أكد الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية أهمية جهود بلورة تفكير وطني مخلص تجاه الأمن الداخلي الخليجي والذي لم يعد مقتصراً على كل دولة، حيث إننا في منظومة واحدة نواجه فيها تحديات مشتركة، فيما لفت أمين عام الملتقى د.فهد الشهابي أن التغير بالمنطقة بدأ مع انطلاق عاصفة الحزم والتي أكدت أن دول الخليج لديها القدرة على رد أي معتدٍ وصد أي عابث بأمنها. وقال د.الشهابي، في ختام أعمال الملتقى الخليجي الرابع للتخطيط الاستراتيجي، مؤخراً، برعاية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، بعنوان «هواجس أمنية» أن الإرهاب نتيجة حتمية للتطرف الذي هو بذرة للتطرف العنيف، وهو ما يعد تمهيداً للإرهاب، الأمر الذي يضع أمامنا مهمة بالغة التعقيد متمثلة في محاربة الإرهاب.وأضاف أن أي متابع يمكنه بكل سهولة أن يلاحظ ما آلت إليه الأمور في الفترة الأخيرة، وما اجتماعنا هنا إلا للقيام بدورنا كمثقفين ومهتمين في رسم ملامح خطط المرحلة القادمة، كل في مجاله.وأشار إلى أننا في أمس الحاجة الآن للمزيد من التفكير الاستراتيجي، فمن خلاله سنتمكن من استشراف إرهاصات المستقبل، وبه سنتمكن من وضع مختلف السيناريوهات وما نحتاجه من حلول.وبين أنه على الجانب السياسي فإن أعداء المنطقة يتربصون بها من كل حيد، ففي الشمال ظهرت لنا جماعة ضالة تدعى الدولة الإسلامية، وكل ما أعرفه عنها بأنها ليست بدولة وبالتأكيد هي ليست بإسلامية، وفي الشرق هنالك من لم يراع حقوق جاره، ولم يكل من التدخل في شؤوننا بكل شكل ممكن. وفي الجنوب من حاول أن يغرس خنجرا في خاصرة الجزيرة العربية. كل تلك تهديدات هدفها إضعاف المنطقة. وذكر أنه علينا أن نسعى لحماية أمن إعلامنا للقيام بدوره النبيل، فهو مرآتنا وأرشيفنا للأجيال القادمة، فالغزو الإعلامي المكثف تجاهنا بات يهدد هوية أجيالنا القادمة، فمع فتح قنوات التواصل، باتت تهديدات الأمن الإعلامي أكثر واقعية، وأصبحت عملية الحفاظ عليه أكثر تعقيدا. وعلى الجانب الاقتصادي، فأكد د.فهد أن الأزمة المالية على الأبواب، ففي الأشهر العشرة الأخيرة فقط تم إلغاء أو إيقاف مشاريع نفطية بقيمة تريليون دولار، ولكم أن تتخيلوا الوضع مع استمرار الانخفاض، وحتى تفاؤلنا بنهوض التنين الصيني اقتصاديا، داهمته أزمتهم المالية الأخيرة منذرة بعقود قادمة من السبات.وأفاد أنه لو تطرقنا للأمن الداخلي فسنجد إجماعا على أن الإرهاب بات الهاجس الأول فيه. وما الإرهاب إلا نتيجة حتمية للتطرف. فالتطرف هو بذرة للتطرف العنيف، والذي ما هو إلا تمهيد للإرهاب، وذلك يضع أمامنا مهمة بالغة التعقيد متمثلة في محاربة الإرهاب من جهة، وتجفيف منابع التطرف من جهة أخرى. فبدون المنظومة المتوازية لن تفلح جهودنا أبداً، وسنواجه يومياً إرهابيين جدداً.ونوه إلى أنه وفيما يتلعق بالأمن الاجتماعي فلم تعد تحدياتنا مقتصرة على البديهيات كالتعليم والبطالة والفقر، فقد أتت أزمة إخواننا اللاجئين لتتربع على قمة الأولويات، وهي الأزمة التي امتدت آثارها لتصل للقارة الأوروبية وبلاد العم سام.