عواصم - (وكالات): لم ينجح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في إقناع نظرائه من القوى العظمى بالانضمام إلى «التحالف الدولي الوحيد ضد الإرهاب»، وبدا أن موقفه مرهون بموافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لن يرضى بالتعاون ما لم تغير باريس موقفها من رئيس النظام السوري بشار الأسد.وبعد جولة إلى أهم العواصم العالمية، أخفق الرئيس الفرنسي في إقناع كل القوى العظمى بالانضمام إلى «التحالف الدولي الوحيد ضد الإرهاب»، الذي دعا إلى إنشائه بعد أيام من هجمات باريس، ولم ينجح سوى في افتكاك وعد بسيط من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.وعقب هجمات باريس التي أودت بحياة 130 شخصاً، ارتفعت شعبية هولاند 8 نقاط مقارنة بشهر أكتوبر المنصرم، وفقاً لاستطلاع للآراء أنجزه معهد «بي في أي». ووسط تعاطف دولي كبير، حاول هولاند تشكيل تحالفه الذي باركه مجلس الأمن الدولي بالإجماع.وكان هولاند مقتنعاً بصعوبة تجسيد التحالف الذي يدعو إليه في ظل الانقسام بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بشأن مصير الرئيس بشار الأسد ودوره في مستقبل سوريا، غير أن تداعيات إسقاط تركيا طائرة سوخوي 24 الروسية زاد من تعقيد الوضع أمامه.وأعلن الكرملين غداة زيارة هولاند إلى موسكو أن الدول الغربية غير مستعدة للعمل مع روسيا في ائتلاف موحد ضد تنظيم الدولة «داعش». واستغرق الاجتماع بين بوتين وهولاند نحو 90 دقيقة، لكنه لم يسفر عن تقدم في تجسيد فكرة «الائتلاف الواسع» في ظل استمرار الخلافات حول مصير الأسد في أي تسوية للنزاع السوري المستمر منذ 5 سنوات ومشاركة جيش النظام السوري في المعركة ضد المتطرفين. واتفق البلدان رغم ذلك على «تنسيق» الضربات الجوية في سوريا ضد «داعش»، لتستهدف بشكل أساسي نقل المنتجات النفطية، وتتجنب الفصائل التي تقاتل «داعش» ودمشق. وبدأت روسيا في 30 سبتمبر الماضي حملة قصف جوي كثيف في سوريا دعماً لدمشق. ويتهمها الغرب بالتركيز على مواقع الفصائل المقاتلة المعارضة للنظام بدلاً من المتطرفين، في حين تقود الولايات المتحدة منذ أكثر من عام تحالفاً لدول غربية وعربية للقضاء على التنظيم المتطرف. وتساهم الأزمة الخطيرة في العلاقات بين موسكو وأنقرة بعد إسقاط أنقرة طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية في عرقلة جهود تشكيل الائتلاف الموحد.ويرى مسؤول مركز الدراسات الأمنية بالمعهد الفرنسي للأبحاث الدولية كورنتان بروستلاين أنه من المبكر جداً الحكم على مسعى الرئيس الفرنسي بالفشل، وقال إن «اختبار هولاند الحقيقي مرهون بموقف روسيا، فإن استمرت في قصف المعارضة السورية سيكون ذلك فشلاً يعمق الصراع في المنطقة».أما الباحث ميشيل غويا، العقيد السابق في البحرية الفرنسية والخبير في النزاعات الدولية، ففسر ضآلة نتائج جهود هولاند بضعف المساهمة الفرنسية في الحرب ضد تنظيم «داعش»، التي لم تتعد 4% من مجمل الطلعات التي استهدفت التنظيم حتى الآن.وقال غوبا «لقد بدا واضحاً أن النية المعلنة في تحطيم «داعش» لم تكن جدية، وبعد سنة قصدنا الأمم المتحدة، معتقدين بأن ذلك يعطينا القدرة على التكلم بصوت عال في جمعيتها العامة، لقد ذهبنا للحرب والوردة في فوهة البندقية، وكانت الوردة كبيرة والبندقية صغيرة».بدوره، فسّر الباحث في الشؤون السياسية بسام طيارة فشل هولاند في تشكيل التحالف الجديد بالتباين الكبير في المواقف بين روسيا - التي أصبحت لاعباً كبيراً في المنطقة وتتمسك ببقاء الأسد - وموقف الولايات المتحدة المعاكس له. ورأى طيارة أن هولاند يحتاج إلى بوتين، «فهو تحت ضغوط أمنية واقتصادية ومقبل على انتخابات جهوية مهمة، إنه أمام نفق لا نهاية له إلا بمساعدة من بوتين». وربط الباحث ضمان هولاند مساعدة بوتين بتعديل موقف فرنسا من الأسد، فهل يختار هولاند مرغماً قبول دور للأسد في سبيل نجاح مشروعه لمحاربة تنظيم الدولة؟