تجاوزت 25%، بسبب الحرب التي تدور ضد تنظيم الدولة «داعش» ونزوح أكثر من 3 ملايين داخل وخارج العراق. وتواجه الحكومة العراقية مصاعب في السيطرة على رشاوى التوظيف، مما دفعها لإطلاق استراتيجية لمكافحتها.من جانبه يتحدث علي محمد عن أحد أقربائه الذي يتلقى أموالاً من المواطنين لتوظيفهم في دوائر الدولة، وتمكن من جمع أكثر من 100 ألف دولار من الراغبين في التعيين، لكنه لم يستطع توظيف سوى 5 أشخاص.وأضاف أن عائلة قريبه هذا تعرضت لمشاكل كبيرة بعد مطالبة الكثير من الضحايا باسترجاع أموالهم، قبل أن يقوم أحد الضحايا باختطافه، ولم تتمكن عائلته من تسديد تلك الأموال إلا بعد بيع منزلها.بدوره أكد منسق المفتشين العموميين في مجلس الوزراء صباح الحسيني، أن «قضية الرشوة في توظيف المواطنين بدوائر الدولة واحدة من أصعب جرائم الفساد التي تواجهها الدولة لأنها عادة ما تكون غير معلنة.وأضاف أن «هيئة النزاهة ومكاتب المفتشين شنوا حملة كبيرة لمكافحة الرشوة من خلال تطبيق استراتيجية خاصة بها، مما ساهم في خفض هذه الممارسات بصورة كبيرة بين عامي 2010-2014». وأشار إلى وجود إمكانية لتقليل الرشوة في عملية التوظيف من خلال النافذة الواحدة وعدم التماس بين الموظف والمواطن، وأن يكون التوظيف عبر المواقع الإلكترونية وتشكيل لجان منصفة وعادلة تختص دون غيرها بتعيين الموظفين الجدد.من جانبه أكد الباحث العراقي عائد الهلالي، أن «الانتهازيين والشخصيات غير المهنية الموجودة في مؤسسات الدولة، تقف وراء تفاقم قضايا الرشوة ومن بينها شراء الوظائف».وأضاف أن «محاولات الدولة العراقية في الحد من هذه الظاهرة أصبحت قاصرة، وأن الحد منها يحتاج إلى وقت طويل وتفعيل وتشريع النظم القانونية والحد من الفقر والبطالة والتخلف».