الأحساء والقطيف «العجير» أفضل بكثير من السيطرة على رأس الخيمة أحداث رحلة سادلييرمحاولة فهم واكتشاف لسيرته الذاتيةثار البدو ضد إبراهيم باشا وحاصروا جيشه في «الخرج» وكادوا القضاء على أفرادهسادليير أول أوروبي يزور «شقرا» منذ مائة عام وسجل معلومات عن القبائل والمدن ونشاط المنطقة مذكرات سادليير تميزت بأسلوب المراسلات الحربية وخالفت الآخرين في منح الأهمية للجزء الأخير هوجارث: سادليير نقل في مذكراته نسبة الحضر ومقارنتها بالبدو الرحل جنوب نجدسادلير رفض حمل هدية إبراهيم باشا «سرج مهترئ وفرس وحصان» للحاكم العام في الهندملك فارس طلب إبراهيم باشا لاستمالته في الموافقة على إرسال بعثة فارسية تزور المدينة المنورة سادليير: من سوء طالعي أن أتعرف على إبراهيم باشا و أكتشف شخصيته بملاحظاتي الذاتيةترك سادليير الدراسة في سن 16 والتحق بالجيش 12 سنة ليثبت أنه جندي يستطيع استخدام القلم سيفاً مذهباً وفرساً وسرجاً ولجاماً وبطانيتين ومالاً اعترافاً بدور سادليير في استقرار الأموركتب – عبدالرحمن صالح الدوسري:استكمل د.عيسى أمين الحديث عن رحلة جورج فوستر ساليير في كتاب «رحلة إلى الجزيرة العربية» والذي ترجمه للعربية د. أمين في هذا المؤلف استعرضنا في الحلقة الأولى المؤامرات والصراعات التي كانت تدور في المنطقة والحديث عن عودة ألأوضاع البحرية إلى عهد البرتغاليين واستبدالهم كقوة أجنبية بسلطة جديدة من الإنجليز، في هذه الحلقة تتواصل الصراعات بين العديد من الزعامات والدول من أجل السيطرة على هذه المناطق: توقفنا في الحلقة الماضيه عند البحرين التي كانت العقبة الوحيدة أمام أي اتصال أمام إبراهيم باشا وأمام مسقط رغم أن هذه الجزيرة كانت مستهدفة من قبل الإمام عدة مرات سابقة، وكان قلقة من سيطرة إبراهيم باشا عليها هو العائق في قيام أي نوع من التعاون بينه وبين الآخرين .المهمة الفاشلة لفوستر«قرر سادليير الالتحاق بالجيش المنسحب مع يقين كامل بأن مهمته أصبحت فاشلة، وقبل مغادرته شرق الجزيرة تطالعنا السجلات السرية لحكومة بومبي بالتعليق السياسي المؤرخ يوم العشرين من سبتمبر 1819، والذي يذكر فيه الكاتب « أنه واضح للعيان بأن منطقة الأحساء ، وميناء القطيف وما يتميز به ميناء العقير « العجير» أفضل بكثير من السيطرة على رأس الخيمة «، إن القصد من كتابه أحداث رحلة سادلييرعبر الجزيرة العربية هو إلقاء الضوء على شخصية سادليير ومحاولة فهم واكتشاف سيرته الذاتية أن الرحلة بذاتها وأحداثها تمت تغطيتها بالكامل تقريباً في كتاب «هوجارث»، ولكن لم يعلق أحد قط على مسببات ونتائج هذه الرحلة، وهذا ما نحن بصدده الآن: يبدأ د.