يقف الحليم حيراناً أمام تلك التحليلات السياسية والتكهنات المتداولة في الإجابة عن هذا السؤال، فتارة يقال: داعش صنيعة النظام السوري، وتارة صنيعة الاستخبارات الأمريكية وتارة صنيعة «البعث»، وتارة صنيعة الاستخبارات الإيرانية والروسية، وغير ذلك من التحليلات التي لا تقف عند حد، وللأسف أن البعض يردد هذه التكهنات في إبراز أن الدليل القاطع على خطر داعش هو ما ذكروه، وما يزيد المغترين بالدواعش إلا ثباتاً، ولا مانع من وجود صفقات متبادلة بين الدواعش وسائر الضلالات؛ فيكفي اللبيب الوقوف مع أول نكبة حصلت في تاريخ المسلمين: وهي مقتل الخليفة الراشد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فمن كان وراءها؟ ومن أجج نيرانها؟ إنه ابن سبأ اليهودي، وهيج الهمج الرعاع في الخروج على عثمان رضي الله عنه.والمقصود أننا في غنية في التحذير من خطر هذه الجماعة المارقة بما أخبرنا به رسول لله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث المتواترة والمتكاثرة من أن وراءهم البدعة والضلالة التي انتحلوها، واستجرهم إليها الشيطان، وأن وراءهم الجهل بدين الإسلام الحق، ورغباتهم السياسية، وأطماعهم الدنيوية التي يهدمون بها ديار المسلمين من الداخل ليتسنى لبقية الأعداء الهدم من الخارج.ما أحوجنا إلى نشر النصوص الواردة في التحذير منهم (وأنهم كلاب النار)، (شر قتلى تحت أديم السماء)، (شر الخلق والخليقة)، (يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية)، (يقرأون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم)، (يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء)، (لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد وإرم)، (طوبى لمن قتلهم أو قتلوه)، وبهذا يتضح أنهم عُرَّة(1) على الأمة الإسلامية.لقد قال وهب بن منبه في نصيحته لرجل تأثر بفكر الخوارج: «ولو مكن الله لهم من رأيهم، لفسدت الأرض، وقطعت السبل والحج، ولعاد أمر الإسلام جاهلية، وإذاً لقام جماعة كل منهم يدعو إلى نفسه الخلافة، مع كل واحد منهم أكثر من عشرة آلاف، يقاتل بعضهم بعضاً، ويشهد بعضهم على بعض بالكفر، حتى يصبح المؤمن خائفاً على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله، لا يدري أين يسلك أو مع من يكون»، (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) [البقرة: 251]. (1) عرة: مرض عضال يهلك الجسد ويعدي قيل هو الجرب.أبومحمد صلاح محمد موسى الخلاقي
من وراء داعش؟
27 أكتوبر 2015