تقرير - شكلت حالة انسجام الأهداف بين القطاعين العام والخاص أهمية للوصول إلى ما وصل إليه القطاع العقاري لدى دول المنطقة، وكان للإنفاق الحكومي والدعم المباشر والقوانين والتشريعات مساهمة فاعلة في تطوير القطاع العقاري والسوق العقارية لدى غالبية دول المنطقة، الأمر الذي مكنها من رفع مستوى المنافسة، وبالتالي تعزيز جاذبية السوق للاستثمار الخارجي والذي بدا واضحاً لدى العديد من المدن الرئيسة في المنطقة، وشكل العام الحالي حلقة وصل بين حالة الانتعاش والتعافي التي بدأها القطاع منذ العام 2012 وحتى نهاية العام الماضي، فيما واصل القطاع وتيرة نشاطه على مستوى المشاريع المعلن عنها لكنه خالفها على مستوى خطط الإنفاق الحكومي وقدرة القطاع الخاص على ضخ المزيد من الاستثمارات في ظروف عدم التأكد من قدرة الميزانيات على تحمل تراجع عوائد النفط والاستمرار في الإنفاق على مشاريع التنمية في الوقت ذاته.وجاء التعارض بين المشاريع العقارية التي تم الإعلان عنها وبين المؤشرات المالية والاقتصادية المتوفرة والتي تعكس ارتفاع مستوى الشكوك بقدرة معدلات النمو الاقتصادي على تنفيذ كافة المشاريع وفق الجداول الزمنية التي تم تحديدها مسبقاً كون مشاريع القطاع الخاص واستثماراته ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع التوجهات الحكومية وخطط الإنفاق الحالية والقادمة.وتظهر المؤشرات المتوفرة لدى أسواق النفط أن الاتجاه الحالي اتجاه قابل للاستمرار وأن المستويات الحالية للأسعار أصبحت أقرب إلى الواقع، وبالتالي فإن استمرار تراجع العوائد من شأنه أن يدفع دول المنطقة نحو تخفيض موازناتها السنوية للعام 2016، وذلك لتفادي الدخول في عجز الموازنات والاتجاه نحو إصدار المزيد من سندات الدين لتغطية متطلبات الإنفاق العاجلة، وضمن هذا المنظور سيسير القطاع العقاري ضمن مسارين، الأول سيكون له تأثيرات سلبية مباشرة على حجم السيولة التي سيحظى بها القطاع من إجمالي السيولة المتداولة ومن إجمالي المشاريع الحكومية، والثاني سيكون له تأثيرات سلبية على وتيرة البيع والشراء والتأجير، ذلك أن تراجع قيم السيولة سيعني انخفاض سيولة السوق العقاري وبالتالي فإن مؤشرات التراجع على أسعار الوحدات العقارية بيعاً وشراء وتأجيراً ستكون هي المسيطرة على قرارات المستثمرين والمستأجرين، الأمر الذي سيدفع إلى مزيد من التراجع على الأسعار السائدة كون انتظار المزيد من التراجع على الأسعار سيكون السمة الطاغية على قرارات المستثمرين، وبالتالي تراجع قيم السيولة والدخول في عمليات إعادة تقييم المشاريع وفقاً لتطورات السوق وأولويات خطط التنمية والإنفاق الحكومي.ويقول تقرير شركة المزايا القابضة الأسبوعي إن القطاع العقاري قد أظهر ارتفاعاً على المشاريع العقارية كماً ونوعاً، فيما حمل سيتي سكيب جلوبال 2015 الكثير من المشاريع والطموحات العقارية في المستقبل والتي قدرت بتريليون درهم وبزيادة وصلت إلى 15% عن قيمة المشروعات التي تم الإعلان عنها في العام 2014، وحمل المعرض المزيد من المؤشرات الهامة لوضع السوق العقاري على مستوى دول المنطقة والعالم، وذلك على مستوى نضج الأسواق العقارية وعودة النمو ومؤشرات الاستقرار أو التذبذب على أسعار الإيجارات والمبيعات ومستوى الثقة لدى المستثمرين ونشاط المضاربين لدى الأسواق، بالإضافة إلى معدلات العائد المتوقع من الاستثمار لدى القطاع العقاري، حيث تشكل هذه المؤشرات الأساس في اتخاذ قرارات الاستثمار على مستوى الأفراد وشركات التطوير العقاري، في حين سيكون لها دور في قدرة القائمين على السوق العقاري من تسويق المنتجات العقارية على اختلافها إذا ما استطاعت أسواق المنطقة من السيطرة على كافة الجوانب السلبية الحالية والقادمة، وبات لزاما على شركات التطوير العقاري القيام بدراسة حجم المعروض من الوحدات العقارية وبشكل خاص فئة الشقق الفاخرة والمساحات المكتبية قبل إطلاق المشاريع، حيث تشير البيانات المتداولة إلى وجود وفرة في المعروض قد تعرض المشاريع الجديدة إلى مخاطر التعثر إذا ما صحت تلك التقديرات.