بيروت - (الجزيرة نت، وكالات): أكد خبراء ومحللون أن «الضاحية الجنوبية في بيروت أصبحت ضحية حرب بين «حزب الله» الشيعي اللبناني، وتنظيم الدولة «داعش»، في سوريا، ونتيجة لتدخل الحزب الشيعي في معارك سوريا المجاورة، وقتاله إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، المدعوم من إيران وروسيا.وعلى بعد 20 متراً من مكان التفجير الانتحاري الأول -الذي استهدف حياً شعبياً أمس الأول في ضاحية بيروت الجنوبية- جلست والدة حسناء -التي سقطت في التفجير- مفجوعة لا تصدق أن ابنتها قضت نحبها قبل أقل من دقيقة من وصولها إلى المنزل.وكان شارع عين السكة في ضاحية بيروت الجنوبية استهدف مساء الخميس الماضي بتفجيرين انتحاريين بفارق 5 دقائق، أوقعا 44 قتيلاً و293 جريحاً جميعهم من المدنيين، وذلك رغم التدابير الأمنية المكثفة التي تعيق الوصول إلى تلك المنطقة، الواقعة قرب مستشفى ومجمع تابعان لـ»حزب الله» الشيعي اللبناني، ومدخل مخيم للاجئين الفلسطينيين.وتروي الوالدة بحسرة لمجموعة من نساء الحي تحلقن حولها، أنها كانت بانتظار ابنتها للعودة إلى المنزل في التوقيت الذي تعود فيه يومياً، قبل أن تسمع صوت الانفجار.انقبض قلب الوالدة لملمت نفسها وحاولت الخروج لاستطلاع ما حصل فسمعت صوت الانفجار الثاني، عادت إلى منزلها خائفة لكنها ما لبثت أن عاودت الخروج للاطمئنان على ابنتها، كانت النيران والدخان تحجب الرؤية وأشلاء الجثث والدماء تنتشر على الطريق، فشلت جميع محاولاتها قبل أن ينجلي المشهد ويصل الخبر بأن حسناء قضت في التفجير.واستهدف التفجير الأول الذي نفذه انتحاري يقود دراجة نارية مفخخة تجمعاً قرب محل شهير للألبسة وسط سوق شعبي مكتظ بشارع لا يتجاوز عرضه 6 أمتار، فيما استهدف التفجير الثاني ونفذه انتحاري يحمل حزاماً ناسفاً تجمعاً لأشخاص على بعد 100 متر، كانوا يركضون لإسعاف جرحى التفجير الأول.ويعد هذا التفجير الأول الذي يستهدف ضاحية بيروت الجنوبية منذ عام ونصف بعد سلسلة من 12 تفجيراً ضربت أحياء مختلفة في الضاحية وأوقعت عشرات القتلى والجرحى جميعهم من المدنيين.وقد تبنى تنظيم الدولة «داعش» عبر حسابات ومواقع تابعة له التفجير الذي ضرب أحد معاقل «حزب الله» الشيعي، كما أكدت مصادر سورية مطلعة على مواقف التنظيم قالت إن «التفجير جزء من المعركة التي يقودها التنظيم ضد «حزب الله» رداً على قتال الأخير في سوريا إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد».ولفتت المصادر إلى أن التنظيم يعتمد سياسة الرد على كل تطور في المنطقة، لذلك لا يمكن تفسير توقيت التفجير بمعزل عن التدخل الروسي وإسقاط الطائرة الروسية في مصر واشتداد المعركة في الميدان السوري.بدورها نفت مصادر أمنية، كل ما يتم تداوله بشأن اسمي الانتحاريين وجنسيتيهما وذلك بعدما ذكرت وسائل إعلامية أنهما فلسطينيان، مشيرة إلى أن أي تفصيل بهذا الشأن ليس واضحاً حتى الساعة بانتظار ما ستؤول إليه التحقيقات، باستثناء علاقتهما الأكيدة بشخص أوقف قبل يوم في طرابلس يحمل حزاماً ناسفاً لتفجيره في منطقة جبل محسن المؤيدة للنظام السوري.من جهته لم يستغرب الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد إلياس فرحات العمل الأمني الذي استهدف الضاحية، معتبراً أنه يأتي في إطار المعركة المستمرة بين «داعش» و»حزب الله» في سوريا والتي تخللها العديد من العمليات الأمنية وتفكيك العديد من الشبكات في الفترة التي لم تشهد فيها الضاحية الجنوبية تفجيرات.وقال إن «التنظيم رد على الضربات التي تلقاها في سوريا عبر تفجير الطائرة الروسية وتفجير لبنان وأدخل دراجة نارية وحزاماً ناسفاً يصعب على أي جهاز أمني كشفه، وذلك نتيجة صعوبة إدخال سيارة مفخخة إلى الضاحية بسبب التدابير الأمنية».وأضاف «ليس هناك رسالة من التفجير بل هو بكل بساطة رد قوي على عمليات «حزب الله» في سوريا، كما يحارب التنظيم الجيش السوري وروسيا»، معتبراً أنه لا يمكن اعتبار ضرب سوق مدني فيه مدنيون دون إصابة أي مسؤول أو عنصر من «حزب الله» ضربة في عمق الحزب.