أوصى المؤتمر الدولي «المرأة في الحياة العامة»، في اختتام أعماله أمس، بأهمية تطوير نظام حوكمة متكامل يتناسب والخصوصية البحرينية، وما يتطلبه ذلك من اعتماد لوسائل وأدوات تساعد مؤسسات الدولة على القيام بدورها الرقابي تجاه جوانب إدماج احتياجات المرأة في المسار التنموي، وكشفت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري عن توجه البحرين نحو التفكير الجدي بإصدار تقرير وطني لرصد الفجوات النوعية بين الرجل والمرأة في إطار حرص المملكة على إتاحة أكبر قدر ممكن من المعلومات لأصحاب القرار وشركاء التنفيذ لتطوير العمل وبما يتناسب مع منهجية قياس الأثر واستدامته.التدقيق الجندريوقالت الأنصاري إن الملاحظات الختامية للمؤتمر تضمنت التأكيد على تطبيق منهجية التدقيق الجندري في مجال تحقيق تكافؤ الفرص على المستوى الوطني لتغذية التقرير، مشيرة إلى أن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع ESCWA بدأت في تنفيذ هذه المنهجية ووفقاً لمعايير محكمة لكي يكون المجلس الأعلى للمرأة بيت خبرة في مجال حوكمة الجهود الوطنية الموجهة نحو خطط إدماج احتياجات المرأة وتكافؤ الفرص، والتقدم بمبادرة وطنية تعمل على تنفيذها بتكليف من المجلس الأعلى للمرأة عضو الشورى دلال الزايد، وتتمثل في وضع دليل استرشادي للمشرع البحريني في كيفية توظيف أدواته البرلمانية في متابعة جهود الدولة في رفع مستويات تقدم المرأة وغلق أية فجوات نوعية، مع التطلع إلى أن يتبنى البرلمان العربي هذا المشروع عند الانتهاء منه لتعميمه عربياً، والإشادة بمبادرة البرلمان العربي في وضع تشريع موحد لإدماج احتياجات المرأة ضمن السياسات والموازنات العامة لدعم الدول الأعضاء في تبني مثل هذه التوجهات.وطالب المؤتمر المنظمات الدولية لدى مراجعة طرق قياسها لأداء الدول العربية في مجالات تقدم المرأة، اعتماد مؤشرات تقيس تقدماً نوعياً وليس فقط كمياً، مع الإشادة والإعجاب بالمنهجية التي تتخذها منظمة OECD في مجال تقديم الدعم للدول وقياس أدائها، والتطلع إلى أهمية أن يتم التعامل مع الكتلة العربية ككتلة ذات خصوصية وحضور جغرافي مستقل.وأضافت الأنصاري أن مسؤولية متابعة ما يتم على أرض الواقع من مبادرات وجهود لإدماج احتياجات المرأة لا تقتصر على جهة بذاتها، إنما هي مسؤولية مجتمعية تتشارك فيها جميع المؤسسات الرسمية والأهلية والخاصة، لإثراء هذه الجهود بما يتفق مع تطلعات المجتمع، وتعهدت الأنصاري بإشراك الشباب بشكل مكثف في كافة الفعاليات القادمة باعتبارهم الأمل نحو غد متفوق، معربة عن أملها في أن تؤدي مشاركة الشباب إلى إعادة النظر في وسائل الحوار ومنهجية الطرح، مشيرة إلى إشادة العديد من المشاركين بحضور الشباب أعمال المؤتمر الأمر الذي سيدفع المجلس الأعلى لتنظيم منتدى شبابي للاستماع إلى شجونهم وتطلعاتهم لتشكيل الحاضر بما يتناسب مع تطلعهم لمستقبلهم.وشهد المؤتمر جلسة رابعة بعنوان « تكافؤ الفرص في الممارسات البرلمانية والانتخابية»، إدارة رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان، أشاد فيها بدور المرأة العربية بصورة عامة، والفضل في ذلك يرجع إلى القيادات العربية والنخب الثقافية التي ممكن الاستفادة منها وبناء مستقبل الوطن العربي، مشدداً على ضرورة الشراكة في المجتمع وفي الوطن العربي وأن الشراكة بين المؤسسات أصبحت ضرورة، مؤكداً ضرورة تبادل الأفكار والخبرات بين البرلمانيين العرب، مشيداً بالمرأة البحرينية وتميزها حيث تقلدت مناصب عليا بالقطاعين العام والخاص.وأكدت عضو البرلمان الأردني هند الفايز، وأول امرأة أردنية تمثل البادية الوسطى، أن نجاح المرأة في قبة البرلمان لا يعتمد على النوع، مشددة بأن المرأة شريك للرجل وليست مكملة له، وأنها أخذت هذه القوة من الشريعة الإسلامية التي ساوت بين المرأة والرجل، وشددت على ضرورة إزالة العقبات أمام المرأة وبخاصة أن التشريعات والقوانين تكفل حقوق المرأة، ولكن قد يحصل أحياناً عدد من الأخطاء في عملية التطبيق، وأن المواطن يثق في المرأة عندما يراها تتبوأ المناصب العليا والقيادات وبخاصة في التربية والتعليم.