واختتم أمين عام الملتقى كلمته بالتأكيد على أهمية المنطقة استراتيجياً، موضحاً أن المنطقة ولادة، وتأثيرها امتد ليشمل جميع أرجاء المعمورة. ففشل الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المنطقة هو ما أدى إلى أفول نجمها، وتدخل روسيا رفع اسمها عالمياً وأرجعها إلى الواجهة كقوة لا يستهان بها. وقال لا أبالغ إن ذكرت أن المنطقة ستكون لاعباً أساسياً في صياغة المشهد العالمي في العقدين القادمين.وخصصت الجلسة الأولى من الملتقى للحديث عن محور «الأمن السياسي»، وقال خلالها عضو مجلس الشورى بالسعودية د.عيسى الغيث إن منطقة الخليج تعيش حالة الهاجس الأمني منذ الثورة الإيرانية، فإيران منذ 36 سنة وهي تثير المشاكل في المنطقة، داعياً إلى التحول من الظاهرة الصوتية إلى العمل الفعلي.من جانبه، قال الأكاديمي المتخصص في الدراسات الإيرانية د.محمد السلمي إن الأمن السياسي في الخليج بحاجة إلى أداة إعلامية قوية لمواجهة التحديات الخارجية وتحقيق النجاح في أعمالها. وأشار إلى أن العمل العسكري الخليجي في اليمن بعاصفة الحزم نجح على أرض الواقع، ولكن دبلوماسياً وإعلامياً لم يحقق الإقناع المطلوب لعدد من الدول الغربية.وقال عضو مجلس الشورى بالبحرين بسام البنمحمد نحن في الخليج بحاجة إلى التوحد حول مشروع واضح المعالم يعمل على حماية مصالح الخليج وترويج القومية العربية في مواجهة المشروع الإيراني الذين وصلوا لمراكز صنع القرار العالمية، ونحن متفائلون بدور السعودية لخلق كيان اقتصادي قوي في المنطقة يحمي المصالح الخليجية. وخصصت الجلسة الثانية للحديث عن «الأمن الإعلامي»، وتحدث خلالها مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام ورئيس مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية المستشار نبيل الحمر بالقول يشهد العالم اليوم تطوراً ملحوظاً في وسائل الإعلام لم تكن متاحة سابقاً، وعلينا أن ندرك أنه بقدر أهمية الوسائل إلا أنها تشكل هاجساً وخوفاً على الأمن، والقريب من العمل الإعلامي يشعر بالتحدي، خصوصاً أن هنالك وسائل تشكل ضرر بالنسبة للمعلومة المتداولة.من جانبه أكد وزير شؤون الإعلام وشؤون مجلسي الشورى والنواب البحريني عيسى الحمادي أن الأمن الإعلامي جزءاً مهماً من عملية الأمن الشاملة، خصوصاً مع الأحداث التي شهدتها المنطقة في 3 سنوات الأخيرة، والتي أدخلت المنطقة في تحديات كبيرة وفي حرب إعلامية أبرز ملامحها زرع الأيدولوجيات المتطرفة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، سواء عن طريق الإعلام التقليدي أو الحديث.من جهته، قال رئيس الجمعية السعودية للثقافة والفنون والرئيس التنفيذي للطارق للإعلام سلطان البازعي نواجه هجوماً على منطقتنا بوسائل التواصل الاجتماعي، فالواتساب وسيلة الإعلام الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط اليوم، حيث تنقل عبره رسائل مزعجة للأمن الداخلي، وفي النهاية تكون الرسائل أغلبها كاذبة، وأغلب من يستخدم هذه الأساليب هي الحركات المتطرفة لزعزعة الأمن في البلدان، كما أن الأطماع المحيطة بالمنطقة تستخدم هذه الوسائل.وخصصت الجلسة الثالثة للحديث عن «الأمن الداخلي»، وقال خلالها مساعد القائد العام لشؤون الجودة والتميز في شرطة دبي، ورئيس جمعية الإمارات للتخطيط الاستراتيجي اللواء ركن د.عبدالقدوس العبيدلي إن الخليج بحاجة إلى تجاوز مرحلة التنسيق الأمني إلى مرحلة التخطيط الاستراتيجي، وأفضلها الاستقرار الأمني القائم على استقطاب الاستثمارات.