كتبت - عائشة نواز:افتتحت أمس هيئة تنظيم سوق العمل مركز إيواء ضحايا الاتجار بالبشر والذي استغرق إعداده ستة أشهر فقط ويستوعب 200 شخص في حالة الطوارئ ويعمل بطاقة طبيعية قدرها 120 شخصاً وذلك طبقاً للمعايير والمواصفات الدولية، وأكد الرئيس التنفيذي للهيئة رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أسامة العبسي في كلمته خلال حفل افتتاح المركز أن توجيهات صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بإنشاء هذا المركز كانت في شهر مايو الماضي، مؤكداً أن تضافر جهود الجميع لتحقيقه على أرض الواقع بهذه الصورة المشرفة خلال أقل من ستة أشهر، لدليل على الجدية التي تأخذ بها البحرين التزاماتها الدولية والإنسانية تجاه فئة تشكل الغالبية العظمى من القوى العاملة، وتساهم بصورة مؤكدة في النمو الاقتصادي والتنوع الثقافي للمملكة. وقال العبسي: «ليس هناك في الوطن العربي مكان مثل هذا المكان بهذه المواصفات لأنه تم أخذ المعايير الدولية ثم تفوق عليها المركز».حماية الفقراء والتوعية وأضاف العبسي أن المجتمعات لا تقاس بما تقدمه للأغنياء والأقوياء والقادرين، فهؤلاء لديهم من الموارد المالية والمعنوية ما يضمن لهم حقوقهم، وإنما تقاس المجتمعات بقدرة الضعيف والفقير فيها على حماية نفسه وحقوقه الإنسانية الأساسية، وتقاس بالموارد المتاحة له عند تعرضه لما يهدد سلامته أو يهدد حقوقه، لافتاً إلى أن التوجهات الدولية فيما يتعلق بموضوع الاتجار بالأشخاص تتطور بتطور هذه الجريمة، ولكنها أجمعت مؤخراً على أن حماية الفئات المستضعفة قبل أن تصبح ضحايا للاتجار هو الحل، والحماية تبدأ من تثقيف هذه الفئات بحقوقهم وإعلامهم بالآليات الموجودة بالفعل على أرض الواقع لمساعدتهم. وأوضح أن الحماية تبدأ بأن يعلموا أن هناك من هو مستعد بالفعل لمساعدتهم، وهذا هو دور المركز، فهو ليس فقط مأوى لضحايا الاتجار بالأشخاص، بل هو أكثر من ذلك بكثير، والهدف الأسمى منه أن يكون المأوى خالياً من النزلاء، وذلك عن طريق خدمات وقائية تقدمها وحدة حماية العمالة الوافدة، ومقرها هذا المركز، وخدمات قانونية يقدمها قسم تظلمات العمالة الوافدة بدعم من طاقم المستشار القانوني للهيئة، ومقره كذلك هذا المركز، وتنسيق متواصل مع سفارات الدول المصدرة وملحقياتها العمالية عن طريق قسم تنسيق السفارات ومقره هو الآخر هذا المركز، وجميعها إدارات أصيلة.خدمات المركزوذكر العبسي أن هيئة تنظيم سوق العمل تقدم من خلال المركز بقية خدمات العمالة الوافدة، حيث يضم مكتباً للجهاز المركزي للمعلومات يصدر بطاقات الهوية للملتحقين من عائلات العمالة الوافدة، ويضم مركزاً للتدريب نطمح من خلاله إلى التعاون مع المجتمع المدني والمدارس والجامعات والأندية والجاليات لنشر الوعي بين المواطنين والوافدين على حد سواء ويضم المركز تمثيلاً لاثنين من جمعيات المجتمع المدني، وأطباء متطوعين من ثلاثة مستشفيات خاصة عاملة في المملكة، ومركز اتصالات خصص له الرقم 995 للحالات الطارئة يعمل على مدار الساعة ويرد على المكالمات ب 7 لغات كل هذا بالإضافة للمأوى، والذي هو بطاقة استيعابية تصل إلى 200 شخص عند الحاجة، ولكنه يعمل بطاقة طبيعية قدرها 120 شخصاً. حيث تتوفر فيه عيادة للخدمات الطبية، وأخرى نفسية، وخدمات اللياقة البدنية، والترفيه وإعادة التأهيل.ولقد نسقت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات لتوفير الدعم الفني لإنشاء المنظومة الوطنية للإحالة وذلك لتسجيل ومتابعة الحالات الواردة لهذا المركز.