حسن الستريأكد الرئيس التنفيذي للمجلس النقدي الخليجي د.رجا المرزوقي أنه لا يوجد سقف لتحديد الدين العام بالنسبة إلى الناتج المحلي وإنما يرتبط بقدرة الدولة على الإيفاء به، موضحاً أنه قد تكون نسبة الدين 20% نسبة مرتفعة على دولة ما، في حين تكون نسبة 200% معقولة لدولة أخرى. وبين، في المحاضرة الاقتصادية التي نظمها مجلس الشورى أمس، أن قرار ربط العملات الخليجية بالدولار قرار استراتيجي لسهولة الانتقال إلى العملة الموحدة.وأشار إلى أن اقتصاديات دول الخليج تحتم وجود العملة الخليجية، مشيراً إلى أن القطاعات التي تستفيد من الطفرة النفطية الخدمات والبناء والتشييد، لافتاً إلى أن متوسط مساهمة القطاع النفطي 40%.ونوه إلى أنه قد يرى البعض أنه ما دامت النسبة كذلك، فالتنويع يسير باتجاه صحيح وهذا خطأ، ففي التنويع الاقتصادي يجب ألا يكون هناك قطاع مهيمن على بقية القطاعات، فالإنفاق الحكومي العالي ينعكس على قطاع الخدمات والتشييد وينعكس على بقية القطاعات الأخرى، ولكن بمجرد أن ينخفض الإنفاق الحكومي يصاب الاقتصاد بالشلل، فارتفاع أسعار النفط ينعكس على الدخل القومي الإجمالي فهو المحدد الأساسي له، وهذا خلل اقتصادي، كما إن العمالة الموجودة باقتصادياتنا عمالة غير ماهرة، وينعكس ذلك على التطور الاقتصادي، فبدون تنويع مصادر الدخل يتعرض الاقتصاد إلى ذبذبات عالية نمواً وانخفاضاً، ونحتاج لتنويع مصادر الدخل وتنمية الصادرات التي تنعكس إيجابياً على الاقتصاد ولا ترتبط بالإنفاق الحكومي، بأن يكون هناك طلب خارجي عليها.وذكر أن من أهم أساسيات الاقتصاد استقرار الإنفاق، فإذا كان المستثمر لا يستطيع التنبؤ بمستوى الإنفاق بالبلد ستكون درجة المخاطر عالية، فهو يحتاج إلى عائد عالٍ لكي يدخل في البلد، لكن إذا استطاع القطاع الخاص التنبؤ بقرارات الحكومة عبر إطار السياسة المالية والميزانيات متوسطة الأجل المربوطة بأهداف واضحة ومرتبة الأولويات، سينتعش الاقتصاد.ودعا إلى الإنفاق على التعليم وجودته، قائلاً إن ارتفاع الدخل بدول شرق آسيا يرجع لأنها أنفقت على التعليم وكان الأساس قوياً وكانت الأنظمة والقوانين واضحة، كذلك الأبحاث، فالإنفاق على البحث والتطوير بالخليج نسبة لا تذكر ويتجه لشركات خارجية لا تنعكس على الاقتصاد المحلي، فإذا لم تكن هناك بيئة استثمارية صحيحة فالبلد يفقد جاذبيته لجذب قطاع مهم، وتنعدم المخاطرة بالأموال به.وأوضح أن أغلب الشركات الكبرى بدأت مشاريعها برأس المال المخاطر كالفيسبوك والتويتر.ولفت إلى أن غالبية أرباح الشركات في دول الخليج تذهب لأصحاب الشركة، ولا يعود ذلك بشيء على الموظفين ولا يتم زيادة عددهم.وأشار إلى أن العائد المالي الضخم يحتاج إلى عمالة كبيرة لكي لا يحدث تضخم في الأسعار، داعياً للارتقاء بكفاءة العمالة الخليجية لكي تستطيع منافسة العمالة الخارجية الرخيصة. من جهته أكد رئيس مجلس الشورى علي الصالح أن مناسبة المحاضرة تمثل فرصةً مهمةً للتعرف على المعطيات الاقتصادية في ضوء التطورات الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الاقتصادات الخليجية، والتي أثرت بشكل مباشر في الأوضاع المالية بسبب تدني أسعار النفط.