دعا وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف د.فريد المفتاح، إلى التصدي للدسائس والمؤامرات العدائية ضد «هويتنا وسيادة أوطاننا وعروبتنا وإسلامنا».وأكد أن الأمة اليوم بحاجة ماسة إلى العودة الصادقة لنهج المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، النهج الوسطي الرحيم الذي أراده الله تعالى لأمة الإسلام إذ قال سبحانه وتعالى «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً».ودعا المفتاح خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بمركز أحمد الفاتح الإسلامي تحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، إلى الابتعاد عن التطرف في الفكر، والغلو في السلوك، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وإبراز الصورة النقية الحضارية الراقية للدين الحنيف.وقال إن المتشددين والمتطرفين حاول إلصاق المفاهيم الخاطئة بالإسلام والمسلمين بفكرهم الإرهابي المتطرف، وسلوكهم الإجرامي المنحرف النابع عن الفهم الخاطئ لأحكام الإسلام ومبادئه السمحة وقيمه الرفيعة.وأضاف «نحتفي اليوم بذكرى ميلاد الإنسانية كلها، حيث ولدت البشرية من جديد بميلاد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، الذي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وسلاماً للناس أجمعين، فكانت رسالته الإنسانية برحمتها وتسامحها وعالميتها وسلامها، نقطة تحول في تاريخ البشرية التي تخبطت في ظلمات الجاهلية، وضاعت في غياهب الوثنية والفرقة قروناً طويلة إلى أن أذن الله تعالى ونفذت مشيئته بإخراج الإنسانية من الظلمات إلى النور ومن الفرقة إلى الوحدة، ومن التنافر إلى التآلف، ومن العداوة إلى الأخوة الجامعة».ونبه المفتاح إلى أن الإنسانية تجاوزت نفقاً من الظلمات ببعثة الهادي البشير، صلوات الله وسلامه عليه، وأشاعت بعثته الأمل والتفاؤل في نفوس الناس، فأنبتت فيهم بذور الخير والبر والتراحم والتسامح والسعادة، وأفاضت بنورها فأضاءت جنبات الكون بالمحبة والسلام.وأردف «إننا اليوم أحوج ما نكون إلى بعث الأمل والتفاؤل في النفوس، وإشاعة الخير والبشر والتراحم، والعمل على توحيد الصفوف، وجمع الكلمة اقتداءً وتأسياً بهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم».وأوضح أن النصرة الحقيقية لنبي الإسلام لا تكون إلا ببيان مضامين الرحمة والإنسانية في رسالته الخالدة، وبنشر وسطية نهجه القويم الذي استوعب الناس جميعاً على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم.وبين أن نصرته صلى الله عليه وآله وسلم والدفاع عن الإسلام لا تكون عبر ردات فعل انفعالية عشوائية مشوهة للإسلام ومضرة للمسلمين من أناس لا يفهمون الدين إلا بالشدة، ولا يطبقونه إلا بالعنف والعدوان، والنصرة الحقيقية لا تكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة، والدعوة إلى تصفح سيرته العطرة صلى الله عليه وآله وسلم للوقوف على ما تضمنته رسالته السمحة العادلة من مبادئ إنسانية سامية، وقيم رفيعة راقية، تتحقق بها الرحمة والمودة والألفة والتعاون، والاحترام المتبادل، والعيش السلمي المشترك، وصورة الوسطية والاعتدال والانفتاح والحوار.وتابع «من وحي رسالته العالمية الخالدة، ومن أنوار سنته المباركة وأخلاقه السامية، نأخذ طريقنا نحو وحدتنا وتآلفنا، فنتجاوز خلافاتنا وصولاً إلى بر الأمان وشاطئ السلام الذي نلتقي فيه جميعاً على الحب والمودة والأخوة والتراحم، نلتقي على مائدة القرآن العظيم الذي أنزله الله تعالى نوراً وهداية للناس أجمعين، نلتقي على حب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، نلتقي على اتباعه على نبل أخلاقه، على نهجه الحضاري الوسطي القويم، في القول والسلوك والعمل، نلتقي جميعاً لنقطع الطريق أمام دعاة الفتنة وأصحاب المخططات المتربصة، نلتقي جميعاً لنقف سداً منيعاً أمام الأخطار والتحديات، نلتقي جميعاً لنكون حصناً حصيناً لأمتنا وأوطاننا تنحطم أمامه كل الدسائس والمؤامرات والتصريحات العدائية ضد هويتنا وعروبتنا وإسلامنا وأمن وأمان وسيادة أوطاننا ومجتمعاتنا».وحث المفتاح على «ضرورة إعادة قراءة سيرة صاحب الذكرى العطرة صلى الله عليه وآله وسلم، بنظرات إيجابية لنتخذ منها طوق نجاة وشاطئ سلام، ولنتكئ على مبادئ دعوته، لننهض من جديد، ونعبر نحو مستقبل مشرق، مفعم بالتفاؤل والأمل، ترفرف عليه المحبة والمودة والسماحة، ويسوده السلام، وتنعم فيه الإنسانية بالأمن والأمان، والرخاء والاستقرار».من جانبه أكد رئيس بمحكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية د.