قبل أسبوع فجعنا بوفاة عمي «والد زوجتي» العميد الدكتور محمد الخياط (بوحمد). لم يمهلنا كثيراً؛ سقط على سلالم بيته وهو ذاهب إلى صلاة فجر الجمعة الماضية، فإغماءٌ بسبب نزيف في المخ، فتوقفٌ مفاجئ في القلب، فإنعاش في سيارة الإسعاف وطوارئ المستشفى دون جدوى.. لقد رحل بوحمد! هكذا دون مقدمات ودون علامات ودون أن يتسنى لنا أن نودعه ويودعنا.إن عمي بوحمد (لمن لا يعرفه) كان حلو المعشر، عذب الكلام، خفيف الظل، شهماً كريماً، لا تمل مجلسه. لم أرَ في حياتي أوصل منه للرحم. قوي الشخصية، طلته بهية، دائم الأناقة والقيافة.بدأ حياته بسيطاً، وأسس نفسه بنفسه فكان مثالاً للرجل العصامي. تزود بالعلم والعزم، والجد والاجتهاد رغم ظروف الحياة الصعبة؛ فدرس علم المختبر في جامعة بغداد ومن ثم الماجستير والدكتوراه في الكيمياء التطبيقية والاستخلاصية من إحدى جامعات إسكتلندا.هو مؤسس المختبر الجنائي بوزارة الداخلية وقد زوده بأحدث الأجهزة والمعدات في هذا المجال، ثم أسس بعد ذلك مثله في وزارة العدل.أما في مجال العمل الاجتماعي والإنساني، فقد قضى جلَّ سنوات عمره مع الهلال الأحمر البحريني، والذي مثله في العديد من المؤتمرات الإقليمية و العالمية.وأما في مجال الأسرة فقد كان له من الذرية خمسة: أحسن تربيتهم وأحسن تعليمهم، وأحسن اختيار أزواجهم وزوجاتهم، وأطال الله في عمره حتى رأى أولادهم. وكان الأب الحنون العطوف المتفهم، والزوج الكفؤ لزوجته القائم بحاجاتها.كان رحمه الله وطنياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ يعشق تراب البحرين وأهلها؛ يسره ما يسرهم ويبغضه ما يبغضهم. لقد حث الكثير من أبناء الوطن على مواصلة تحصيلهم العلمي و خدمة الوطن بذلك، وأثر في الكثير وألهم الكثير. أشهد الله أني رأيت كلَ ذلك في الآلاف التي حضرت الجنازة وأتت إلى العزاء. نعم لقد رأيت أبا حمد ورأيت تأثيره في كل واحد منهم.أدى أبو حمد فروض دينه كلها، وكان يصلي الفجر مع الجماعة.لقد كان أبو حمد نعم الأب ونعم الزوج، ونعم الجد، ونعم العم، ونعم الخال، ونعم القريب، ونعم المواطن، ونعم الإنسان.. لقد فقدت البحرين واحداً من خيرة أبنائها، بل أحد صروحها، وقد ترك الفقيد فراغاً مدوياً لا يعلم كيف لنا أن نتجاوزه إلا الله تعالى.توفي رحمه الله يوم الجمعة وفي نيته أن يصلي الفجر في جماعة.. صدق الله فصدقه الله.إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا أبا حمد لمحزونون، وإنا لله وإنا إليه راجعون.رحمك الله يا أبا حمد وغفر لك ورزقك الفردوس الأعلى من الجنة.العقيد/ طبيب ظافر محمد سلمان كمالاستشاري جراحة الأوعية الدموية والعلاج بالقسطرةالخدمات الطبية الملكية