إن عماد نجاح المجتمعات هو البحوث القائمة على الدراسات الاجتماعية، لأنها توفر أرضية صلبة للتخطيط سواء على مستوى الحكومة أو مستوى القطاع الخاص، إن توفر قاعدة بيانات حقيقية تعكس الواقع الاجتماعي يمكن لأي مؤسسة في التخطيط مستقبلاً لتلبية احتياجات المجتمع، إن اختيار مشكلة البحث بشكل عقلاني ومدروس يحد من تفاقم المشكلة موضع الدراسة قبل أن تصبح المشكلة ظاهرة اجتماعية.ولو أخذنا على سبيل المثال دراسة العنف الأسري وما ينتج عنها من آثار اجتماعية ونفسية واقتصادية وكلفتها على موازنة الدولة وعلى خلق جيل يعاني من الاضطرابات النفسية والمشكلات السلوكية لنجد أن هذه الظاهرة بحاجة إلى المزيد من تسليط الضوء عليها وإجراء الدراسات قبل استفحالها ولكن السؤال أن مثل هذه الدراسات تقع على عاتق من أعتقد أن المؤسسات المعنية بدراسة حجم هذه المشكلة هي الجامعات التي يعمل بها الكثير من أخصائي العلوم الاجتماعية والنفسية وعلى حد علمي واطلاعي أنه لا توجد أي دراسة جادة في هذا الموضوع بالرغم من أن تكلفة إجراء مثل هذه الدراسات لا يشكل أي عبء مادي مقارنة بالآثار السلبية المترتبة على استفحال هذه المشكلة. إن تسليط وسائل الإعلام على مثل هذه المشكلات هو واجب وطني على كل كاتب فالإعلام هو قناة وقائية لكثير من المشكلات والوقاية خير من العلاج لابد للإعلام الوطني أن يكون شفافاً في سرد الحقائق الاجتماعية حيث تأخذ السياسة الجانب الأكبر من صفحاتها.إن رجال الدين أيضاً تقع عليهم مسؤولية الوعظ والإرشاد في هذا الموضوع سواء من خلال خطب يوم الجمعة أو الدروس الدينية ولكن الأهم من كل هذا معرفة حجم هذه المشكلة ليتسنى لنا إيجاد الحلول والبرامج التي تساهم في تقليل آثارها على المجتمع.الدراسات تشير إلى أن هذه المشكلة هي الحاضنة الأولى للإرهاب والفساد وانتشار الأوبئة كالمخدرات وجرائم الاعتداء وتفكيك الأسر، إننا والحمد الله في وطننا البحرين مازالت هذه المشكلة تحت السيطرة ولكن من يعرف على مدى السنوات القادمة فلماذا ننتظر استفحالها فالخطوة الأولى هي دراسة حجم هذه المشكلة ووضع البرامج التوعوية للأسرة وقاية لنا.هناك الكثير من الظواهر الأخرى والتي يجب تسليط الضوء عليها حتى نخدم هذا الوطن ونكون مواطنين والنقطة التي أردت التركيز عليها هو أن الإعلام الآن لم يعد يعتمد على المقالات الفردية التي تبحث الجوانب الاجتماعية وشخصنتها، إن الإعلام اليوم أصبح يعتمد على قاعدة بيانات مصدرها الدراسات الميدانية والتي تأخذ عينات عشوائية تمثل المجتمع والتي يتم جمع بياناتها من خلال أدوات تم تقنينها لذلك المجتمع والتي تتمتع بدرجة عالية من الصدق ويتم تحليلها واستخراج نتائجها ومن ثم يمكن أن ندعم تلك النتائج ونضع الحلول والبرامج التي يمكن أن تعالج تلك الظواهر.فعلى سبيل المثال أن حادث ضرب معلم لتلميذ أو ضرب تلميذ لمعلم لا يعني بالضرورة أن هناك عنفاً في مدارسنا فتجد أن الصحف تستغل هذه الحادثة فقط كحوادث تثير القارئ ولكن الحقيقة قد تكون هذه الحوادث فردية لا تشكل ظاهرة في مجتمعنا وإذا أردنا أن نقدر حجم هذه المشكلة لابد من دراستها بشكل يمكننا من التعرف على حجم المشكلة أن هذه المقالة لا تهدف مني إلقاء محاضرة إعلامية فهناك الكثير من صحفنا تتبع هذا المنهج وهي قادرة على وصف الحقائق ولكني أريد أن أكد للقارئ أن العمل الصحافي ليس مجرد خبر يقصد به تشويه الصورة الاجتماعية بل هو حتماً يخدم المجتمع بإلقاء الضوء على الظواهر الاجتماعية وحجمها داخل المجتمع وإنني كمواطن بحريني أتمنى فتح جميع الملفات الاجتماعية والتطرق لها بشكل مدروس فهناك على سبيل المثال حوادث الطرق والتي أصبحت مصدر إزعاج وهناك ظاهرة تعاطي المخدرات وهناك ظاهرة الطلاق وغلاء المهور وغيرها الكثير.عمار محمود عبدالعال
الدراسات المجتمعية حاجة مستقبلية
06 ديسمبر 2015