ويرجح تقرير المزايا وجود مخاطر ذات علاقة بحجم المعروض من الوحدات السكنية لدى العديد من المدن الرئيسة لدول المنطقة، فيما يتوقع أن تدخل إلى السوق المزيد من الوحدات السكنية، الأمر الذي يدفع باتجاه قيام شركات التطوير العقاري بإعادة تقييم خطط الطرح ومراحل التسليم لضمان تمتع السوق بالاستقرار المطلوب وبغير ذلك سيكون السوق العقاري في مواجهة مع هبوط أسعار الإيجارات، هذا ويعد مبدأ التنوع على المنتجات العقارية خياراً صائباً خلال الفترة المقبلة وان معدلات النجاح ستعتمد على القدرة على موائمة تلك المشاريع مع احتياجات السوق على المستوى المحلي وعلى مستوى متطلبات جذب الاستثمارات الخارجية لكل سوق وعلى مستوى النجاح في طرح المزيد من الخيارات أمام كافة شرائح المستثمرين أيضاً، ما يعزز من قدرة القطاع المنافسة على المستوى العالمي.ويؤكد تقرير المزايا على أن الاتجاه نحو ضخ المزيد من المشاريع السكنية لمتوسطي ومحدودي الدخل ستشكل عنوان النجاح لتلك المشاريع واستقرار السوق على حد سواء، حيث تشهد مخرجات هذه المشاريع طلباً متزايداً بما تتمتع به هذه الشريحة من أسعار مقبولة وتضاؤل فرص حدث تصحيح في الأسعار في المستقبل، وبات من المرجح أن يرتفع الطلب على هذا النوع من المشاريع استناداً إلى الطلب القادم من المشاريع متوسطة وطويلة الأجل الجاري تنفيذها لدى دول المنطقة وما ستولدها من فرص عمل للوافدين الذين يدخلون ضمن هذه الشريحة.وأشار تقرير المزايا إلى ضرورة توفر حالة من التوافق بين ما يجري إطلاقه من مشاريع عقارية طموحة وبين مؤشرات النمو المتوقعة لاقتصاديات دول المنطقة وقدرتها على الإنفاق الاستثماري وعلى مشاريع البنية التحتية خلال الفترة القادمة، ذلك أن تراجع خطط الإنفاق سيقلل من فرص نجاح المشاريع الجاري الإعلان عنها، يذكر أن القيمة الإجمالية للمشروعات العقارية التي جرى إطلاقها لدى السوق العقاري الإماراتي منذ بداية العام الحالي تقدر بـ111 مليار درهم، في حين دفعت التطورات الأخيرة التي شهدها القطاع العقاري البحريني إلى انتعاش القطاع لينمو قطاع التشييد والبناء بنسبة تجاوزت 7% في العام 2014، مدعوماً بالنمو الذي يسجله القطاع السياحي، يأتي ذلك في الوقت الذي تم عرض عدد من المشاريع العقارية الرئيسة خلال دورة سيتي سكيب قدرت بـ10 مليارات دولار للمستثمرين الدوليين، هذا وتتزايد المخاوف لدى السوق العقاري السعودي من كثرة المشاريع وعدم قدرة القطاع من استيعاب الاستثمارات المتوقع ضخها خلال السنوات القادمة والتي ستؤدي إن صحت إلى خلق أزمة تضخم تساهم وبشكل مباشر في تعطيل مشاريع السكن وتراجع جودة المشاريع. وفي السياق فقد توقع تقرير صدر مؤخراً عن صندوق النقد العربي نمو الاقتصاديات العربية كمجموعة بنسبة 2.8% خلال العام الحالي وبنسبة 3.5% خلال العام القادم، وأظهر التقرير أن الأسواق العالمية للنفط مازالت متأثرة بالتعافي الهش للاقتصاد العالمي بالإضافة إلى الضغوط ذات العلاقة بوفرة إمدادات النفط، وأشار التقرير إلى أن هذه التطورات ستؤثر على مستويات الطلب العالمي ومن ثم على أداء الاقتصاديات العربية خلال العام الحالي والقادم، يأتي ذلك في ظل ارتفاع الأهمية النسبية للإيرادات النفطية إلى ما نسبته 68% من إجمالي الإيرادات العامة للدول العربية كمجموعة، فيما توقع التقرير انخفاض معدل نمو الناتج بالأسعار الثابتة للدول العربية المصدرة للنفط إلى 2.7% خلال العام 2015 مقارنة بنسبة 3% خلال العام 2014، وتوقع التقرير تراجع نمو اقتصاديات دول مجلس التعاون إلى نحو 3% خلال العام الحالي مقارنة بنسبة نمو 3.4% في العام 2014، ويؤكد تقرير المزايا على أنه وفي حال تحققت توقعات التقرير فإن ذلك يعني اتجاه اقتصاديات دول المنطقة إلى انتهاج سياسات مالية واقتصادية أكثر تحفظا وأكثر صرامة في تبني خطط التنمية وخطط الإنفاق والعودة إلى نظام الأولويات التنموية للحد من تأثيرات تراجع عوائد النفط واستبعاد خيار اللجوء إلى الاحتياطيات في الوقت الحالي.