يقول الدكتور غازي القصيبي رحمه الله في كتابه النفيس «حياة في الإدارة»: «هناك ثلاث صفات لابد من توفرها في القائد الإداري الناجح، الأولى صفة عقلية خالصة، والثانية صفة نفسية خالصة، والثالثة مزيج من العقل والنفس». وفي حديثه عن الصفة الثانية، يقول: «هي القدرة على اتخاذ القرار الصحيح. ما أكثر القرارات التي يعرف صانع القرار الإداري أنها صحيحة ولكنه يعجز عن اتخاذها خوفاً من العواقب. إذا كانت الحكمة جوهر الصفة الأولى، فالشجاعة هي روح الصفة الثانية. لا يجهل أحد على سبيل المثال، أن السخاء والشجاعة خصلتان حميدتان، ولا يجهل أحد، كما قال المتنبي: أن الجود يفقر والإقدام قتال».وقفة إدارية على ضفاف كلمات الأديب والإداري الفذ غازي القصيبي رحمه الله.. فالجانب النفسي في شخصية الإداري الناجح مهم جداً في نجاحه في أي عمل يوكل إليه، وبخاصة عندما يمنح فرصة قيادة الأفراد وتوجيههم وإسداء النصح لهم.. فقبل أن يعرف الإداري طريقه لاتخاذ القرار السليم وهو في الوقت ذاته لا يضمن أن يكون (صائباً) عليه أن يتمرس على فنون التعامل مع نفسيات الآخرين، ويتعامل بدبلوماسية وفن مع كل نفس بما يناسبها لجعلها أداة نجاح في منظومة العمل، ويستثمر طاقتها على الوجه الأكمل.. فالقرار الشجاع والحكيم يبنى حينها على عدة معطيات يجب أن تتوفر أمام الإداري الذي يفهم كيف يتعامل مع كل موقف ويتخذ القرار الشجاع في الوقت المناسب.. قد تواجهك بعض الأصناف التي لا تلتزم بالقرار (لشخصيتها المتصادمة) وأخرى قد تنصاع للقرار بدون أن تحرك ساكناً لتنفيذه.. وفي كل الأحوال فإنك ملزم أن تتخذ قراراً يلم الجميع على مبدأ واحد، ويراعي في نفس الوقت (الأمزجة المتقلبة) ويتفادى العواقب التي قد تنتج عنها.. والتي قد تكون عواقب غير مؤثرة في محيط العمل، بقدر ما هي مؤثرة على مكاسب التعاملات الإنسانية التي لها الأثر الكبير في تيسير الأمور.إن استثمار عامل الوقت في التخطيط للأعمال هو العنصر الهام في خطواتك الشجاعة لاتخاذ القرار لأمر ما، بعد أن تتفقد الوضع وتمحص الأمور، وتكون لديك القناعة الكافية بالوقت الذي قد يحدث فيه الأثر المتتابع لنتائج القرار.. فالإداري الناجح بمقدوره أن يصنع الأثر الجميل في جميع النفوس، ويجذبهم ليكونوا عناصر فاعلة في مخرجات القرار، ويلم الشمل مع تعدد النفسيات الإدارية ليؤمنوا بأهمية القرار الذي اتخذ نحو موضوع ما.مهما اختلفت الأمزجة الإدارية، فسوف تظل (الصفة النفسية) التي تحدث عنها القصيبي رحمه الله هي الشعرة الدقيقة في نجاح المشروعات الإدارية ومختلف الأنظمة، لأن (المزاج النفسي) هو من يتحكم بها، على خلاف المزاج الذي يمزج بين العقل والنفس، والذي يعطي في النهاية (القرار المتمكن) بما يساهم في تغيير منظومة العمل ويسعد العاملين فيها.