بقلم الشريف د.محمد بن فارس الحسين:كعادتي كل صباح، أنطلق بسيارتي وأتجول في مملكة البحرين الرائعة، وإذا بي في مدينة الحد بمحافظة المحرق، إنها فعلاً مدينة جميلة، ولكن ما لفت انتباهي حقاً هو ذلك المركز الرائع في شعاره، والأروع في خدماته، إنه مركز تعافٍ لجمعية التعافي من المخدرات، للتعافي من حالات الإدمان بشكل سري، عبر مساعدة المدمن، وإرشاد أسرته إلى الطريق الأمثل الذي يمكنهم من خلاله الوصول بمريضهم إلى بر الأمان والشفاء بإذن الله.نشأة «تعافي»:جمعية التعافي هي جمعية منبثقة عن لجنة التعافي من المخدرات التابع لجمعية الحدّ الخيرية، وتأسست الجمعية بموجب قرار من وزارة التنمية الاجتماعية رقم (10) لسنة 2010.رؤية «تعافي»:أن تكون فاعلة بصورة مؤثرة في نشر التوعية بين أفراد المجتمع ومساعدة من يعاني منهم من شبح تعاطي المخدرات بالطريقة الصحيحة واحتواء المتعافي من التعاطي والأخذ بأيديهم إلى طريق النجاح.رسالة «تعافي»:الإسهام من منطلق ديني ووطني في تثقيف المجتمع نحو أضرار المخدرات وكيفية التعامل مع المدمنين والعمل على احتواء المتعافين من الإدمان وتثقيفهم.أهداف «تعافي» الرئيسة:1- الهدف الوقائي التوعوي، وهو توعية المجتمع بأضرار المخدرات وآثارها المدمرة، وكيفية التعامل مع المدمن داخل الأسرة، من خلال ما يلي:طباعة الكتب والنشرات والمطويات المتخصصة في هذا الموضوع.• إقامة خط هاتفي ساخن لإسداء النصح والمشورة في كيفية التعامل الصحيحة مع المدمن.• التعاون مع مصحات ومراكز علاج الإدمان.• التنسيق مع إدارات التربية والتعليم لتقديم برامج توعية حول مخاطر الإدمان والمخدرات، يكون تنفيذها على الشريحة الطلابية في المرحلتين الإعدادية والثانوية ومن ثم المرحلة الجامعية.• إعداد قاعدة بيانات ومعلومات واسعة عن المخدرات تواكب الدراسات الحديثة وما ينشر في هذا الموضوع.• التنسيق مع الأقسام الاجتماعية بالجامعات ومراكز الدراسات والبحوث لإعداد الدراسات والأبحاث المفيدة في مجال الوقاية من المخدرات.2- الهدف العلاجي: وهو العمل على المساعدة في علاج واحتواء المدمنين المتعافين، من خلال ما يلي:• مساعدة المدمنين وأسرهم في اتخاذ قرار العلاج في مصحات علاج الإدمان.• تسهيل علاج المدمنين في المصحات الحكومية بالتعاون معها.• الحرص على تثقيف المدمنين وأسرهم بضرورة العلاج، ومتابعتهم في ذلك.• متابعة المدمنين خلال فترة علاجهم والحرص على استمراريتهم في العلاج.3- ما بعد العلاج أي بعد سحب السموم والأعراض الانسحابية الحادة:• إنشاء مركز للرعاية اللاحقة يتكون من سكن للمتعافين وقسم تدريبي وعيادة ومختبر وغيرها من الملحقات.• احتواء المدمن بعد خروجه من المصحات وكفالته لمدة سنة أو أكثر.• مساعدة المدمنين المتعافين في سبيل الوصول لحياة كريمة.• المساهمة في تقبل المجتمع للمتعافي و إعطاؤه الفرصة.4- العناية بأسر المدمنين:• تثقيف أسرة المدمن بالطرق الصحيحة للتعامل مع المدمن المتعافي، وعلاج الأسر من الإدمان المصاحب والذي يصاب به القريبان من المدمن النشط.• الرعاية الاجتماعية لهذه الأسر حسب الحاجة وذلك بالتعاون مع الجهات المختصة.• الحرص على عدم انتقال عدوى الإدمان لأفراد الأسرة الآخرين.تأسيس جمعية «تعافي»:تم الترخيص بتسجيل جمعية التعافي من المخدرات بتاريخ 06 مــارس 2012، حينها تقرر تحديد مقر الجمعية ومركز إدارتها بمدينة الحد بمحافظة المحرق.وفي بتاريخ 14 أبريل 2012 تمت دعوة الجمعية العمومية من الأعضاء المؤسسين لتشكيل مجلس الإدارة والمكون من الأعضاء التالية أسمائهم: السيد/ محمود عبدالله عبدالرحمن بوعلي- رئيس مجلس الإدارة، السيد / إبراهيم عبدالله إبراهيم حسن- نائب رئيس مجلس الإدارة، السيد/ عبدالرحمن مبارك غانم السند- أمين السر، السيد/ أسامة أحمد حافظ السورتي- الأمين المالي، السيد/ مبارك علي علي الجنيد- عضـــــو، السيد/ سمير عبدالله عبدالرحمن الخادم- عضـــــو، السيد/ يوسف عبدالله محمد البنعلي- عضـــــو، السيد/ حسن محمد حسن إبراهيم- عضـــــو، السيد/ أحمد يوسف محمود صلاح الدين- عضـــــو. كما أصدر مجلس إدارة الجمعية قراراً بتعيين السيد/ خالد محمد الحسيني مديراً تنفيذياً للجمعية يقوم من خلاله بالإشراف والإدارة على مقر الجمعية.