إبراهيم المريخي، أن مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس مولداً عادياً بل إنه مولد أمة، امتدحها الله سبحانه وتعالى بقوله «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله»، هذا المولد أشرق بنور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأضاءت له قصور الشام، هذا المولد أدركه الصحابة العظام وعلموا ما فيه من حكمة ونور وضياء.وأضاف المريخي أنه «من الواجب علينا معرفة سيرته صلى الله عليه وآله وسلم، لأن الحق سبحانه وتعالى يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة»، فكيف لنا أن نتأسى برسول الله دون أن نعرف سيرته وهديه وطريقه ومنهجه الموصل الى مرضاة الله سبحانه وتعالى، فالنبي الأكرم عليه أفضل الصلاة والسلام عرف قدره البشر والحجر والجمادات والحيوانات، وجاءت الأخبار عن السيد المختار صلى الله عليه وآله وسلم في الأحاديث الكثيرات الصالحات التي أخرجها ابن حبان وغيره».وأردف «إننا مأمورون برابطةٍ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن يتخلف عن هذه الرابطة يتخلف عنها يوم القيامة يوم الحسرة والندامة، حينما تعرض الأعمال على رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، ويراك لست مرتبطاً معه، فكيف يكون موقفك؟ حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام».وأوضح أن «النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلتنا به عظيمة وثيقة مرتبطة ارتباط وثيق جداً لا تنفصل عراها إطلاقاً، فلا يدخل إنسان إسلام ولو مكث طول دهره وعمره يقول «لا إله إلا الله» ولم يقر لنبي الله بالرسالة، لا يدخل الجنة إطلاقاً حتى يقول «وأشهد أن محمداً رسول الله».وواصل «الحق سبحانه وتعالى وهو خالق البشر، ربط الناس برسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام حتى في التشهد، ربطهم فيه في الصلاة وهي عبادة محضة لله سبحانه وتعالى، فلا ينتهي المؤمن من صلاته حتى يصلي ويسلم على رسول الله، ويقول «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته».وتابع «ففي هذه العبادة المحضة لله سبحانه وتعالى يبين الحق عز وجل لهذه الأمة إن الرابطة برسول الله لا تنقطع في حياته وبعد انتقاله».ودعا المريخي، المولى عز وجل أن يجعل هذا العام من أفضل الأعوام، وأن يبعد عن الأمة المحن والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقها إلى الرجوع لمنهاج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.بدوره قال القاضي بمحكمة التمييز الشرعية الجعفرية الشيخ ناصر العصفور، إن واقع المسلمين اليوم لا يسر أحداً، فكم حجم الأذى الذي يلحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جراء هذه الأوضاع المريرة لأمته من التمزق والفرقة والضياع والاحتراب والصراع، فمشكلة التطرف والتشدد تمثل المشكلة المعاصرة الحاضرة في أغلب البلدان والأوطان، ولا ينحصر خطرها على أرض دون أخرى، ولا يقتصر ضررها وخطرها اليوم على العالم الإسلامي فحسب، بل تمتد إلى أقصى الارض، وأصبحت عابرة للقارات.وأوضح العصفور أن مجتمعات المسلمين في القرن الحادي والعشرين مازالت في حالة من الهشاشة وعدم الحصانة من تأثيرات التطرف والمغالاة والتعصب والطائفية، وهي تمر في هذه الأوقات بأصعب المراحل والفترات وتتعرض لأقسى الابتلاءات والاختبارات، وإذا لم يتدارك المعنيون من حكماء وعلماء ومفكرون ونخب وأنظمة وشعوب ومجتمعات، خصوصاً أهل الفكر والاعتدال والوسطية بأن يأخذوا دورهم ويتحملوا مسؤوليتهم في هذه الفترة الحرجة، وإلا فإن النتائج ستكون وخيمة وكارثية في قادم الأيام.وقال «الخطورة الآن تكمن في تحديد أصل الدين والإسلام، والخطر الآن لا يقتصر على هذا الطرف أو ذاك ولا على هذا المذهب أو غيره، فالمسألة أكبر بكثير».وأضاف أن الخطر الآن يتهدد أصل الشجرة، وما الطوائف والجماعات والمذاهب إلا بمثابة الغصون لهذه الشجرة، والمؤسف أن كل طرف يهتم بحفظ أوراقه ويدافع عن غصنه وورقه ويغفلون عن الآفات والديدان التي تنخر في أصل الشجرة وأساسها، في وقت تكون فيه بلدانهم وأوطانهم ومجتمعاتهم مهددة في وجودها بالتقسيم والتشطير والتجزئة.وأردف «علينا كمسلمين أن نتخلق بأخلاق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، بالأخذ بطرف من أخلاقه وجميل صفاته والسير على نهجه بالاقتداء والاهتداء به وبسيرته، وأن نعمل على إصلاح أنفسنا والارتقاء بذواتنا وأعمالنا وفي كل مفاصل حياتنا».واختتم الحفل بقصيدة للشاعر د.خليفة بن عربي بعنوان «في ذكرى ميلاد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم»، تناول فيها الشاعر شوق وحنين الأمة إلى نبيها صلوات الله وسلامه عليه، في وقت أصبحت الأمة أحوج ما تكون إلى الاقتداء بهديه واتباع سنته.