حسام الصابونيكشفت إحصاءات أجرتها «الوطن» عن إهدار وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني 25 مليوناً و885 ألفاً و170 ديناراً سنوياً لعدم استغلال النفايات بالبيع الخام، والتي تدر أموالاً طائلة في معظم دول العالم، إذ تشير التقديرات العالمية إلى أن طن القمامة يساوى قيمة برميل نفط من البترول الخام أي ما يعادل 45 دولاراً حسب السعر الحالي، فيما تستغل إحدى الشركات، وبعلم الوزارة، المخلفات من الورق والكرتون مجاناً.ويمكن بهذا المبلغ المهدر بسبب عدم التخطيط الإستراتيجي الجيد، المساهمة في تشييد أكثر من 384 آلاف وحدة سكنية في حال تم حساب سعر الوحدة بـ65 ألف دينار، وهي تعادل كذلك سعر 1.4 مليون برميل نفط، وتمكن من إنشاء 6 مراكز صحية متكاملة تماثل مشروع إنشاء المركز الصحي بالحنينية والذي رصدت له ميزانية تصل إلى 4 ملايين دينار، كما تمكن من انشاء 10 أندية نموذجية تماثل مشروع نادي الرفاع النموذجي الذي بلغت كلفته 2,346,004مليون دينار بحريني.وبحسب رد وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني على سؤال نيابي في مايو الماضي فإن البحرين تنتج شهرياً مليوناً و495 ألفاً و584 طناً من المخلفات، فيما أكد النائب محسن البكري أن هذا الرقم سنوي وليس شهرياً، الأمر الذي يجعل قيمة الهدر 25 مليوناً و885 ألفاً و107 دنانير.وعلى الرغم من التوجهات الحكومية لترشيد الإنفاق وتقليل المصروفات، واتباع سياسة تقشفية لتقليل النفقات والبحث عن موارد بديلة للنفط لتغطية العجز في الميزانية، فإن هناك عدم مبالاة من بعض الوزارات وخصوصاً وزارة «الأشغال والبلديات» التي تملك موارد تستطيع من خلالها تغطية جزء من العجز في الميزانية، إذ لا تزال قضية النفايات، رغم اللغط الكثيف حولها، «محلك سر»، كأنما «التدوير» هو الحل الوحيد للخروج من «نفق» تكاثر النفايات و»طمرها» وفق طريقة تقليدية ضررها أكثر من نفعها على المجتمع. وحاولت «الوطن» استطلاع رأي وزارة «الأشغال والبلديات» ولكنها رفضت التعليق.شبهة فسادمن جانبه، أكد النائب محسن البكري، أن ملف النفايات في البحرين فيه شبهة فساد وإهدار للمال العام بأكثر من 25 مليون دينار سنوياً، مطالباً اتخاذ الإجراءات القانونية في حق المخالفين.وأضاف أنه أبلغ وزير الأشغال وشؤون البلديات عصام خلف، أن أكثر من شركة موجودة في البحرين على استعداد دفع مقابل مادي نظير استغلال النفايات وإعادة تدويرها، لافتاً إلى أن الوزير لم يتخذ أي إجراء فعلي للدخول في مفاوضات مع هذه الشركات، واستغرب البكري من حصول إحدى الشركات في البحرين على حق استغلال المخلفات من الورق والكرتون مجاناً.وأشار إلى أن شركة الماجد لديها حاويات في منطقة الحفيرة لتجميع الأوراق والكرتون مجاناً دون دفع أي مقابل مادي مما يعد إهدار للمال العام، وأوضح البكري أنه تم الاتفاق مع شركة الماجد بناء على مذكرة تفاهم تتضمن نشر حاويات في المدارس لتجميع الأوراق وهو ما لم يتحقق فعلياً على أرض الواقع.وأكد أن طريقة التخلص من النفايات في البحرين «الطمر» هي طريقة بدائية وخطيرة بسبب تصاعد غاز الميثان الذي يسبب الحرائق، والروائح والأمراض، مطالباً الوزارة بتقديم الحلول سواء التعاقد مع شركات للتخلص من القمامة أو أنشاء مصنع لتدوير النفايات، وبين أن فكرة إنشاء مصنع لتدوير المخالفات مطروحة منذ 2003 ومازال الحال على ما هو عليه.وأشارت إحصائية صادرة عن الغرفة التجارية الصينية، إلى أن الصين تستورد قمامة من الدول العربية بأكثر من 12 مليار دولار سنوياً وتعيد تصنيعها وإعادة بيعها لنفس الدول المصدرة بعد إعادة تصنيعها فى المنتجات البلاستيكية مثل الأحذية والملابس الرياضية والجوارب ولعب الأطفال والأدوات الكهربائية بضعف الثمن، لافتة إلى أن طن النفايات يساوى قيمة برميل من البترول الخام طبقاً للتقديرات العالمية.واستوردت الصين نحو 35 مليون طن من النفايات من مصر خلال العام الماضي بلغت تكلفتها 390 مليون جنيه (قرابة 20 مليون دينار) من عدد من المحافظات المصرية، وحققت أرباحاً بلغت نحو 5 مليارات دولار، حسب ما أعلنته الغرفة التجارية الصينية.