حين تظهر مشكلة تخص المواطن البحريني يكثر الحديث عنها، تكتب المقالات، تنشر البرامج، وطبعاً -كرد فعل مسؤول- تطلق الوعود بالحل. لكن ما يلبث المواطن إلا أن يهدأ في انتظاره، ينسى.. ويتناسى.. نظراً لتكرار الموال ذاته مع عدد كبير من المشاكل المعلقة بلا حلول!لسنا هنا بصدد الانتقاد وإلقاء اللوم على طرف دون آخر.. ولكن نحن اليوم نواجه مشكلة مجتمعية تمس الوطن والمواطن.. مسؤولية مشتركة بحاجة إلى حل متكامل من قبل جميع الأطراف.البطالة مشكلة نساها أو تناساها المجتمع البحريني على الرغم من كونها أساساً لمشاكل أخرى كثيرة، وهي مع الأسف في تفاقم سريع ونتائجها خطيرة على المجتمع والاقتصاد والوطن ككل.ربما يتساءل البعض كيف يمكن أن تؤثر البطالة على الاقتصاد؟ أنا أقول بل غياب المسؤولية الاجتماعية وتقديم المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن هي التي تعزف على وتر الركود الاقتصادي.فهل من المنطق أن تشغر وظيفة مدة تزيد على ثلاثين سنة؟! هل من العدل أن يبقى كادر بعض المؤسسات كما هو منذ السبعينات؟ في حين وجود نسب كبيرة من الشباب البحريني «الأكفأ» بلا وظائف؟! هذا إضافة إلى أن المحافظة على خط الاقتصاد يحتاج إلى خطط واستراتيجيات فعالة وعقول شابة مؤهلة تدير الإنتاج بكيفيات حديثة ومواكبة للظروف! الإبقاء على خط واحد بلا تغيير لن يحل المشاكل الحديثة! لابد من الاستفادة من الطاقات الحديثة الشابة للوصول إلى حلول أخرى وتحريك عجلة الاقتصاد!أغرب من هذه أعداد العاطلين الشباب حكاية «الخبرة» التي يتطلبها معظم رؤساء الأعمال لشغر وظيفة ما. بل وأحياناً نجد بعض الشركات تطلب سنوات مستحيلة من الخبرة لوظيفة لا تستحق! كأمين صندوق مثلاً أو موظف استقبال أو سكرتير.والسؤال الذي يطرح نفسه دائماً، من أين تأتي الخبرة؟! حقاً.. هل لها مصدر معين كي يتم طلبها بهذه الصيغة على الرغم من علم المؤسسات جميعها.. الحكومية والخاصة بوجود الكثير من الكوادر الشابة الفعالة والمنتجة عاطلة؟!بل والبعض منهم يحمل شهادات الماجستير وشهادات احترافية أخرى.. لكن النتيجة هي كما يقال «بلها واشرب مايها».هل يدرس الطالب البحريني ويجتهد ويحصل على درجات علمية عليا كي يجلس في انتظار معجزة أو واسطة ليعمل في الوزارة أو الشركة الفلانية؟ أو يشتري خبرة تباع في الأسواق كي يقدمها لأصحاب الوظائف الشاغرة؟ أو يدرس ويكافح ليرى مؤسسات بلاده تكتظ بأصحاب الجنسيات الأخرى ولا مكان له فيها؟!هل فتحت هذه المدارس والجامعات والمعاهد كي تتكدس أعداد وأعداد من ملفات الخريجين العاطلين؟! أم بني نظام التربية والتعليم والجودة على هدف ترسيب البطالة وعلى رؤية زيادة أعداد العاطلين في المملكة؟! هل كانت خطة المنح والبعثات تهدف إلى ترك الطالب بعد تخرجه بلا وظيفة ولا إنجاز يبني به الوطن؟ إن كان الجواب بـ«لا»، فأين من يتحمل المسؤولية المجتمعية لتقديم حل لهذه المسألة المستعصية على المجتمع والمواطن على حد سواء؟!لماذا يقف المسؤولون مكتوفي الأيدي أمام مشكلة جذرية كهذه ولا يتحرك ساكن! بل على العكس كل شيء في تفاقم كلما تقدمت الأجيال!من المسؤول؟ أين دور الدولة؟ وما هو دور المؤسسات الكبيرة والصغيرة تجاه هذه المسألة التي تخص الوطن بأكمله وتمس الجميع بلا استثناء! أين المسؤولية الاجتماعية التي تقر بها المؤسسات وتتفاخر بها في عالم الصناعة والتجارة؟! لماذا الإصرار على الإبقاء على ذات الاستراتيجيات في التعامل مع المشكلة منذ زمن طويل مع العلم بفشلها في تقديم الحل للمواطن؟!استفيدوا من المواطن وأفيدوه!!دينا يوسف