عيسى أمين بالحديث عن هذه الحلقة « في الثاني عشر من شهر يوليو تطل جدران «مدينة الهفوف» الطينية، ويبقى سادليير فيها حتى الحادي والعشرين من نفس الشهر في انتظار تحرك الجيش المصري المنسحب إلى السُدير، مع الحامية المحمولة بستمائة جمل واصل سادليير مسيرته في الصحراء بحثاً عن إبراهيم باشا، لقد كانت الأمطار الغزيرة أولاً ثم هجمات البدو الأكثرعدوانية مفاجآت لم يكن الجيش المنسحب على استعداد لمواجهتها، ثار البدو في كل أنحاء الجزيرة ضد إبراهيم باشا وجيشه وفي إحدى المرات حاصر البدو فصيل من جيش إبراهيم باشا في « الخرج « وكادوا أن يقضوا على أفراده « انتقاماً لمقتل زعيمهم بأمر من إبراهيم باشا «، بعد مسيرة أربعة أيام من الخرج وصل سادليير إلى « شقرا « وكان أول أوروبي يزور هذه الواحة منذ مائة عام، لقد كان سادليير في قلب الجزيرة العربية، وقام بتدوين كل المعلومات المهمة عن القبائل المحيطة، والمدن والنشاط التجاري في المنطقة ومراكزه الهامة، وصلت أنباء عن تواجد إبراهيم باشا في « راس» وبعد يومين من محاولاته بالتوجه إلى الهند أو البصرة، لم يوافق ممثل إبراهيم باشا على هذا القرار إذ كانت الموافقة تعني مسؤوليته الكاملة إذا ما حدث مكروه لسادليير من قبل القبائل الناقمة، لم يعد هناك أي خيار آخر غير التوجه إلى المدينة أو « بير علي» - ثلاثة أميال غرب المدينة - والاحتمال الأخير ربما يكون أكثر مناسبة حيث إنه « كافر» ، ولن يسمح له بالدخول إلى المدينة المقدسة، حيث قبر الرسول محمد «صل الله عليه وسلم».السيف والرسالة لإبراهيم باشا يواصل د . أمين الحديث عن رحلة سادليير « في الثامن والتاسع من سبتمبر مَثُل سادليير في حضرة إبراهيم باشا وقدم السيف والرسالة ولم يلتزم الباشا بأي شيء لأنه تحت إمرة والده الذي بدوره تحت إمرة السلطان في تركيا، ولكنه اوصى بالمرافقين لسادلييروكل مايحتاج إليه للوصول إلى « ينبع «، وفي العشرين من سبتمبر انتهت رحلة العبور للجزيرة العربية، وقد دون سادليير أحداث ذلك اليوم، سرنا من « ملحة» في منطقة تتميز بمساحات واسعة منبسطة أمامنا يحدها البحر الأحمر في الغرب، ووصلت إلى ينبع في العاشرة صباحاً، إنه ميناء عربي كئيب، تحيط به الجدران المتهدمة والرديئة في البنيان، يبدو أن هذه الجدران جديدة، وقد بنيت على أساسات جدران قديمة تحيط بالبلدة من أجل حمايتها، لقد بقيت بوابة واحدة وجزء من السور القديم فقط، ولكنها لا تشبه العمارة القديمة في أي شيء، وذلك برغم قدم ميناء ينبع، في الحقيقة لم يكن سادليير على مقدرة بالجرّاف أو دوتي، وإن كان يشارك كلاهما في أسلوبه بعض الشيء، ولكن يجب أن ندرك أنه في الحقيقة جندي مأمور، ولذا تميزت مذكراته بأسلوب المراسلات الحربية ولكن يبقى سادليير في أسلوب مخالف للآخرين في إعطائه الأهمية القصوى للجزء الأخير من رحلته المذكورة، ومع أهمية الرحلة بالنسبة للجغرافيين فإنها وكما يبدو لم تكن موضع اهتمام لسادليير نفسه، وكان مثل « ابن بطوطة «، الرحالة المسلم، والذي كان يعد أعظم رحالة في زمانه، تعكس مذكرات سادليير شخصية الجندي المسؤول، كان اهتمامه بما يدور حوله ومحيطه أكثر من اهتمامه بأموره الخاصة، وبرغم تعليمه المحدود - انتهى في السادسة عشر- والتحاقه المبكر بالجيش، وعمله المتواصل - أكثر من اثنتي عشرة سنة آنذاك - وإصابته بالأمراض وصعوبة الطريق والجوع والعطش، والسفر دون دليل متمكن والزحف المتواصل وخيبة الأمل، رغم كل هذه السلبيات كانت مذكراته تتميز بدقة التدوين وصحة المعلومات الخاصة بالأسماء والأوصاف ومسميات القرى وطبيعة الأماكن التي شاهدها، لقد قام بحساب المسافات بحساب الزمن بين مكان المغادرة إلى موقع الوصول.