لا تخطيط بـ«البلديات»بدروه، قال رئيس مجلس بلدي الجنوبية أحمد الأنصاري، إن وزارة «الأشغال والبلديات» ليست لديها خطة واضحة لمعالجة ملف النفايات في البحرين، لافتاً إلى أنه لا يوجد أي جديد لكيفية استغلال النفايات وتحويل النفايات إلى مصدر دخل تستفيد منه الدولة.وأشار إلى أن الوزارة اكتفت بمناقشة عدة دراسات دون التحرك، فيما أكد البلدي بدر التميمي أن وزارة الأشغال والبلديات لم تطلع المجالس البلدية على خطتها ولا نعرف إلى أين وصل الملف.وأكدت بعض الدراسات المتخصصة أن النفايات كنز تستطيع الدول الاستفادة منه، إذ إن عمليات الفرز بحد ذاتها هي عمليات مربحة، حيث يصل سعر طن عبوات الماء الزجاجية إلى أكثر من 300 دولار للطن الواحد، وطن البوليستيرين والبولي أتيلان والبولي بروبيلان تصل أسعارهما أيضاً إلى حوالي 350 دولاراً للطن، أما المعادن كعبوات الألمنيوم المعتمدة للمشروبات الغازية، فيصل سعر الطن منها إلى أكثر من 1500 دولار، وكل المعادن الأخرى قابلة للتدوير كذلك الأخشاب والورق والزجاج، كما يمكن معالجة النفايات العضوية وتحويلها إلى أسمدة للاستخدام الزراعي.من جانبه، قال النائب جمال بوحسن إن هناك تجاوزات كثيرة تم تسجيلها على وزارة «الأشغال والبلديات» تتعلق بتهم فساد وإهدار للمال العام، لافتاً إلى أن السياسة التي تتبعها البلديات مخالفة لتوجيهات القيادة الرشيدة.وأضاف أن لديه معلومات مؤكدة عن عرض مستثمر إماراتي لشراء الإطارات بدلاً من دفنها وعدم استغلالها، ولكنه قوبل بالرفض لأسباب غير معلومة، وطالب الجهات المعنية بالتحقيق في المخالفات التي تم رصدها مؤخراً في حق الوزارة. تبذير المصادر الطبيعيةبدوره، قال الخبير الاقتصادي د. جاسم حاجي، أن البحرين تخسر أموالاً طائلة لعدم الاستفادة من استغلال النفايات بالشكل الأمثل، لافتاً إلى أن النفايات كنز كبير تستطيع البحرين من خلاله تحقيق فوائد وعوائد اقتصادية مهمة جداً قد تغير حياتنا بشكل جذري، واعتبر أن ما يحدث في البحرين تبذير للمصادر الطبيعية المحدودة التي لا تتجدد.وأضاف إذا لم يتم إنشاء مصانع لتدوير النفايات، فيجب على الدولة الاستفادة من بيعها، لافتاً إلى أن تدوير علب الألومنيوم يستهلك طاقة وماء أقل من التصنيع من الصفر بكمية أكثر من 95%، حيث إن هذه الطاقة التي تم توفيرها نستطيع أن نشغل بها جهاز التلفاز لمدة 3 ساعات أو ما يعادل نصف غالون من البنزين، مشيراً إلى أن المجتمع البحريني يستخدم بكثرة ورق الألمنيوم، لكننا كثيراً ما نلقيه في القمامة من دون تدوير، وهذا يعتبر إسرافاً كبيراً.أما بالنسبة للأوراق، فإن إعادة تدوير طن من الورق سننقذ 17 شجرة ويوفر 65% من الطاقة، و57% من الماء و30 كيلوغراماً من الملوثات الهواء. وبناء مصنع للورق مصمم لاستخدام نفايات الورق يكلف أقل من بناء مصنع يستخدم لب شجر جديد بنسبة 50 إلى 80%. وأوضح أن إعادة تدوير قنينة زجاج واحدة يوفر طاقة كافية لتشغيل مصباح لمدة 20 ساعة. كما إن إعادة تدوير الزجاج بشكل عام يقلل ملوثات الهواء بنسبة 20% وملوثات الماء بنسبة 50% مقارنة بصنع زجاج جديد من المواد الخام. وبين أن إعادة تدوير طن من البلاستيك يوفر ألفي غالون من البنزين، ما يعادل توفير ثلاثة آلاف دينار لكل طن. وأكد أن النفايات الإلكترونية غنية بالموارد المعدنية، حيث يقدر حوالي 10% من إنتاج العالم من الذهب يستخدم في الأجهزة الإلكترونية. ولكن للأسف فقط أقل من 30% من هذا الذهب يتم استرداده وإعادة تدويره من النفايات. أما بالنسبة لمعدن النحاس، يتم إعادة تدويره من هذه الأجهزة بنسبة 10% فقط بينما من الممكن استرداده بنسبة 90%. وأشار إلى أن مجموع القيمة المالية للطاقة التي يمكن توفيرها من إعادة تدوير النفايات بالبحرين عالية جداً وذات مردود اقتصادي، لافتاً إلى أنه إذا تم تطبيق التدوير بشكل مكثف ومتواصل فسوف يؤدي إلى تعزيز الاقتصاد وتقويته.