وأشارت عضو الشورى دلال الزايد أن شعار المؤتمر (من وضع السياسات إلى صناعة الأثر)، هو أهم آلية لوضع استراتيجيات موجهة للمرأة، وأن على السلطة التشريعية تطبيق ذلك، مشيدة بمشاركة البرلمانيين العرب في كافة الفعاليات والمحافل الدولية وهي خطوة ناجحة لمستقبل أفضل، وأكدت أن المشاريع الحكومية يجب أن تتضمن إدماج احتياجات المرأة، وتشجيع روح تكافؤ الفرص مع توفير الميزانية اللازمة لهذه الخطة الاستراتيجية، وضرورة متابعة التوصيات، الأمر الذي يعتبر من صلب العمل التشريعي.وأكدت عضو البرلمان المصري نشوى الديب أن المرأة المصرية وأيضاً العربية أثبتت أهمية دورها بغض النظر عن اختلاف التيارات، وأن جمهورية مصر العربية بلد يُبنى من جديد على أيادي النساء المصريات، وكذلك الرجال والذي يعكس التغيير الكبير في الفكر والوعي والذي سيؤدي إلى تغيير مختلف في البرلمان، ودعت لضرورة تشكيل رابطة تجمع البرلمانيات العرب لتحقيق تفاعل أكثر من خلال طرح مواضيع تتعلق بالمرأة.من جانبها تطرقت مؤسس ورئيس المنتدى العالمي للنساء في البرلمان سيلفانا كوتش مهرين عن تجربة المرأة في بلادها حيث تمثل إنجيلا ميركل وهي المستشار الألماني وتعد من أقوى صناع القرارات في القارة الأوروبية والعالم، وأضافت أن البرلمان الأوروبي يدعو في كل دورة إلى انتخابات لمساواة المرأة والرجل، وذلك من أجل زيادة حضورها وتمثيلها في البرلمان الأوروبي، ونوهت أن تمثيل المرأة في المجال السياسي هو الأقل مقارنة بالمجالات الأخرى كالمجالات التعليمية والثقافية، وأثبتت الدراسات أن العوائق التي تقف دون وصول المرأة لمناصب سياسية قيادية كانت بعضها صعوبة في التمويل والإعلام.وأشاد مدير إدارة التعاون بوزارة الداخلية المغربية محمد هاميماز بالمكتسبات التي حققتها بلاده، ومن ضمنها حظر ومكافحة أشكال التمييز، وتفعيل المساواة ومشاركة المواطنين والمواطنات، وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وتفعيل حق المواطنين في الاقتراح والمساءلة، ومناهضة العنف وكل أشكال المعاملات القاسية الحاطة بالكرامة الإنسانية، وتشجيع تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل.وتناولت الجلسة الخامسة إدماج احتياجات المرأة، وتطبيق المساءلة من وضع الاستراتيجيات إلى صناعة الأثر حيث تم التركيز على استكشاف نهج الدول في بناء آليات فعالة للمساءلة لضمان تنفيذ السياسات والمبادرات المعنية بإدماج احتياجات المرأة على وجه الخصوص مع تسليط الضوء على دور آليات المساءلة في تعزيز استدامة السياسات المراعية لإدماج احتياجات المرأة في القطاعين العام والخاص، وإدارة المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية محمد الناصري.وأشارت المستشار الرئيس في النوع الاجتماعي مارا ماريناكي إلى ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلق بأجندة التنمية المستدامة للألفية بدءاً من العام المقبل والتي تجدد التأكيد على ضرورة احترام الحريات الأساسية للجميع وحمايتها وتعزيزها، مضيفة بأن الأجندة تقر بأهمية الحماية الاجتماعية والتي تنص على تحقيق فرص عمل كاملة وإنتاجية إضافةً إلى تأمين عمل لائق لجميع النساء والرجال والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة.وتطرقت مديرة إدارة المرأة والأسرة في جامعة الدول العربية السفيرة إيناس مكاوي لضرورة وضع المرأة وإدماج احتياجاتها في عين الاعتبار وأن تكون من الأولويات والعمل على ضمان تنفيذ سياسات العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر والتغطية الصحية وذلك نظراً لتأثيرهم على أوضاع النساء وكذلك تطوير ودعم آليات المشاركة السياسية للمرأة وتعزيز نسب مشاركتها في كافة المجالس المنتخبة، وتوسيع نطاق الممارسات الديمقراطية والتشاور على المستوى المركزي والمحلي بما يضمن عدالة توزيع الموارد ودعم صلاحية الآليات.