مذكرات سادليير في عيون هوجارثيعلق هوجارث على ذلك قائلاً « لقد كان سادليير الإنسان الوحيد الذي نقل إلينا من خلال مذكراته المعلومات الوافية عن نسبة الحضر ومقارنتها بنسبة البدو الرحل في جنوب نجد، وطبيعة سكناهم وظروف الزراعة وطبيعة التجارة والنقل، وأعطانا صورة عامة لهذا المجتمع أثناء احتلال إبراهيم باشا، ورغم أن الأوروبيين الذين جاؤوا من بعده إلى هذه المنطقة قد تركوا لنا تقاريرعنها، لكنها ليست بدقة تقاريره، ولا نستطيع في أية حال الاعتماد عليها «، يقال بأن سادليير كان متمكناً من العربية وحاد المزاج، ولكن تعطينا مذكراته صورة مخالفة لذلك، فإن استخدامه للكلمات العربية « المذكور القليل منها في مذكراته « تدل على عدم مقدرة أو تمكن من اللغة، فلقد استخدم كلمة فرس بدل فراش «خادم « ، ومثال آخر لا يوجود متخصص في العربية يذكر النبي (ص) بأنه « نبي المحمدين»، وتعكس لنا المذكرات شخصيته الهادئة الصابرة في وسط من الرجال الهمجيين والعنيفين الذين ليس لديهم أي احترام مثل الفرس والهنود « للصاحب «، يقصد الرجل الأبيض إن جهله للعربية يملأ مذكراته بمعلومات وملاحظات نقلها كما هي سواء أكانت طبيعية أم جغرافية، لم تنتهِ رحلته بعد، فقد انتظر في ينبع عدة أيام في انتظار إبراهيم باشا، ولكنه لم يأتِ إلى ينبع، لذا توجه سادليير بعد عدة أيام إلى جدة في سفينة مكشوفة، وبالفعل وصل إلى المدينة بعد أربعة أيام، في جدة يلتقي سادليير بإبراهيم باشا وتسوء العلاقة ويبدي سادليير عدم رغبته في قبول هدية إبراهيم باشا « سرج مهترئ وفرس وحصان « ، للحاكم العام في الهند ويعتذر سادليير بحجة أن اللجام والسرج قديمان ولا يمكن الحصول على بديل جديد، لذا لا داعي لإرسال الهدية المذكورة، ويقول سادليير « لقد أخبرت المترجم أن يخبر صاحب السعادة – إبراهيم باشا – بأن الهدية المذكورة والتي سبق استخدامها لا تناسب مقام صاحب الفخامة والمتبوء أعلى مركز في السلطة في إدارة الحكومة البريطانية – الماركيز هايستنج Marquis Hastings ، بعد ذلك قام صاحب السعادة إبراهيم باشا بالأمر بإنزال الحصان والفرس ومزق رسالته التي أعطاها لي لنقلها إلى الحاكم العام، وطلب مني المغادرة في الغد على ظهر السفينة المعدة للتوجه إلى « مخا «، وهدّد بإرسال رسالة من القاهرة إلى الحاكم العام وإعادة السيف إلى الحاكم في الهند، لقد كان سادليير في موقف سيئ ونهايه تعيسة – لقد كان مرهقاً ومريضاً لكنه رجل ذو كرامة وفخر ومخلص – لقد كتب عن ذلك يقول: « في هذا الموقف كان المفروض أن أوافق على الأوامر، لأنه لو غيرت الرأي فإن ذلك يعني السفر على نفقتي الخاصة وإلى الوجهة