إن الصراعات الإنسانية قديمة قدم الإنسان وقد تطور هذا الصراع من الصراع الفردي إلى صراع القبائل، وما لبث أن تحول إلى صراع الأديان ومن ثم صراع الحضارات وهناك أنواع أخرى من الصراعات أشد خطورة ومنها صراع النفوذ كما حصل في الحربين الأولى والثانية من بدايات القرن الماضي والتي راح ضحيتها ملايين البشر، وما لبث أن تحول صراع النفوذ في عالمنا العربي إلى أشكال الاستعمار المختلفة والذي أدى إلى نشوء الدول العربية.ولا يخفى على أحد ما سببه هذا النوع من مآس على عالمنا العربي، ولا أريد الخوض في الصراعات العربية الداخلية منها والتي جرت علينا ويلات وأدت إلى انقسامات وظهور أيديولوجيات منها في اليمين ومنها في اليسار ومنها في الوسط كما ظهرت تجاذبات ومصالح لعبت دوراً هاماً في تشكيل السياسات، والأخطر كان الاحتلال الإسرائيلي والذي كان له دور بارز في شرذمة الأمة العربية ولم يقتصر ذلك على عالمنا العربي؛ فظهور النظام العنصري في جنوب إفريقيا وغيره كما حصل في البوسنة والهرسك من مجازر بشعة أودت بحياة الملايين من البشر، وظهور الحركات الإرهابية المتطرفة في إفريقيا، وما يحصل الآن في عالمنا العربي والذي يدفع ثمنه الأطفال والنساء وكبار السن من تدمير للحضارة والثقافة والاقتصاد.أين نحن وأين هم من التسامح؟ وهل بعد هذا السرد القاتم لمسيرة الإنسان يمكن للتسامح أن ينقذ الإنسان ويلبسه ثوب الإنسانية؟ أم أننا في مرحلة تعرية لمفهوم الإنسانية والعيش بصراع الوجود والبقاء للأصلح، أم هي تبعات التمييز العنصري كما حصل في الحرب الأهلية في أمريكا وجنوب إفريقيا وفرنسا وبريطانيا وما تقوم به الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني وما يقوم به العالم أجمع في انتهاك لحقوق الإنسان.هل من الممكن أن يعيش هذا الكون بجميع ألوانه في ظل التسامح واحترام الرأي والرأي الآخر؟ إن الإجابة عن هذا السؤال وفي ظل الحالة العربية والحالة العالمية صورة قاتمة ومستحيلة، لأننا نمر بمرحلة تصفية الحسابات التي قد تستمر قروناً. إن الفشل الذي أظهرته مؤسسات حقوق الإنسان والتي تباع وتشترى لصالح أقليات واستغلالها لزرع الفتن بين الدول العربية والإقليمية دل على أن هذه المؤسسات لم تعد نزيهة الفكر والمبدأ، وباعتقادي إن الدور الذي تلعبه التربية والتي تبدأ من الأسرة لتمتد إلى الوطن ومنها إلى العالمية هو الحل الوحيد لكي ننعم بالاستقرار والازدهار وهذا يتطلب منا سنوات في إعداد مثل هذا الجيل الذي يؤمن بالوطن والمواطنة والإنسانية.لا أعتقد أننا على أبواب تلك المرحلة ولكي تكون متسامحاً عليك أن تكون مسؤولاً أمام الله وأمام نفسك وأسرتك وأن تؤمن بالحرية التي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.عمار محمودعضو فريق البحرين للإعلام التطوعي
التسامح.. مفتاح خير أم حقنة بنج؟
26 نوفمبر 2015