وقال المستشار الإداري الشريف د.محمد الحسيني إن التطرف الديني من أسوأ المشاكل التي يواجهها العالم، فيأتي تحت غطائها الإرهاب الفكري، فلابد من كشف هذا الغطاء الذي يتسبب بتحويل الدين إلى ايدلوجيا متطرفة.وخصصت الجلسة الرابعة للحديث عن محور «الأمن الاقتصادي»، ودعا خلالها عضو مجلس الشورى بالبحرين درويش المناعي الحكومة بالبحرين لتنويع مصادر الدخل لحماية المملكة من أي تدهور اقتصادي. وأكد أن فقدان الأمن الاقتصادي خطير جداً ويتسبب بتدهور المجتمعات، منوهاً إلى أهمية قيام تكتل اقتصادي خليجي يشكل منظومة اقتصادية قوية تسهم في ترسيخ قواعد الأمن الاجتماعي.من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية بجامعة حلوان د.محمد أبو عامود إن الأمن لا يتحقق دون تنمية الاقتصاد، مستشهداً بتجربة الاتحاد السوفيتي التي ركزت على التنمية العسكرية وأهملت التنمية الاقتصادية ما تسبب بانهيار اقتصادي كبير، ومن ثم راجعت سياستها وبدأت تهتم بالتنمية الاقتصادية. من جانب آخر، قال الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني للدراسات وأبحاث الشرق الأوسط أمجد طه إن الأمن الاقتصادي والإعلامي يحققان الأمن الداخلي، فالإعلام جزءاً من المنظومة الأمنية الذي يجب ضبط إيقاعاته على المجتمعات، وتوجيهه نحو خدمة الأمن. أما الجلسة الخامسة فكانت عن محور «الأمن الاجتماعي»، وأكدت خلالها عضو مجلس الشورى بالسعودية د.ثريا العريض أن الهدف النهائي من التطرق للمحاور الأمنية هو تحقيق «الأمن الاجتماعي»، وهو نتاج درجة التوازن ومستوى الطمأنينة التي يشعر بها المواطن.وتحدث رئيس جمعية البحرين للجودة د.خالد بو مطيع عن العنصر الثقافي «الشعور بالرضى»، وكذلك التعليم والعادات والتقاليد الموروثة والانتماء الوطني أيضاً كأبرز عناصر الثقافة في المجتمع، مشيراً إلى أن العناصر تكوّن قاعدة ثقافية للأمن الاجتماعي لتحقيق الرضا لدى الأفراد. من جانبها، قالت الكاتبة والباحثة فاطمة خليل إن ابرز عوامل الفقر هي البطالة التي يعاني منها الكثير من الشباب العربي، والفقر والبطالة يسهلان انخراط الشباب في الجماعات الدينية الإرهابية التي تتسبب في ضياع مستقبلهم وتفكيك المجتمعات.وكانت الجلسة السادسة للحديث عن محور «الأمن العسكري»، وعرف خلالها المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج د.ظافر العجمي التوازن الاستراتيجي وهو حالة الاستقرار التي لا يتمكن الغريب الإخلال بها.وأشار إلى أهمية خلق توازن الاستراتيجي خليجي إيراني خصوصاً أن دول الخليج أقوى منها جوياً، موضحاً أن دول الخليج بإمكانها تطوير مفاعل نووي سلمي متفوق بالمنطقة انطلاقاً من باب توازن الرعب.من جانبه، قال الخبير السعودي في الشؤون الأمنية والاستراتيجية العقيد متقاعد ابراهيم آل مرعي إن قوات درع الجزيرة نجحت مهمتها بالبحرين، وهي بحاجة للمزيد من الدعم لزيادة قدرتها، وبذلك لن يتجه الخليج للتحالف مع دول أخرى لمواجهة المشاكل التي تعاني منها المنطقة.وقال العضو السابق بمجلس الأمة بالكويت ناصر الدويلة إن إيران تستخدم خبراءها والخونة بمنطقتنا لتنفيذ أجندتها. وأشار إلى أن القوات الموالية لإيران تسيطر على العراق، وبذلك يتم تسهيل مرور الأسلحة والمتفجرات إلى الخليج لزعزعة أمنه.