التي أريدها أنا «. يضيف د . أمين « كان تاريخ هذه الأسطر الرابع عشر في نوفمبر، وبقي هو في جده إلى الثالث والعشرين من يناير 1820 عندما اقتربت سفينة بريطانية من جدة، ارتحل سادليير من جدة على ظهر السفينة البريطانية «Prince of Wales»، ومن جدة إلى مخا في اليمن والتي وصلت في 11 فبراير 1920، بعد ستة أسابيع من البقاء في اليمن، يغادر سادليير ميناء مخا متوجهاً إلى الهند ويصلها في الثامن من مايو 1820، ومثالاً لمراسلاته نذكر هذه الرسالة المرسلة إلى الحاكم العام والتي يصف فيها إبراهيم باشا، « لقد كان من سوء طالعي أن أتعرف على إبراهيم باشا، وأن أكتشف شخصيته بملاحظاتي الذاتية، وأن أقول إن عملياته العسكرية الأخيرة تميزت بالوحشية، وعدم مراعاة لأبسط المبادئ الإنسانية المقدّسة – مع عمليات نهب لمصلحته الشخصية من أموال ومتاع القبائل التي قامت بمساعدته أو مصادرة أملاك وأموال أولئك الذين اختبؤوا خوفاً منه، ووقعوا ضحايا للخديعة إذا ما آمنوا بوعوده المزيفة وانتهوا بنهاية دموية تكاد تشبع رغباته في القتل والتدمير»، وكتب سادليير رسالة أخرى وبنفس الأسلوب إلى هـ .سالت H.Salt القنصل العام في مصر آملاً أن تصل المعلومات المذكورة عن إبراهيم باشا إلى والده حاكم مصر محمد علي باشا، إذ ربما يدرك ما تسبب به ابنه وقائده إبراهيم باشا، في مكان آخر من مذكراته يذكر سادليير بأن الشاه الفارسي حاول التقرب من الباشا «حامي الأراضي المقدسة « – لقب أعطاه إبراهيم باشا لنفسه – ويكتب سادليير « بكل أسف أرسل صاحب الجلالة ملك فارس عدة رسائل إلى إبراهيم باشا في محاولة منه للتقرب من الباشا، ومن أجل الحصول على موافقة الأخير في إرسال بعثة فارسية تزور المدينة باسم الشاه وتقيم الصلاة وتقدم العطايا قرب قبررسول الله محمد»، ويواصل قوله « لن ينجح الشاه في رغباته هذه وأتقدم بكل احترام إلى ملك الملوك في فارس، وأطلب منه أن يستمر على عقيدته، وأن يطلب الخلاص على يد علي بن أبي طالب من خلال تقديم الألماس والياقوت والأحجار الكريمة إلى مقامه حيث إنها سوف تقبل دون شك، وربما تكون سبباً في تأخير زيارة عزرائيل للشاه، إنني أخشى أنه إذا ما وقع هذا الملك المؤمن في يد محمد علي باشا فإنه سوف يكتشف سريعاً بأن الباشا أحد نواب عزرائيل وأكثرهم خبرة على الأرض» ، إننا عندما ندرك بأن سادليير قد ترك الدراسة في سن السادسة عشرة والتحق بالجيش أكثر من اثنتي عشر سنة عندما تتبين لنا هذه الحقائق فإننا ندرك بأن هذه الكتابات تدل على جندي من نوع آخرإنه النوع الذي يستطيع استخدام القلم في حين فشل بعض الكتاب، لقد كانت كلماته وهو الشخص المريض المرهق الذي قطع آلاف الأميال في الصحراء تدل على رجل ذي حس أدبي رفيع، ومع هذا الحس الأدبي يطالعنا بشعور إنساني عميق حين يكتب عن مصير النساء الذين يتبعون الجيش المصري أينما ذهب، ولكنه يفاجئنا بعدم ذكر اسم المرافق « المنشي «، الذي بدونه كانت الرحلة تكاد تكون مستحيلة، ومع ذلك نستطيع أن نستشفّ من المذكرات بأن المنشي أو السكرتير كان فارسي الأصل متمكناً من اللغة العربية واستخدمه سادليير رفيقاً في السفرومترجماً وكاتباً في نفس الوقت.