وأضاف أن المكتب قام بالدعوة والتنظيم لمنتدى إقليمي تناقش فيه آليات التعرف على الضحايا وتوفير الدعم لهم تنعقد أعماله في البحرين أمس واليوم وتشارك فيه 14 دولة عربية، تليه ورشة عمل تدريبية على المستوى الوطني للمتعاملين مع الضحايا والحالات المعرضة للاستغلال من مفتشين ورجال أمن وغيرهم، كما ينظم مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات مع معهد الدراسات القضائية منتدى آخر تناقش فيه هذه الجريمة على مستوى السلطة القضائية، وجميع هذه الفعاليات تتم هذا الأسبوع في البحرين.استراتيجية مكافحة الاتجار وفي سؤال طرحته «الوطن» خلال المؤتمر الصحافي عن الخطوات المقبلة من هيئة تنظيم سوق العمل للقضاء على الاتجار بالأشخاص إضافة إلى افتتاح مركز الإيواء قال أسامه العبسي إن 99% من حالات الاتجار تكون بين الوافدين ويجب أن تتعاون اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص وهيئة تنظيم سوق العمل، وأضاف أن اللجنة الوطنية لديها عدة برامج تعمل عليها وأولها برنامج الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص ويعكف حالياً فريق من أعضاء اللجنة برئاسة المحامي العام وائل بوعلاي لوضع الاستراتيجية الوطنية التي من المتوقع الانتهاء منها مع نهاية ديسمبر القادم، وسيتم إطلاع وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عليها واعتمادها. وأضاف أن «الاستراتيجية تتضمن جوانب تتعلق بالتوعية والتوعية مهمة جداً ولا تقتصر على الجمهور فقط بل في أحيان كثيرة نحتاج لنوعي المسؤولين»، وأشار إلى أن بداية شهر ديسمبر ستقوم منظمة الهجرة الدولية ببرنامج تدريبي للأطباء العاملين في غرف الطوارئ وسيتم إحضار أطباء مختصين لتدريب الأطباء العاملين بغرف الطوارئ على كيفية تمييز الحالة، وأوضح أنه في كثير من الأحيان ضحية الاتجار لا يعلم أنه ضحية ونحتاج لأن يتعرف عليه. وقال: «إننا نعتزم أن نصل إلى المستوى العالمي ونتفوق عليه بأسرع وقت ومكتب الأمم المتحدة يقدم الدعم الكامل للمركز واللجنة الوطنية ولهيئة تنظيم سوق العمل».جريمة مستحدثةورداً على سؤال عن أبرز أنواع الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة قال العبسي إن الاتجار بالبشر يسمى بالجرائم المستحدثة لأنه نوع جديد من الجرائم وهناك ممارسات في أبسط الحالات أو في حالات عدم الإصرار عليها ممكن حلها بسهولة والتعريف الذي وضعه القانون يتضمن إساءة استغلال الشخص في الدعارة أو في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجنسي أو العمل أو الخدمة جبراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء، وأضاف أنه من المهم أن نوعي الناس ببعض الممارسات التي قد تصل إلى الاسترقاق أو العمل الجبري.وكشف العبسي أن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص ستوقع مذكرة تفاهم لإدارة جانب الإيواء في مركز الإيواء مع جمعية البحرين للمسؤولية الاجتماعية التي يرأسها خالد القعود، وأوضح أن المركز ليس فقط للإيواء بل هناك خدمات كثيرة يقدمها ولكن جانب الإيواء ستديرها جمعية البحرين للمسؤولية الاجتماعية، وأضاف أنه تم التعارف دولياً أن الإيواء وخدماته تقام من قبل المجتمع المدني و»الجمعية» لديهم برامج كثيرة وسيكونون شركاء الهيئة في المركز.وأشار العبسي إلى أنه «ليست هناك حاجة ملحة لإنشاء المركز، كما أنه لا توجد ظاهرة مثيرة للقلق فيما يتعلق بالاتجار بالبشر، ولكن لا يعني إذا لم توجد حاجة لا نقيم مثل هذه الخدمات ولا يعود السبب إلى القضايا بل لتقديم الخدمات والوقاية ومكافحة الاتجار بالبشر»، وقال العبسي إن رئيس النيابة علي الشويخ أعلن على تلفزيون البحرين قبل أيام أن هذا العام وجدت 7 حالات فقط لضحايا الاتجار وكانت الحالات أكثر في السنوات الماضية.