برلين - (دويتشه فيلله): في مبنى مكون من 3 طبقات في ضواحي برلين، يقع مركز مارينفيلده لاستقبال اللاجئين الجدد إلى ألمانيا. يؤوي المركز حالياً نحو 700 لاجئ من 20 دولة، لكن غالبيتهم لا يعرفون تاريخه المرتبط بحقبة الحرب الباردة عندما انقسمت ألمانيا إلى دولتين شرقية وغربية بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة.أنشئ مبنى مركز مارينفيلده جنوب برلين عام 1950 لاستقبال اللاجئين الألمان الهاربين من ألمانيا الشرقية سابقا. ففي عام 1953 وحده، سجل هروب نحو 57 ألفاً من ألمانيا الشرقية، قاموا لاحقا بتقديم طلبات للسماح لهم بالعيش في ألمانيا الاتحادية انطلاقاً من هذا المركز.بمحاذاة مركز مارينفيلده أنشأت السلطات الألمانية في وقت لاحق متحفاً، مهمته التذكير بتلك المرحلة الحزينة من التاريخ الألماني، حينما كان مواطنون ألمان مضطرون إلى النزوح عن منازلهم.وترى مديرة المتحف مارية نوكه أن مدينة برلين «تواجه اليوم -كما في الماضي- تحديات كبيرة»، مشيرة إلى أن المدينة كانت تضم قبل إنشاء مارينفيلده 8 مراكز لاستقبال اللاجئين، ثم قرر المسؤولون فيها إنشاء مركز مارينفيلده كي يخفف العبء عن المدينة.وتضيف مديرة المتحف أنه بعد الانتهاء من أعمال البناء امتلأ المركز عن آخره، مما يعني أن العرض «لم يساير الطلب المتزايد». وهي تؤكد كذلك على أنه ليس هناك مركز آخر لإيواء اللاجئين في ألمانيا له تاريخ طويل مثل مارينفيلده الذي لم يقفل يوماً أبوابه أمام النازحين وطالبي اللجوء منذ إنشائه.في غرف كثيرة يعرض متحف المركز مراحل هجرة الألمان داخل بلدهم المنقسم آنذاك بين منطقة شرقية وأخرى غربية، والتي بدأت بداية الخمسينات بالموازاة مع التحولات السياسية التي شهدتها ألمانيا الشرقية سابقاً بسبب تأميم الأملاك من قبل الدولة ومصادرتها للأراضي، حيث شجع ذلك على نزوح الناس والفرار.يضاف إلى ذلك -بحسب مديرة المتحف- أعمال القمع والمتابعات التي مارستها الدولة الشيوعية السابقة ضد الكثيرين من المواطنين، حيث «كان الوضع لا يطاق، وكان المواطنون يتوقون للحرية، ولهذا قرروا الهرب منها».يشار إلى أن قرابة 4 ملايين شخص فروا من ألمانيا الشرقية لغاية سقوط جدار برلين عام 1989 وإعادة توحيد ألمانيا. وكان عدد المسجلين في مركز مارينفيلده بلغ حتى ذلك التاريخ نحو 1.3 مليون شخص، علماً بأن المركز ظل دائماً ممتلئاً عن آخره، وكان على الوافدين الجدد الانتظار ساعات أو أياما في العراء حتى يأتي دورهم للاستفادة من خدماته. أما الآن فقد أصبح المركز ملاذاً للفارين من الحروب، كالسوريين والعراقيين والأفغان.في المطبخ المشترك داخل مركز مارينفيلده يقوم اللاجئ السوري خالد عبدالحميد بإعداد وجبة الغداء. عادة -وكما هو الحال في الدول العربية- لا يقوم الرجال بالطبخ، بل إنهم يجدون الطعام جاهزاً على يد الزوجة أو الأخت أو الأم، وما عليهم هم إلا التوجه إلى مائدة الطعام. لكن الأمر هنا يختلف، كما يقول الشاب ذو الثلاثين ربيعاً، فهو «يطبخ وينظف ويغسل الأواني ويقوم بجميع الأعمال المنزلية».تعرف خالد عبدالحميد -الذي قدم قبل عام من الأردن- على تاريخ المركز، وزار المتحف الملتصق ببيته عدة مرات. وقال معلقاً إنه «ليس من العيب أن تكون لاجئاً، لأن الشخص يصبح لاجئاً بفعل الحروب كما هو الأمر بالنسبة للوضع الدائر عندنا في سوريا حالياً».وبالنسبة لعبدالحميد -الذي استفاد من قرار الحكومة الألمانية استقبال عدد محدد من اللاجئين السوريين في المخيمات الموزعة في دول الجوار- فإن الصور المعروضة في المتحف والتي تعود إلى خمسينات القرن الماضي وتظهر المركز غاصاً بآلاف الألمان الذين كانوا في يوم ما لاجئين، تشد من عزيمته وتعمل على مواساته، خاصة في اللحظات الصعبة من حياته في ألمانيا.
«مارينفيلده».. تاريخ في إيواء اللاجئين
28 أكتوبر 2015