هلاك الحجاج العائدين من المدينةيواصل د . أمين « كان استنتاجنا مبنياً على هذا الجزء من المذكرات والتي يقول فيها « لقد هلك أغلب الحجاج العائدين من المدينة عبر الصحراء والمتوجهين إلى الخليج، أما البقية التي كتبت لها الحياة فلقد تركهم البدو دون مال أو لبس، لقد سرقوا منهم كل شيء حتى الثوب الذي يلبسونه لقد عوملوا بكل وحشية، ومن حسن حظ المنشي أنه كان أحد الذين كتبت لهم النجاة – إنه من سكان بوشهر وهو شيعي، وقد قرر الزيارة « زيارة المسجد النوابي – هكذا كتبت « المقصود بالطبع المسجد النبوي في المدينة، لقد توجه إلى مكة واستأذن مني فلم أمانع على أن يقابلني في ينبع بعد حجه « لقد وصل المنشي إلى مكة وهناك تعرف على مسؤول فارسي كان مبعوثاً لمقابلة إبراهيم باشا، وانتقل معه إلى المدينة «حيث توفي الخان المبعوث «، وحاول المنشي ومجموعة كبيرة من الفرس عبور الصحراء تحت حماية إبراهيم باشا مقابل مبالغ كبيرة من المال بقصد الوصول إلى الخليج، لكن تخلى عنهم الحرس الأتراك عند حدود المدينة وتركوهم عرضة للنهب من قبل البدو كما ذكرنا سابقاً، ومن خلال المذكرات لا نستطيع الوصول إلى مصدر المعلومات المذكورة عن المنشي في رحلة العودة من الحج، ولا عن تمكنه من العودة إلى بوشهر، هذا إلى جانب افتقار المذكرات لأية إشارة إلى لقاء سادليير بالمنشي مرة أخرى.الغزوات عبر الحدودفي مايو 1820 وصل سادليير إلى بومبي، وتم اختياره مرة أخرى لبعثة جديدة إلى « حيدر آباد»، وتذكر الرسائل السياسية الخاصة بحكومة بومبي أنه بتاريخ 6 ديسمبر 1820 « طلب الوكلاء من الحاكم إرسال بعثة تؤكد لأمير السند الموافقة على عرضه، وتم اختيار الكابتن سادليير من فرقة صاحب الجلالة السابعة والأربعين، لذلك كان القصد الرئيس من البعثة المذكورة تهدئة الخارجين على القانون من الكتش والخوسة « البلوش «، والسيطرة عليهم، كانت الاتفاقية الموقعة بين شركة الهند الشرقية - 9 نوفمبر 1920- وأمراء السند تقر بمسؤولية أمراء السند تجاه السيطرة على « الخوسة « ومنعهم من دخول المناطق التابعة للسلطة البريطانية في الهند « المادة الرابعة «، لقد وجد سادليير بأن الغزوات عبر الحدود لم تتوقف، ولذا أصر على استسلام زعماء العصابات، أووضع مبالغ مالية كتعويض للخسائر الناتجة عن ذلك، وافق أمراء السند استعادة المبالغ المذكورة، وبالفعل تم ذلك، وتم تعويض المتضررين من خزانة شركة الهند الشرقية، وكان ذلك بمثابة اتفاقية جديدة سميت « معاهدة حيدر آباد بصدد قضية السند «، تثير هذه النتائج تساؤلاتنا اليوم ونحب أن نعرف كيف استطاع ضابط واحد «سادليير» من تحقيق هذه الإنجازات!