الخليل - (الجزيرة نت): منذ بداية الشهر الحالي وحتى اليوم قدمت محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية 24 شهيداً، أغلبهم في المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي وفي ما يدعيه من عمليات طعن، في حين أصيب المئات بجروح، فضلاً عن عشرات المعتقلين.ووفق معطيات فلسطينية، فإن المحافظة -التي يقترب عدد سكانها من 700 ألف نسمة- قدمت عدداً آخر من أبنائها القاطنين في القدس المحتلة، وذلك من بين 68 شهيداً فلسطينياً ارتقوا منذ بداية الشهر الحالي.وفضلاً عن عاملي التاريخ والجغرافيا، فإن مدينتي القدس والخليل تعيشان ظرفاً سياسياً متشابهاً لا تعيشه باقي محافظات الضفة وغزة، وهو سيطرة الاحتلال الكاملة على البلدتين القديمتين فيهما ونشر بؤر استيطانية وسط السكان الفلسطينيين.كما تتفق المدينتان في شكل المعاناة والحواجز العسكرية وانتشار الجيش والمستوطنين والتضييق على الفلسطينيين مقابل توفير كافة سبل الراحة والحركة للمستوطنين وقتل أبرياء بحجة الطعن، وهذا ليس جديداً في الخليل وإنما يتكرر منذ سنوات. وفي تقرير صدر قبل أيام حول خريطة الاشتباك مع الاحتلال في الأراضي المحتلة، أشار مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني إلى 19 نقطة اشتباك في مدينة الخليل وقراها نتجت عنها مئات الإصابات وعدد من الشهداء.ويصف مدير المركز علاء الريماوي الخليل بأنها من أهم المدن الفلسطينية تأثيراً في أحداث الضفة، وفسر ذلك بعدة عوامل، بينها التماس المباشر مع المستوطنين «الذين يهددون الأمن المجتمعي في قلب المدينة»، ومشاركة الجامعات للفصائل والقوى السياسية الفاعلة خاصة حركتي المقاومة الإسلامية «حماس» والتحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، إضافة إلى حضور العمليات الفردية.من جهته، يشير مروان سلطان نائب محافظ الخليل إلى عاملين يربطان الخليل بالقدس، هما العامل الاجتماعي والعشائري، وفي ذات الوقت الرابط العقائدي. ويوضح المسؤول الفلسطيني أن ما نسبته 70% من عائلات القدس هي من عشائر الخليل، وما زالت تربطها بها علاقات نسب ومصاهرة وتواصل، إضافة إلى ارتباط كثير من أهلها تاريخيا بمصالح تجارية في القدس. أما عن العامل الثاني فيشير إلى روابط دينية، ففي حين تحتضن القدس المسجد الأقصى تحتضن الخليل المسجد الإبراهيمي، نسبة لنبي الله إبراهيم عليه السلام، وفيها قبور عدد من الأنبياء. ويقول إن أهالي الخليل يعتبرون مدينتهم رابع أقدس مدينة في العالم بالنسبة للمسلمين بعد مكة والمدينة والقدس، مضيفاً أن قوافل الحجاج في العهد العثماني كانت تعرج على المسجد الإبراهيمي كما المسجد الأقصى في مواسم الحج. من جهته، يشبه عضو نقابة الصحافيين في الخليل جهاد القواسمي الخليل والقدس بالتوأم الذي لا يمكن فصله، مشيراً إلى العلاقة التاريخية وتشابه أوجه المعاناة في الماضي والحاضر. وأضاف أن «الخليل تهب منتصرة كلما صرخت القدس»، مستشهداً بهبات الأقصى منذ ثورة البراق عام 1929 وحتى الاعتداءات الأخيرة على المسجد الأقصى، ومحاولة تقسيمه زمانياً ومكانياً.وأوضح أن الخليل شاركت بعدة طرق في نصرة القدس بدءاً من حرب السكاكين وانتهاء بالاشتباك مع الاحتلال ومستوطنيه في نقاط التماس.ويقول القواسمي إن سكان الخليل أكثر قدرة على تقدير الوضع وحجم المعاناة في القدس واستشرافاً لمستقبلها، موضحاً أن ما يجري تدريجياً في القدس تم قبل ذلك في الخليل، وتحديداً البلدة القديمة.وأضاف أن الاحتلال عزل البلدة القديمة في الخليل ونشر الحواجز والنقاط العسكرية بكل شارع وزقاق، ونشر البؤر الاستيطانية وكاميرات المراقبة، ودنس المسجد الإبراهيمي وقسمه «وبالتالي فإن أهالي الخليل يستشعرون أفضل من غيرهم حجم الخطر المحدق بالمسجد الأقصى، ويرون في أنفسهم خط الدفاع عنه وعن مدينة القدس».
الخليل تنتصر للقدس بالروح والدم
01 نوفمبر 2015