الوسائل التي تستخدمها «تعافي»:تستخدم جمعية التعافي من المخدرات كافة الوسائل المتاحة لتحقيق أهدافها ومنها:الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، المنشورات والمطويات والإعلانات، الندوات والمؤتمرات، ورش العمل، المحاضرات والندوات في المساجد، والجامعات، والنوادي الرياضية وغيرها، إنتاج أفلام خاصة، وترجمة ما هو مناسب من الأفلام الأجنبية فيها يتعلق بمضار المخدرات، إنشاء مجموعات الدعم الذاتي، إنشاء مركز رعاية مستمرة متخصص في هذا المجال.مقر «تعافي»:مقر جمعية التعافي من المخدرات في مدينة الحد على أن تغطي نشاطاتها جميع مدن وقرى مملكة البحرين، وللجمعية الخطة بفتح فروع لها في كافة أنحاء المملكة لتحقيق رسالتها.دار الأمل:نظراً لطبيعة الإدمان وتجارب المختصين مع الكثير من حالات المدمنين الذين تلقوا العلاج في مراكز علاج الإدمان، وحين خروجهم منها عادوا للتعاطي مع أن دافعيتهم للعلاج داخل المراكز كانت مرتفعة، لذا فإن الجمعية بادرت بإنشاء منزل دار الأمل لإيواء المتعافين بعد خروجهم من المراكز المتخصصة، وتقوم فلسفة دار الأمل على النقاط التالية:• عدم تفهم الأسرة لحالة المدمن، والتعامل معه (إما تساهلاً أو شدةً).• عدم وجود جو صحي يساعد هذا المدمن على التعافي والتوبة.• عدم وجود صحبة صالحة تعينه في هذا الطريق الجديد بالنسبة له.• خروجه من جو المستشفى المقيد إلى الشارع المفتوح، بدون أن يكون هناك حالة وسط فيما بين المستشفى والشارع.• عدم تقبل مريض الإدمان من قبل المجتمع، وعدم إعطائه الثقة والكشف عن إمكانياته وقدراته وتبيين ذلك له.• الابتعاد عن الجو الإيماني الطاهر، ومجاهدة النفس.جزيل الشكر والعرفان إلى جلالة الملكيسرني في هذا المقام وبالنيابة عن أسرة جمعية تعافي أن نرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، فهو الوالد الحنون الذي يمدّ يده بالخفاء ويساعد شعبه بلا استثناء، وها هي مكرمته الأخيرة في منح الجمعية قطعة أرض مخصصة لإنشاء مقر دائم للجمعية إلى جانب إصداره المرسوم الملكي الأخير بالعفو عن بعض المحكوم عليهم لدواعي إنسانية، وحرصه حفظه الله ورعاه على تعافي هذه الفئة من أبناء الوطن وانخراطهم في المجتمع من أجل المساهمة في عجلة التنمية والإزدهار.التعاون مع وزارة الداخليةخلال الأشهر الماضية ازداد التعاون بين الجمعية وبين وحدة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية والنيابة العامة، إذ يحرص سعادة النائب العام السيد علي فضل البوعينين على متابعة المركز بشكل مستمر والعمل على معالجة المشاكل والصعوبات المواجهة، هذا بلاشك يخدم مجتمعنا البحريني ويعمل على الحدّ من انتشار الإدمان بين المواطنين.«تعافي».. جهد كبير يستحق الثناء والتقديرأبهرني الجهد الذي يبذله جميع أعضاء مجلس الإداره بلا استثناء، فقد صرح الشيخ محمود بوعلي رئيس مجلس الإدارة ببعض الخطط والسبل الفريدة التي تتبعها جمعية تعافي في سبيل تقبل المجتمع للمتعافي وإعطائه الفرصة للانخراط والعطاء. في حين يحرص الشيخ إبراهيم عبد الله إبراهيم نائب رئيس مجلس الإدارة على المشاركة في الندوات والمؤتمرات وعقد المحاضرات والورش التي تعني بفئة المدمنين بهدف الأخذ بيدهم وإرشادهم الى الطريق الصحيح للعيش والانخراط في المجتمع، كما صرح مدير الجمعية أ. خالد الحسيني بأن أعداد المدمنين في تزايد ملحوظ، إذ توقع وجود مدمن واحد على الأقل بين كل 10 أسر بحرينية، ولكن ما يشعرنا بالطمأنينة هو تضافر جهود جميع القائمين على الجمعية حتى أن العاملين فيها كانوا من المدمنين السابقين الذين تعافوا وهم على دراية كاملة في كيفية التعامل السليم مع المتعاطي.أكاديمي متخصص في العلوم الشرعية وتنمية الموارد البشريةDr.MohamedFaris@yahoo.com