بقلم: محمود عبداللهيعد اضطراب الأمن بنوعيه الجسدي والاقتصادي مصدر قلق كبير لقادة العالم، حيث تجلى ذلك في حوار المنامة الحادي عشر الذي انعقد مؤخراً في نهاية أكتوبر الماضي لمناقشة الأمن الإقليمي وتحديات التطرف. هذا الأسبوع، سيعاود المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية جمع صناع القرار في منتدى خليج البحرين IISS Bahrain Bay Forum لمناقشة التنمية الاقتصادية على خلفية الاضطرابات الإقليمية.واجه الاقتصاد العالمي مؤخراً عدة عراقيل للنمو، فبعد فترة من التوسع الشديد، تباطأ الاقتصاد الصيني، ما أدى إلى هبوط في الطلب على الطاقة، وإذا ما أخذنا في الاعتبار طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة وازدياد المعروض العالمي من النفط، يتضح إضرار تراجع الطلب على الطاقة بميزانيات الدول المصدرة للنفط، كما أدى شعور عدم اليقين حول موعد قيام المصرف الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بزيادة معدلات الفائدة إلى حالة من الحذر في الأسواق العالمية.قد تحمل حالة التوجس هذه فرصاً ثمينة للتنمية. فمصدرو النفط ينظرون بجدية إلى تنويع مصادر الدخل لاقتصاداتهم لتقليل الاعتماد على عوائد المحروقات، ويجري استكشاف قطاعات جديدة من شأنها أن تنشئ نمواً جديداً ذا سلاسل قيمة جديدة وقاعدة أعرض. تحاول الحكومات من خلال هذه الاستراتيجيات تحقيق نمو اقتصادي لا يكون عرضة للتذبذب الشديد بتغير أسعار السلع.بالإمكان أيضاً تحقيق النمو الثابت عن طريق الترابط الذي يسمح بالنفاذ إلى أسواق أكبر، ما يزيد إمكانية التعاون التجاري والاقتصادي. لذا نجد الشرق الأوسط شديد الاهتمام بمشروع طريق الحرير الصيني المعروف بـ»مبادرة حزام واحد طريق واحد» أو OBOR التي أطلقتها الصين عام 2013 لترويج المشاركة الاقتصادية عبر حوالي 60 دولة في آسيا الوسطى، مروراً بأوروبا والشرق الأوسط. هذه المبادرة ستسمح للمنشآت الصينية بما فيها المشاريع المملوكة للدولة بالتوسع في استثماراتها وعملياتها عبر طريق الحرير إلى مدىً يصل لغاية شمال أفريقيا.رحبت اقتصادات الشرق الأوسط بهذه الفرصة لتكوين مشاريع استثمارية مشتركة تتجاوز في مداها التجارة البسيطة، وهذا يصبح ممكناً فقط مع اتجاه هذه الاقتصادات نحو تنويع مخرجاتها وتقديم الاستثمارات العالية ذات القيمة المضافة في القطاعات غير النفطية. كذلك تشمل جهود تنويع مصادر الدخل خلق وظائف عالية المهارة للخريجين الشباب لتجنب مشكلة رأس المال البشري غير المستغل. فلدى الشرق الأوسط نسبة كبيرة من التعداد السكاني في سن العمل، إلا أنه يواجه مشكلة في تحسين مهارات العمال. تتطلب فجوة المهارات اليوم اهتماماً جاداً واستراتيجيات طويلة المدى لتداركها. اتخذت دول مجلس التعاون عدة خطوات في الاتجاه الصحيح عن طريق بناء برامج تدريبية تمكن العمال المحليين من المساهمة للاقتصادات الناشئة القائمة على المعرفة.ستتم مناقشة جميع هذه المواضيع في منتدى خليج البحرين الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في فندق فور سيزونز يومي 28 و29 نوفمبر الجاري. وسيشهد افتتاح المنتدى مناقشات حول اتجاهات الاقتصاد العالمي من قبل بعض أبرز الاقتصاديين من الولايات المتحدة والصين، من مؤسسات مرموقة مثل جامعة هارفارد ومصرف جولدمان ساكس والأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية. تشمل قائمة المتحدثين وزراء وقادة أعمال يتباحثون فيما بينهم حول فرص العمل والمخاطر القائمة، والروابط التي تجمع بين الاقتصادات الناشئة والشرق الأوسط، ويختتم المنتدى أعماله بتناول الطريقة المثلى التي ستتمكن بواسطتها دول الخليج من الانضمام إلى صناعة التكنولوجيا العالمية. *باحث مساعد في البرنامج الجيو-اقتصادي والاستراتيجي، المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS
التنمية الاقتصادية في زمن اضطراب الأمن الإقليمي
23 نوفمبر 2015