المرأة البحرينية محظوظة واعتبرت أستاذة التربية ومدير مركز التعليم العالي والبحث والإنصاف CHEER بجامعة Essex بالمملكة المتحدة بروفيسور لويس مورليعن أن المرأة البحرينية تعد محظوظة لأنها تدعم من قبل القيادات العليا في المملكة. كما أشارت إلى أن ظاهرة إدماج المرأة هي ظاهرة دولية وأن إدماج احتياجات المرأة لا يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها، بل هي سياسة بعيدة المدى، مشددة على ضرورة جمع البيانات المتعلقة بالمرأة وذلك لمعرفة تأثير السياسات الخاصة بالمرأة وسهولة قياس أثرها.وأشارت نائب رئيس قطاع المراجعات الحكومية والشراكة بالإدارة العامة والتنمية الإقليمية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD تاتيانا تيبلوفا إلى التركيز على استكشاف نهج الدول عن الحاجة إلى جمع الإحصائيات بصورة منتظمة حتى تكون كمرجع ولتطوير آليات مساءلة فعالة لسياسات إدماج احتياجات المرأة وآليات قياس ورصد التقدم المحرز في مجالات تمكين المرأة وضمان شفافية النتائج، موضحة أن من أهم عوامل تمكين المرأة من أجل تحقيق العدالة والمساواة من خلال دعم الجمعيات المستقلة وإعطاء البرلمانيات دور أكبر وتنفيذ السياسات والمبادرات المعنية بإدماج احتياجات المرأة وكذلك إدراج الجمعيات الأهلية في الحياة العامة.وفي الجلسة الختامية، أكد السفير الإسباني لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD جوز إيغناسيو ويرت، وهو الرئيس المشارك لمبادرة الحوكمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، دعم المنظمة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في سعي تلك الدول لتحقيق المساواة بين الجنسين، وقال إن مؤتمر (المرأة في الحياة العامة) عزز من فهمنا لأهمية دمج النوع الاجتماعي في صنع السياسات. وأضاف «كان جلياً خلال المؤتمر أهمية البحث في موضوع المساءلة وكيفية المحاسبة، وهذا المؤتمر عزز الوعي الاجتماعي لأهمية إدخال النساء في المعترك السياسي والحياة الاقتصادية، وذلك للحصول على تقدم في التنمية ومنع الإقصاء، وهو خطوة واسعة على طريق تحقيق المساواة بين الجنسين، وتطوير البرامج ذات الصلة، وعرض ويرت تجربته في إسبانيا في مجال تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين والتي بدأت بشكل منهجي منذ 2007، حتى عمت كل الجهات الرسمية والخاصة، وأدت إلى ارتفاع نسبة حضور المرأة بالحياة العامة.وأكد رئيس قطاع الشرق الأوسط وأفريقيا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كارلوس كوند، أهمية الربط بين المساواة بين الجنسين من جهة وقضايا الحوكمة والإصلاحات الاقتصادية من جهات أخرى، وقال إن الربط ليس أمراً سهلاً ويحتاج إلى الكثير من العمل والقياس والاطلاع على التجارب المختلفة، لافتاً إلى أهمية مؤتمر المرأة في الحياة العامة في هذا الأمر، وقال إن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تعمل على المساواة بين الجنسين في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ ثلاثين عاماً، ونحن ننظر إلى المسألة من جميع أوجهها، الأعمال والشركات ورعاية الأطفال والتقاعد، وما تحقق حتى الآن جيد لكن الطريق أمامنا طويلاً.وأشار كوند إلى أهمية أن يعي صناع القرار في القطاعين العام والخاص أن الاستثمار في المرأة يعزز التنافسية والتنمية الاقتصادية، لافتاً إلى أن التشريعات والأنظمة بحاجة لتطوير دائم من أجل تحقيق نتائج أكبر على صعيد تمكين المرأة وتعزيز مساهمتها في الحياة العامة.ورفع المشاركون بالمؤتمر في ختام أعماله خالص الشكر وعظيم الامتنان إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، لما شهده المؤتمر من عناية كريمة ومتابعة شخصية من قبله، كما تقدم المشاركون بجزيل الشكر لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة على رعايتها الكريمة لهذا المؤتمر ومتابعتها لمداولاته، وحرصها الأكيد على متابعة توصياته بما يتناسب مع تجربة البحرين في هذا المجال الهام.