وذكر أن البحرين شرعت في إعداد خطة لمعالجة تبعات تدني أسعار النفط، والتي كان أولها التوجيه السامي من لدن جلالة الملك المفدى للحكومة بحل كافة المشكلات المالية من خلال المسارعة لاستكمال جهود الإصلاح الاقتصادي، وترشيد وتخفيض الإنفاق العام، ومعالجة الاختلالات التي تشوب الاقتصاد الوطني، ودعوة كل مواطن إلى إدراك أهمية وجدوى تلك الإصلاحات وتبعاتها، والتعامل المسؤول مع متطلباتها بسبب تدني أسعار النفط والالتزامات الأخرى. وبين أن التطورات على الساحة العربية والدولية تؤكد أكثر من أي وقت مضى على أهمية وجود إطار للسياسة المالية يأخذ في الاعتبار هذه التطورات، ويعمل على رفع كفاءة الإنفاق الحكومي لينعكس إيجاباً على ترشيد الإنفاق، ويضع في الاعتبار المتغيرات الحديثة في أسعار النفط، مع الاستمرار في تحسين البيئة الاستثمارية لتحويل النمو من نمو مدفوع بالإنفاق الحكومي إلى نمو مدفوع بالقطاع الخاص، مما يساهم في ديمومته واستمراره.وذكر أن احتياجات رفع معدلات النمو، وإرساء الاستقرار الاقتصادي، ومواجهة تحديات البطالة والفقر، تتطلب بذل جهود لخلق البيئة الاقتصادية المحفزة للقطاع الخاص، والجاذبة للاستثمار، وتقوية أسواق التمويل المحلية، والاهتمام بدعم نمو وتطور المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تعزيز التنافسية، والارتقاء بحوكمة المؤسسات الاقتصادية والمالية، وبناء الكوادر وتطوير القدرات اللازمة في صناعة السياسات، وزيادة مرونة أسواق العمل، إضافة لتطوير التعليم المتسق مع احتياجات الأسواق، وكل هذه الأمور تتطلب من السلطة التشريعية سن التشريعات والقوانين التي من شأنها أن تسهم في تعزيز المركز المالي للبحرين، وتعود في نهاية المطاف بالفائدة على المواطنين. وأكد سعي مجلس الشورى لتطوير البيئة التشريعية الاقتصادية لمواكبة النمو المطرد في الحركة الاقتصادية والتجارية التي تشهدها المملكة، تماشياً مع رؤية القيادة لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، إضافة إلى سن قوانين وتشريعات جديدة لخفض المصروفات، وترشيد الاستهلاك، وتطوير القوانين التجارية كقانون الإفلاس، وقانون الشركات، وميثاق حوكمة الشركات، لتتماشى مع التشريعات التجارية القانونية الحديثة، من أجل الوصول في نهاية الأمر إلى اقتصاد متين وقوي، وفقاً للمعايير الدولية المقررة، دون المساس بمكتسبات المواطنين.وفي السياق نفسه، أوضح رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى خالد المسقطي أن المحاضرة تتناول محاور تهمنا جميعاً لفهم الظروف الاقتصادية التي تمر بها المملكة والأشقاء في دول مجلس التعاون، والتي تتطلب منا التعرف بشكل أكبر على حقيقة الأوضاع والتعرض للتداعيات التي سببها الانخفاض في أسعار النفط، وأبرز الخيارات المطروحة لمعالجة هذه المشكلة.وقال نحن هنا اليوم لنسعى لمصلحة البحرين ولنعمل على النهوض باقتصادها ومواجهة التحديات التي نواجهها في الوقت الحالي من خلال اكتساب المزيد من المعرفة والخبرة التي يمتلكها الأخوة في المجلس النقدي الخليجي بصفته إحدى الجهات المعنية والمتخصصة في بحث المجال الاقتصادي، خاصة المتعلقة منها بالاقتصادات الخليجية، لذلك فإنني أتطلع إلى أن تساهم المحاضرة في التعرف على الآثار التي يمكن أن يحققها الاتحاد النقدي على اقتصاديات دول مجلس التعاون، باعتبار الارتباط الوثيق بين الاقتصاديات مع تسليط الضوء على تجربة الدول الأوروبية والسياسة المالية في إطار الاتحاد النقدي كنموذج يمكن الاحتذاء به.