كشفت مصادر إعلامية جزائرية أمس السبت, عن قرارات جريئة وحساسة يكون الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد اتخذها تتصل بتغييرات داخل جهاز الاستخبارات.وذكرت قناة "النهار" المحلية في الجزاٍئر أن الرئيس بوتفليقة "أجرى تغييرا جديدا في جهاز الاستعلامات، شمل إنهاء مهام مدير الأمن الداخلي ومكافحة الجوسسة على مستوى جهاز المخابرات".ونسبت "النهار" إلى مصادر وصفتها بـ"الموثوقة" أن التغييرات التي أقرها الرئيس بوتفليقة شملت إنهاء مهام مدير الأمن الخارجي, وتعد مديرية الأمن الخارجي الأمن الداخلي ومكافحة الجوسسة أبرز الفروع الاستعلاماتية في جهاز الاستخبارات في الجزائر.وتعد هذه التغييرات استكمالا لقرارات سابقة أقرها الرئيس بوتفليقة في جهاز الاستخبارات، شملت إلحاق المديرية المكلفة بمتابعة الصحافة والإعلام والاتصال، وكذا مديرية أمن الجيش بقيادة أركان الجيش اليت يقودها نائب وزير الدفاع قايد صالح.وألقت هذه القرارات الجوهرية التي مست جهازا بالغ الحساسية في تركيبة النظام الجزائري بظلها على النقاش السياسي الدائر في الجزائر قبيل ستة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في أبريل القادم.وبرأي أحزاب المعارضة في الجزائر فإن هذه التغييرات تأتي على خلفية محاولة جهاز الاستخبارات قطع الطريق أمام رغبة الرئيس بوتفليقة تمديد عهدته الحالية التي تنتهي دستوريا في أبريل المقبل، أو إعادة ترشيح نفسه لعهدة رئاسية رابعة.وقال رئيس حزب "جيل جديد" المعارض جيلالي سفيان إن "الرئيس بوتفليقة يسعى الى ترتيب كل الظروف على مستوى الحكومة والجيش والاستخبارات، لإتمام أحد ثلاث سيناريوهات تتصل بالرئاسيات المقبلة، ترشيح نفسه أو تمديد عهدته الحالية وفق مخرج دستوري، أو ترشيح شخصية من محيطه، تضمن له استمرار تطبيق سياساته، وعدم الخوض في أي ملفات أو قضايا قد تحرجه أو تحرج مقربيه".قرارات عاديةلكن السلطة الجزائرية حاولت التقليل من مثل هذه التحاليل، وأطلقت قراءات معاكسة نقتلها صحف مقربة منها، نسبة الى مصادر مسؤولة، وأعلنت صحيفة النهار الجزائرية مثلا أن التغييرات الهيكلية التي قام بها الرئيس بوتفليقة في جهاز الاستخبارات تأتي تحضيرا لمواجهة التهديدات التي تحيط بالجزائر وبروز عناصر جديدة كان لابد التكيف معها على غرار التهديدات الأمنية في الحدود الجنوبية مع مالي والشرقية مع تونس".ورأت صحيفة "الشروق" من جهتها، أن "التغييرات التي أجراها الرئيس بوتفليقة في جهاز الأمن لم تكن محل خلافات بين الرئيس وقائد جهاز المخابرات الجنرال محمد مدين، ونقلت "الشروق" عن مصدر مسؤول أنه "لا خلاف ولا صراع ولا تصفية حسابات بين مؤسسات الدولة، وما حدث من تغييرات، خاصة على مستوى مؤسسة الجيش، هو مجرّد ترتيب أوراق وإعادة توزيع مهام، ولا تستدعي كل الهالة والضجيج وانطباع افتراضي، يُفيد بأن ثمّة صراعا خفيا وكسرا للعظام أو تقليما للأظافر بين الرئيس وقيادات نافذة ومؤثرة في العسكر".لكن رئيس مركز "أمل الأمة" للدراسات السياسية عبد العزيز حريتي، يعتقد أن السلطة تحاول "تسويق التعديلات الحكومية الأخيرة وإعادة إدماج جهاز الاستعلامات والمخابرات تحت قيادة أركان الجيش على أنه ثورة قام بها فريق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، غير أن العارفين بشؤون مؤسسة الجيش يدركون أن هذا الإجراء ما هو إلا إجراء عادي وعودة إلى ما كان عليه جهاز المخابرات قبل أحداث التسعينيات وتوحيد لصفوف الجيش تحسبا للاستحقاقات السياسية القادمة".ويعتقد حريتي أنه مهما كانت التغييرات التي أقرها الرئيس بوتفليقة في الحكومة والجيش وجهاز المخابرات، فإن النتيجة واحدة "تؤشر على أن النظام الجزائري أعاد تشكيل نفسه لمنع حدوث أي تغيير حقيقي و جذري له".