لقد تزامن الاتفاق الموقوت والدقيق والمقنع لجميع الأطراف مع نضج في شخصية سادليير، كان الفاعل الأول فيها خبرته في التعامل مع أقوام الشرق في فارس والجزيرة العربية والأمر الأخير صبره الذي لا يعرف حدوداً، كان اجتماعه بأفراد السند حلبة صراع دبلوماسي تراثي تخللته أيام من توقف المباحثات وخلافات على الألقاب، والأعراف ودعوات للغداء أو العشاء، لقد احتفظت شركة الهند الشرقية في سجلاتها بأحداث الأربعة والعشرين يوماً المذكورة - رسائل بومبي السرية -، ودونت فيها كل نقاط النقاش، قبل مغادرته أُهدى سادلييرسيفاً مذهباً وفرساً وسرجها ولجامها وبطانيتين وشالاً ومبلغاً مالياً هدية له واعترافاً بدوره في استقرار الأمور» . نهاية سادليير العملية بدراسة أحداث هذه المهمة والمدونة في سجلات شركة الهند الشرقية نجد أنه من الصعب تصديق الاتهامات التي وجهت إلى سادليير في فترة لاحقة، من قبل سكرتيرحكومة الهند، والذي قال في رسالته « لا أستطيع تصورالأسلوب الذي تعامل به سادليير مع أمراء السند، لأنه وبعد عودته من المهمة استلمنا شكوى هؤلاء الزعماء من أسلوبه الضيق وطريقته المروعة في التعامل مع الأمور»، لكن وبعد التحقيق في هذه التهم تمت تبرئة سادليير منها، لقد كان لرفضه المبلغ المالي ردود فعل مختلفة، وفي الحقيقة كانت رسالة سكرتير حاكم بومبي مفاجئة له، فقد كتب الأخير يقول « لقد أبلغني صاحب الفخامة الحاكم أن أعبر لكم عن سروره وقناعته التامة بما قمتم به تجاه أصحاب السمو أمراء السند، وأنه على قناعة بأنه كان بالإمكان قبولكم المبلغ المالي لأن ذلك يعتبرمن العادات المحلية وجزءاً من الهدية التي تقدم للمبعوث الأجنبي في أول زيارة، وقد تلقاها من قبل ممثلينا في بلاط هؤلاء الأمراء 18 فبراير 1821م، في الفترة ما بين 1821 – 1824 بقي سادليير في منطقة « الدكن «، وذلك ريثما يعطي مسؤولية جديدة تناسب مكانته، هذه المرة يرسل سادليير إلى بورما ويذكر تحت تاريخ 12 ديسمبر 1824 بأنه كان برتبة رائد وقائد لفرقة الهجوم على كوكين «Cocaine»، وأنه أيضاً شارك في معركتي بانلانج ودونابو «Panlang and Donabew»، وكانت آخر فقرة في مذكرات هذه الفترة تذكر مشاركته في الهجوم على نيبادي «Nepadee». يختم د . أمين هذا الجزء من الرحله « في مدونات وسجلات عام 1825 – 1826، يوجد وصف كامل لأحداث هذا العام وتفاصيل المعارك، ولكن رغم ذلك يسقط اسم سادليير مع أنه وحسب قوله كان نشاطه ملحوظاً وشهد به الجميع وأنه كان في الحقيقة رائداً وقائداً لفرقة في المجموعة الرئيسة بقيادة اللواء كوتون « Cotton»، والذي كان قائداً عاماً للحملة كلها، هنا تنتهي حياة سادليير العملية وكان آخر بند في مذكراته والتي غطت تلك الفترة من حياته في سبتمبر 1826 – 1828 وتحت عنوان «الهند والسفر إلى إنجلترا» واصل ماجور سادليير في يونيو 1830 وقام بشراء منزل وأحيل إلى التقاعد في 17 فبراير 1837 وانتهى به الأمر ببيع لقبه بمبلغ 1400 جنيه.« السبت القادم نكمل مع د . عيسى أمين فصولاً جديدة ومشوقة من « رحلة إلى الجزيرة العربية».
سادليير بحث عن إبراهيم باشا بـ 600 جمل وسط أمطار الصحراء وهجمات البدو
17 أكتوبر 2015