كتب - أبوذر حسين:فتحت الزيارة الناجحة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى إلى الهند في فبراير من العام الماضي، آفاقاً جديدة للتعاون بين البلدين الصديقين. فيما مثلت زيارة وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة إلى الهند ثمرة تلك الزيارة، إذ توجت تطوير العلاقات بين البلدين باتفاقية أمنية شاملة بشأن التعاون لمكافحة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة والاتجار غير المشروع بالعقاقير والمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية.وتشير أبعاد الاتفاقية الأمنية بين البلدين، إلى خطوة جديدة تصب في مسار التعاون المتنامي المستمر والشراكة متعددة الأوجه بين البحرين والهند، وتؤكد الحرص المشترك تجاه تدعيم الأمن والاستقرار الإقليمي. إذ تأتي الاتفاقية - حسب خبراء ومراقبين - ملبية لطموحات البلدين الأمنية. ففي الوقت الذي تتطلع فيه البحرين لتنفيذ بنودها في إطار استمرار العمل المشترك مع الهند والشركاء الدوليين الآخرين في التصدي لتحديات الأمن ومكافحة الإرهاب على صعيد الأمن الإقليمي. تسعى الهند إلى أن تحقق الاتفاقية استقراراً خليجياً ينعكس عليها أمناً وسلاماً، باعتبار أن الإرهاب يمثل خطراً كبيراً على أمن جميع المجتمعات، والتصدي له يتطلب تكاتف الجهود كافة.وسعى وزير الداخلية من منطلق حرصه المستمر على تطوير المنظومة الأمنية وتعزيز الأمن والاستقرار في البحرين والمنطقة، للاستفادة من الرؤية والرغبة المشتركة بين البلدين لبناء علاقات أكثر قوة ومتانة، لتعزيز الروابط الوثيقة وما يجمع البحرين مع الهند من إرث حضاري وإمكانيات كبيرة، لبناء تحالف أمني آسيوي على غرار «اليوربول» الأوربي، مستنداً في تلك الرؤية إلى قناعة راسخة بأن الدول لن تتطور وتتقدم في حماية أمنها بمعزل عن الآخرين، وأن الدول ذات الرؤى المستقبلية هي التي تسارع إلى تحقيق النجاح بتعظيم الجهود المشتركة.وترجم وزير الداخلية في توقيع الاتفاقية الأمنية مع الهند المبادئ التي سنها حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى «بأن مصالح البلدين مشتركة، وما يجمعها من إرث حضاري وإمكانيات كبيرة، يشكل فرصة لبناء تحالف آسيوي قوي».ودفعت الحاجة إلى «تطوير التعاون الأمني في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم وما يواجهه من أخطار غير عادية، وأن خطر التطرف الديني والأيديولوجي هو أصل الإرهاب، الأمر الذي يستدعي تحركاً إقليمياً ودولياً فاعلاً للتصدي له وتجفيف منابعه»، وفقاً للشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة.ومما أعطى اتفاقية التعاون الأمني بين البحرين والهند شمولية واهتماماً أكبر في وسائل الإعلام الإقليمية والعربية أنها شملت مكافحة الأعمال الإجرامية خاصة الإرهاب بجميع أشكاله، لجهة دعمه والتحريض عليه وتمويله، تماشياً مع السياسة الخليجية لتجفيف منابع الإرهاب، وانسجاماً مع جهود البحرين التي استضافت ورشة دولية بالتعاون مع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليج والولايات المتحدة، حول التبرعات الخيرية ومكافحة تمويل الإرهاب والتطرف العنيف.ويمثل تضمين الاتفاقية لموضوعات الجرائم ضد الممتلكات العامة، والهجرة غير المشروعة، والاتجار بالبشر، وتزوير وثائق الهوية والسفر، واستخدامها بشكل غير قانوني، بعداً آخر يعلي من شأنها ويؤكد أهميتها.ولم تغفل جوانب التعاون مجال البحث العلمي والتكنولوجي وبناء القدرات، من خلال المساعدة العلمية والتقنية ونقل التكنولوجيا المتخصصة والمعدات المتعلقة بمجالات مكافحة وكشف مختلف أشكال الجريمة.وأطرت الاتفاقية عملها بلجنة مشتركة تتولى تحديد أنشطة التعاون وتجتمع بالتناوب بين البلدين كلما دعت الحاجة، الأمر الذي يؤكد أنها ولدت محكمة، ولكي تثمر أمناً وسلاماً للبلدين وشعوب المنطقة عامة.ويعد توقيع الاتفاقية فتحاً جديداً يسجل لوزارة الداخلية في أعقاب الاتفاقية المماثلة التي وقعتها قبل حوالي عام من الآن مع المملكة المتحدة.