بيروت - (الجزيرة نت): كارثة بيئية جديدة تهدد لبنان بعد أن فاقمت الأمطار الغزيرة أزمة النفايات في شوارع العاصمة بيروت، مهددة بانتشار العديد من الأمراض، ومع اتساع الغضب الشعبي سارع المسؤولون للتهرب من الأزمة.وحدث ما كان في الحسبان وحذر منه الكثيرون، فقد أغرقت مياه الأمطار مناطق لبنانية عدة واختلطت السيول بأكوام النفايات المجمعة على جوانب الطرقات، فأنتجت خليطاً خطيراً على السلامة العامة للمواطنين مهدداً بانتشار أوبئة وأمراض إضافة إلى أضرار بيئية كبيرة.السيول التي اجتاحت الشوارع ومنازل المواطنين في بيروت وهي محملة بأكياس النفايات، شكلت صدمة للمواطنين الذين اشتكوا كثيراً من الإهمال الرسمي الذي أوصل البلد إلى هذه المأساة.وكانت الحكومة أقرت خطة لجمع النفايات المكدسة في الطرقات عبر استحداث مطامر جديدة وتفعيل عمل البلديات، لكن عوائق سياسية ورفضاً شعبياً لإقامة مطامر في مناطق معينة أعاقا تنفيذها.ومع تفاقم الأزمة سعى الوزراء المعنيون لنفض المسؤولية عنهم، فبينما أعلن وزير الزراعة أكرم شهيب أنه ينتظر استكمال مساعيه لتطبيق الخطة البيئية التي أقرتها الحكومة قبل أكثر من شهر، قال وزير الأشغال غازي زعيتر إنه «ناشد منذ أكثر من ثلاثة أشهر الوزارات لتحذيرها من مغبّة تراكم النفايات على الطرقات بصورة عشوائية، وخصوصاً مع الأمطار».ووصفت أحلام التي تعيش في بيروت المشهد بأنه مقرف، قائلة «كان ينبغي على الدولة اللبنانية أن تضع كل طاقاتها لحل هذه الأزمة بدلا من الاجتماعات والخطط العقيمة التي لم توصل إلى أي شيء».وتساءلت «كيف لا تجتمع الحكومة وتعلن حالة طوارئ في ظل ما نسمعه عبر وسائل الإعلام من مخاطر اختلاط مياه الأمطار بالنفايات المكدسة؟»، مضيفة «يجب على هذه الحكومة أن تعلن عجزها الرسمي عن حل مشاكل الشعب وتسلم السلطة إلى أشخاص قادرين على وضع الخطط وإقرار القوانين التي تحمي المواطنين وتحافظ على صورة لبنان وصحة شعبه».وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بالصور والتعليقات التي انتقدت بشدة أداء الحكومة، كما عمد عدد كبير من الناشطين إلى السخرية من الواقع الذي وصل إليه لبنان.وأطلق الناشطون وسوما «هاشتاغات» منها «#يا_خوفي_عهالبلد»، «#لبنان_يغرق»، «#اقترح_اسم_للعاصمة»، في حين كتبت إحدى الناشطات ساخرة «معالي الوزير شو يعني حالة طوارئ بيئية؟ هل يعني هذا حظر تجول النفايات بعد الساعة السابعة مساءً؟».من جانبه رأى الخبير البيئي ويلسون رزق أن لبنان دخل بهطول الأمطار مرحلة بالغة الخطورة وبات الخطر ككرة ثلج تتدحرج وترتفع نسبته كلما هطل مزيد من الأمطار، لافتاً إلى أن «الأمطار والنفايات ستشكلان سوياً البيئة الأنسب لانتشار الأوبئة ونمو أنواع من القوارض والبكتيريا، وهو ما يهدد بأمراض خطيرة يأتي على رأسها الكوليرا والسل».وقال إن «النفايات وصلت إلى كل المناطق وأيضاً إلى مجاري الأنهار وخطورتها ستتصاعد كل يوم مما يهدد بمشاكل بيئية على مستوى عال من الخطورة خصوصاً أننا مازلنا في بداية موسم الشتاء»، محذراً من أن مقداراً كبيراً من المياه الجوفية قد يكون تلوث حالياً إضافة إلى مياه البحر التي تصب فيها مياه الأمطار.من جانبه أكد الناشط في الحراك المدني محمود فقيه أن ما جرى عاد ليفضح الطبقة الحاكمة التي تقدّم مصلحتها الخاصة على مصلحة الشعب، مشيراً إلى أن الحراك المدني ربح بمشهد الأمطار مصداقيته أمام الشعب اللبناني وأثبت فساد السلطة الحاكمة.وأضاف فقيه أن مشهد الأمطار يضع رئيس الحكومة تمام سلام أمام خيارين إما أن يأخذ دوره ويضغط لإقرار المراسيم، وإما أن يقوم بما يبرئه أمام الشعب من هذه الأزمة المعيبة ويفضح كل من عرقل الحلول المقترحة لأزمة النفايات.وكان الحراك المدني في لبنان أول من حذر من أزمة النفايات وخطرها البيئي خصوصاً مع وصول الأمطار، فقد تظاهر مئات الآلاف من اللبنانيين يوم 29 أغسطس الماضي في واحدة من أكبر المظاهرات التي شهدها لبنان اعتراضاً على السياسات الحكومية.