أنقرة - (أ ف ب): شنت تركيا غارات جديدة على مواقع المتمردين الأكراد فيما أوقفت السلطات خصوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤشر على الأساليب المتشددة التي ينوي الحزب الحاكم تطبيقها بعد فوزه الانتخابي المفاجئ. وأعرب الغرب عن مخاوف كبرى إزاء انتخابات الأحد الماضي التي أعادت الحكم المطلق إلى حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان، وسط تفاقم القلق من تعزيز تسلطه بعد فوزه الكاسح في الاستحقاق. وأعلن الجيش عن استهداف طائراته قواعد لحزب العمال الكردستاني المحظور جنوب شرق تركيا وشمال العراق.وقال الجيش في بيان «تم تدمير مخابئ ومغاور ومخازن أسلحة يستخدمها إرهابيون من المنظمة الانفصالية الإرهابية في غارات جوية». ويؤكد المحللون أن القلق من النزاع الكردي المتواصل الذي يؤرق تركيا منذ 3 عقود وسلسلة هجمات دامية لتنظيم الدولة «داعش» الإرهابي سببان رئيسيان لتصويت الناخبين لصالح حزب العدالة والتنمية. واستأنفت أنقرة الحملة الجوية العسكرية ضد متمردي حزب العمال الكردستاني بعد عودة العنف في يوليو الماضي الذي كسر وقفاً لإطلاق النار مستمراً منذ 2013 وحطم الآمال بفتح محادثات سلام جديدة لإنهاء نزاع مستمر منذ 1984 أسفر عن مقتل 45 ألف شخص.من جانبه، اعتبر نائب رئيس الوزراء يالتشن أكدوغان أن الظروف ما زالت لم تنضح لاستئناف المفاوضات. وصرح لتلفزيون إن تي في «كي نقول إن عملية السلام بدأت ينبغي أولاً إزالة العناصر المسممة لهذه العملية». وأكد أردوغان المنتصر أن الأتراك صوتوا من أجل الاستقرار والوحدة داعياً العالم أجمع إلى احترام النتيجة. وفاز حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ الذي حكم البلاد بمفرده تقريباً منذ 2002 بأكثر من نصف الأصوات وحاز 315 مقعداً مستعيداً الأكثرية النيابية التي خسرها في يونيو الماضي. وحذر المعارضون من أن تعزيز أردوغان الساعي إلى توسيع صلاحياته الرئاسية قد يؤدي إلى تفاقم تسلطه ومضاعفة الاستقطاب في البلاد المنقسمة بحدة أصلاً على المستويات السياسية والدينية والطائفية.وأمس، أوقفت الشرطة 44 شخصاً من بينهم موظفون كبار وعناصر شرطة في إطار التحقيق بشأن أنشطة أنصار الداعية الإسلامي فتح الدين غولن المقيم في الولايات المتحدة بتهمة التخطيط لإسقاط اردوغان. واتهم غولن «بقيادة جماعة إرهابية» ما أدى إلى إطلاق تحقيق واسع النطاق بتهمة الفساد في الأوساط المقربة من أردوغان في 2013 وأثار بدوره حملة تطهير كبرى في أوساط الشرطة والقضاء. وتم ذلك بعد يوم واحد على إعراب الولايات المتحدة ومهمتي مراقبة أوروبيتين عن مخاوف إزاء الحملة الانتخابية ولا سيما الحملة على الإعلام المعارض. وعبر المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست عن «القلق العميق لتعرض وسائل الإعلام والصحافيين المعارضين للحكومة للضغوط والتخويف في أثناء الحملة». وتابع «سبق أن عبرنا علناً وفي جلسات مغلقة عن مخاوفنا على حريات الإعلام وحرية التعبير والتجمع في تركيا». وأفاد أندرياس غروس رئيس وفد الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا «مع الأسف افتقرت حملة هذه الانتخابات إلى الإنصاف وطبعها إلى حد كبير شعور بالخوف». لكن مضايقة الإعلام استمرت أمس الأول مع توقيف محرر مجلة «نقطة» التي تتخذ مقراً في إسطنبول بسبب تقرير عن فوز أردوغان بعنوان «بدء الحرب الأهلية في تركيا». ونفت أنقرة ممارسة أي ضغط على الإعلام بالرغم من سلسلة توقيفات ومداهمات أثارت الضجة في أوساط تلفزيونات المعارضة. وقال نائب رئيس الوزراء يلتشن أكدوغان «ليس هناك ضغوط على وسائل الإعلام. لم يرغم أحد على السكوت في هذا البلد، هذا غير موجود».وتولى أردوغان رئاسة الوزراء في 2003 ثم أصبح في 2014 أول رئيس تركي منتخب في اقتراع مباشر، ونال في البداية إشادات الغرب لتحويله تركيا إلى ديمقراطية إسلامية نموذجية وتقويم اقتصادها المتهالك. لكن قمع الشرطة القاسي لتظاهرات احتجاجية شهدتها جميع أنحاء البلاد في 2013 والمخاوف حيال الحريات الديمقراطية أدت إلى فتور العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا. وصرح سينان أولغن من مركز دراسات الاقتصاد والسياسات الخارجية في إسطنبول «على حزب العدالة والتنمية أن يطمئن لإحرازه الأكثرية الساحقة ويبدأ بالتعامل مع وجهات نظر الأقليات والمعارضة السلمية بمزيد من الهدوء، بما يصب لصالح مفاوضات البلاد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي». وأضاف «الدرس المنبثق عن الاستحقاقين واضح: الناخبون الأتراك يريدون حكومة قوية ومستقرة، لا جهة تحكم بالدوس على خصومها».
تركيا تضرب المتمردين الأكراد وتوقف خصوم أردوغان
04 نوفمبر 2015