وأضاف أن الهدف من إنشاء مركز كهذا هو الوقاية أكثر من أن يكون علاجاً قائلاً: «يلجأ إلى المركز الأشخاص المعرضون للاستغلال ويتم مساعدتهم قبل أن يصبحوا ضحايا الاتجار، ولهذا السبب تم نقل عدة إدارات منها إدارة التظلمات وإدارة حماية العمالة الوافدة والملحقيات العمالية والقنصلية والسفارات للحالات اليومية إلى المركز». ومن جانب الخدمات البيولوجية التي يقدمها المركز أخذ البصمات عند إصدار بطاقة الهوية سواء للعامل أو لكافة أفراد أسرته، الذي كان يتم في هيئة تنظيم سوق العمل تم نقله إلى المركز تعاوناً مع الجهاز المركزي للمعلومات، وليس إصدار بطاقة الهوية للضحايا إنما للملتحقين بصورة عامة، وذلك ليتعرف الناس على المكان وليشعر العامل بأنه مرحب به في المركز ولا يشعر بالرهبة والخوف من المكان، وأضاف أن جميع الخدمات تجيب على أسئلة المراجع من خلال مستشارين قانونيين يقدمون الاستشارة القانونية للعمالة الوافدة.الاتجار ليس ظاهرة في البحرينوفيما يتعلق بضحايا الاتجار قال العبسي: «إن هناك الكثيرين الذين لا يعلمون أنهم ضحايا ولا يمكن لأحد أن يتعرف على ضحية الاتجار بالأشخاص إلا سلطات التحقيق ونستقبل الناس المعرضين ونخدمهم، وإذا رأينا أن هناك شبهة بوجود ضحية نبلغ الجهات المعنية ليباشروا التحقيق»، وأضاف أن المركز يقدم نوعين من الخدمات خدمات رعاية المعرضين للاتجار وخدمات ضحايا الاتجار، وأوضح أن هيئة تنظيم سوق العمل تتحمل ميزانية المأوى التي تقدر بحوالي 200 ألف دينار سنوياً.وأشار إلى أن المنظومة الوطنية للإحالة لها إجراءات ثابتة، وأول الإجراءات التي تقوم بها هي الفحص الطبي، ومن ثم التحليل القانوني للحالة والتعرف عليها إن كانت قضية جنائية أو شكوى عمالية ويتم حلها بحسب نوع الحالة، وأضاف أن 80% من الحالات تحل بالاتصال الهاتفي، وإذا وقع الظلم على العامل وأصبحت قضية قانونية تتخذ الإجراءات القانونية حيال الشخص، وأوضح أن الغالبية العظمى لا يعلمون أن ما يعملونه مجرم في نظر القانون، وحال علمهم بالقانون يتم التفاهم واللجوء إلى الحل باتفاق الطرفين، و85% من الحالات تحل خلال يومين، أما القضايا التي لا تحل تتخذ معها الإجراءات القانونية.المركز للوقاية وأكد العبسي: «هدفنا ألا يكون هناك ضحايا وسوف نبدأ في التعاون مع المجتمع المدني ونروج للرقم 995 لكي يتلقى الشكاوى، واكتشفنا أن المجتمع المدني في البحرين متعطش للمساعدة والعيادات في المركز هي مساعدات تطوعية من مستشفيات خاصة، ونضع يدنا بيد أي جهة تريد أن تكون داعماً لنا».وأكد أسامة العبسي أنه تم إنشاء المركز بناءً على المعايير الدولية، كما تم إرسال وفدين لمجموعة من الدول للاطلاع على آليات العمل، ومن الدول التي زارها الوفد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث زار الوفد 4 ولايات وأكثر من مركز بكل ولاية، وأضاف أن مكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات قدم استشارات في المتطلبات التي يحتاجها المركز حسب المعايير الدولية.السعة الاستيعابيةوأضاف أن المركز لم يلتزم بالحد الأدنى للنزلاء ويستوعب حوالي 200 نزيل، وستنتقل دار الأمان للمركز فيصبح للذكور والإناث، وتبلغ الحالات الموجودة في دار الأمان 9 والطاقة الاستيعابية للمركز في الأحوال العادية 120 نزيلاً، وقال: «نحن قد تفوقنا على السعة الاستيعابية»، وأوضح أن «مبنى المركز مؤمن ومغطى بـ35 كاميرا أمنية، والتحرك بين الطوابق يتم بالبصمة ولا يمكن أن ينتقل أحد من طابق لآخر إلا عن طريق بصمته، وعندما يأتي النزيل إلى المركز يتم أخذ بصمته ويحدد الطابق الذي يقيم فيه حتى السلالم والمصعد تعمل بالبصمة، النزيل حر الحركة في طابقه ولكن لا يمكنه التحرك بين الطوابق، كما أن جميع المداخل والمخارج مؤمنة بالتعاون مع شركة أمن ووزارة الداخلية، وفيما يتعلق بالجانب الصحي توجد عيادة نفسية وأخرى طبية بالمركز، كما يوجد أطباء متطوعون وأخصائيون نفسيون من 3 مستشفيات خاصة، وسيقوم النزيل بزيارة صباحية وأخرى مسائية لطبيب نفسي حسب حالته، كما سيتواجد ممرض مقيم لمتابعة الحالات البسيطة».