د. فؤاد كريشان*ما تشهده اقتصاديات المنطقة وبالأخص الدول المصدرة للنفط نتيجة لتراجع أسعار النفط وتنامي العجز في إيرادات الدولة يحتم علينا كاقتصاديين ليس فقط ضرورة الدعوة لتبنى سياسات وإجراءات لضبط الإنفاق وإنما أيضاً البحث عن مصادر دخل إضافية وتنويع مصادر الدخل للدولة.ومن هنا، فقد جاء التركيز على قطاع السياحة كأحد القطاعات الاقتصادية الواعدة في البحرين إذ تعد صناعة السياحة بما تشمله من قطاعات اقتصادية متداخلة ومترابطة تشمل الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات، مصدراً من مصادر الدخل التي لا تنضب وهو مصدر متجدد ومتنام في المستقبل.وبلغة الأرقام، تشير التقارير الدولية الصادرة عن المنظمة الدولية للسياحة «UNWTO» أن المساهمة الكلية «المباشرة وغير المباشرة» لقطاع السياحة في اقتصاد البحرين بلغت 10% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 أما عن مساهمة قطاع السياحة بالتوظيف فتشير الإحصاءات أن مساهمة السياحة في التوظيف أيضاً تصل إلى ما يقارب 10 من إجمالي فرص العمل المتاحة.وبنفس السياق أكدت الدراسات التطبيقية الحديثة أن قطاع السياحة في البحرين يساهم بشكل فعال في اقتصاد البحرين ويشكل محركاً من محركات النمو الاقتصادي، وتأكيداً على دور السياحة كقطاع استراتيجي في البحرين، فقد أكدت أيضاً خطط التنمية الاقتصادية في البحرين ورؤية البحرين 2030 على دور وأهمية قطاع السياحة كمصدر من مصادر الدخل للبحرين.وهنا لابد من التفكير ملياً والبحث عن طرق وسائل تفعيل مساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني للبحرين، وضمن هذا السياق لابد من الإشارة إلى عنصرين أساسيين يتعلقان بالقطاع السياحي في البحرين. أولاً: لابد من إجراء العديد من الدراسات والمسوحات للتعرف عن كثب على السوق السياحي في البحرين في جانبيه: الطلب السياحي والعرض السياحي، ففي جانب الطلب لابد من معرفة طبيعة الطلب السياحي والعوامل المؤثرة فيه ومكوناته، وهذا سيمكننا من زيادة جانب الطلب وتحفيزه في المستقبل من خلال استقبال أعداد أكبر من السياح وزيادة نسبة إنفاقهم في الاقتصاد المحلي، وبما ينعكس على الاقتصاد المحلي وبالتالي الدخل الفردي.يشار إلى أن غالبية السياح القادمين للبحرين تأتي عبر المملكة العربية السعودية، إذ تشكل 50% من إجمالي الطلب السياحي. وبالمقابل أيضاً وحتى يكتمل المشهد، لابد من معرفة جانب العرض السياحي لتحديد جوانب العرض السياحي، بما يشمله من فنادق ومطاعم وخدمات وعناصر جذب جديدة تجعل البحرين جاذبة للسياحة العالمية وليس فقط للسياحة الإقليمية أو العربية. يذكر أن حلبة البحرين الدولية للسباقات الفورمولا1 شكلت منعطفاً مهماً في جانب العرض السياحي وبالتالي تحفيز الطلب السياحي، مما جعل البحرين على خارطة السياحة العالمية، وقد ساهمت «الفورمولا» منفردة حسب بعض المصادر بجلب ما يزيد عن 40 ألف سائح سنوياً، وهو بالتالي يعزز من مساهمة السياحة في الدخل الوطني بشكل ملحوظ.أما الجانب الثاني؛ فلابد من إجراء مسوحات للعاملين في قطاع السياحة في البحرين، حيث تشير الدراسات إلى ضعف إقبال الأيدي العاملة المحلية للعمل في هذا القطاع، ما يساهم في تخفيض الأثر المضاعف لهذا القطاع على أي اقتصاد. إن من شأن هذه الدراسات تفعيل مساهمة السياحة في التوظيف وتشجيع الأيدي العاملة البحرينية المدربة والمؤهلة للإقبال على التوظيف في هذا القطاع من خلال برامج التوعية وتوفير حوافز للعاملين في هذا القطاع، وبما يساهم في توفير فرص عمل والحد من البطالة بين صفوف الشباب. في الختام، نشير إلى أنه في ظل عدم الاستقرار الذي تشهده العديد من الدول الإقليمية، تمتلك البحرين -كواحة أمن وسلام- ميزة نسبية تؤهلها لاغتنام الفرص وتحفيز الطلب السياحي العالمي والإقليمي.*قسم الاقتصاد والتمويل - جامعة البحرين