يتساءل الكثير اليوم عن جماعة داعش، ومن شابههم من سائر الجماعات التكفيرية، التي تتفشى اليوم في مجتمعاتنا وتبسط فرشها في البلدان التي تكثر فيها الفتن، وتدعي الجهاد كذباً، رافعة خرقة سوداء كتبت عليها «لا إله إلا الله»؛ تخدع بذلك شباباً في سن الزهور؛ فتجرهم نحو الهلاك والموت الممزوج بالخسارة والبوار.من هي هذه الجماعة؟ ومن يقف وراءها؟ وكيف ساغ لها أن ترتكب المنكرات والفواحش في حق المسلمين فضلاً عن غيرهم؟!إن من تتبع سيرة الجماعات الخارجية التكفيرية بمختلف مسمياتها، منذ أن نشأت من سالف العصر يجد أنها لم تقدم خيراً قط، ولم تعل حقاً، ولم تسقط باطلاً؛ وما جلبت إلا الدمار والخراب والإساءة للإسلام والمسلمين، وسلوك أبشع الأساليب في حربها الضروس على الإسلام وأهله، وأول ما بزغ فكرها بدأ بالاعتراض على خير من مشى على هذه الأرض رسول الهدى -صلى الله عليه وآله وسلم-، حين قال له بذرتهم «ذو الخويصرة» وهو يقسم الغنائم: «اعدل يا رسول الله.. !!» جرأة عظيمة على خير خلق الله وأعدلهم وأكملهم.وابتلاء واختباراً، شاء الله وأن كتب لهذه البذرة أن تنمو شيئاً فشيئاً؛ فأنتجت وتكاثرت وخلفت وراءها شراً عظيماً على الأمة؛ فتألبوا على الخليفة عثمان -رضي الله عنه- فحاصروه وقتلوه، ثم تجمعوا على الخليفة علي -رضي الله عنه- فحاربوه وقاتلوه ودبروا له مكيدة فاغتالوه، وسفكوا دم جمع من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- الذين وصفهم الله بأنهم صادقون، وللإيمان سابقون، وبالجنة فائزون، ووصفهم رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأنهم خير الناس وأفضلهم؛ فإذا كان أسلاف الدواعش والجماعات التكفيرية قد تجرؤوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه وسائر صحابته أطهر أهل الأرض، فكيف بمن دونهم..؟!إن هذا المنهج الذي تسلكه هذه الجماعات التكفيرية في عصرنا هو نفسه المنهج القديم، إلا أن الأساليب تنوعت، وطرق ممارسة الفحش والجرم تعددت، فإن خالفهم أحد في مسألة ما أياً كان نوعها؛ أصبح عندهم كافراً مرتداً حلال الدم والمال والعرض، فإن ظفروا به ووقع بين أيديهم ارتكبوا فيه ما لم يسبق في تاريخ البشرية، وتفننوا في قتله ذبحاً وتحريقاً ودهساً، أو دفنه حياً، أو تقطيعه أوصالاً متلذذين بذلك أيما تلذذ..!ومثل هذا الفعل لا يصدر إلا من إنسان: إما مصنوع لحرب المسلمين والتشويه لسمعتهم، وإما فاقد للعقل مغيب عن الفعل الذي يقوم به، وإما جاهل سفيه مجرم منزوع الرحمة ختم الله على قلبه وسمعه وبصره، ولا عجب، فقد أخبر رسولنا -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الصفات كلها فيهم: فوصفهم بأنهم «سفهاء الأحلام» ذوو عقول قاصرة لا تفقه شيئاً، ووصفهم بأنهم «حدثاء أسنان» صغار في السن يتصرفون تصرف الأطفال والمجانين، ووصفهم بأنهم «يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم»، أي: لا يعرفون معناه ولا يفهمون ما فيه من أحكام، ووصفهم بأنهم «يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان» وهذا الذي نشاهده ونرقبه اليوم، يقتلون أهل الإسلام ويدعون من يحارب المسلمين من أهل الأوثان، ووصل الحال بهم إلى تفجير مساجدهم واستحلال حرماتها بمن فيها، وقد لخص صلى الله عليه وسلم مصيرهم بأنهم «كلاب النار» فلا خير فيهم.فيا شباب الإسلام! من رأيتموه يحمل مثل هذا الفكر إياكم ثم إياكم ثم إياكم وأن تجالسوه، أو تسمعوا منه، أو تقرؤوا ما يكتب، أو تنظروا لما يفعل؛ فإنهم أهل ضلال ودعاة فتنة وحملة فكر خبيث، وعملاء مدسوسون على أهل الإسلام، فإذا لقيتموهم ففروا منهم فراركم من المجذوم. أبو أيوب محمد كليب