حاورتها سماح علام:ريهام الرشيدي.. شابة كويتية أخذت موقعها على خريطة التدريب وتنمية الذات، ولكن الجديد الذي تقدمه هو منهجها الخاص بالمرأة تحت عنوان (الأنوثة). نعم هي تدرب النساء على الأنوثة.. وبين من تقبل التدرب على ما يسمى بـ(فطرة) وبين من ترغب في اكتشاف نواقصها، تقدم الرشيدي منهجاً يأخذ المرأة من ضيق الحياة إلى فسحة الذات، فهي تقدم ما لا يدرس في المدرسة، تتحدث عن مفاتيح تكبر حجم الأنثى في زمن تعدد المسؤوليات الذكورية.ترجلت عالم الهندسة بقرار مصيري لتدخل في عالم التدريب لأنها اكتشفت بأنها تريد أن تصبح (معلمة)، وها هي تضع منهجاً خاصاً تطمح لأن ينتشر عربياً ويصبح في يد كل سيدة.عن المدربة ريهام الرشيدي وما تحمله من دروس في الأنوثة، وعن البدايات الأولى والطموح، وعن عالم التدريب أجري هذا اللقاء وفي الآتي نصه.* لنبدأ هذا اللقاء من عنوان تخصصك، لماذا (الأنوثة)؟ لم أختر هذا المجال بل هو الذي اختارني، أجريت اختباراً قبل عدة سنوات بين لي أن طاقة الذكورة لدي أعلى من الأنوثة، وكانت مفاجأة كبيرة، فوقتها لم أكن قد سمعت بطاقة ذكورة في المرأة، وكنت أعتقد أن الأنوثة هي الجمال الخارجي وطالما أنني رشيقة وجميلة فلابد أن أكون على مستوى جيد من الأنوثة، ولكن المفاجأة كانت بأن الأنوثة ليس لها علاقة بالمظهر الخارجي ولكن بأسلوب الحياة وطبيعة المشاعر الغالبة على المرأة التي تؤثر على سلوكياتها وتصرفاتها، فهناك امرأة آية في الجمال ولكنها تفتقد الأنوثة وهناك المتواضعة في جمالها ولكنها قمة في الأنوثة، والأنوثة في الميزان أثقل.البداية.. التخلص من الخوف* تطرحين أفكاراً هي أشبه بمفاتيح لتنظيم حياة المرأة، ما هي ملامح ما تقدمينه؟ أعتقد أن طرق تربية المرأة في بلداننا العربية ظلمتها كثيراً فهي مخلوق رائع لها إمكانيات غير محدودة ولكن المشكلة أنها لا تعرف ذلك، تعتقد أنها أقل ممن حولها وعندما ترتبط برجل تبدأ هذه المشكلة بالظهور بشكل لا يحتمل الشك فتبدأ بتكبير حجم الرجل وتصغير حجمها الذاتي في العلاقة مما يؤدي لاستهلاك حياتها وطاقتها وجهدها في هذه العلاقة.هي تشعر بالكثير من المخاوف، الخوف من فقدانه، الخوف من رفضه لها، الخوف من خيانته، وغيرها من المخاوف، كل هذه المخاوف في علاقاتنا سببها واحد (عدم حب الذات الحب الحقيقي) وعدم تقدير الذات، فالمرأة التي تملك علاقة طيبة مع ذاتها تطيب علاقاتها مع جميع من حولها وليس فقط الرجل، في حين تلك التي تعيش غربة في ذاتها فإن علاقاتها مع الناس حولها ومع الرجل في حياتها تأخذ نفس الطابع غربة وصعوبة في التعامل والألم.. من هنا فإن رسالتي للمرأة بأن أهديها مفاتيح العودة لذاتها لإصلاح ما بالداخل وتعلم بعض المهارات الخارجية السلوكية لكيفية التعامل مع الناس والرجل كي تصل إلى طموحها في علاقات متزنة ومرضية.* إلى أي مدى تحتاج المرأة إلى تخطيط حياتها والتحكم في مفاصلها لتحقق الرضا ثم السعادة؟لا أعتقد أنها بحاجة للتخطيط بقدر ما هي محتاجة للانغماس باللحظة وعيش تفاصيل حياتها وترك القلق الذي يثقل عاتقها، فمشكلة النساء عموماً أنهن يحملن أنفسهن فوق طاقتهن فتريد الواحدة منهن أن تكون زوجة مثالية وأماً مثالية وابنة مثالية وقريبة مثالية، ولا يدفع الثمن في هذه الرغبة للمثالية إلا المرأة نفسها، لا بأس من وضع خطوط عريضة ونوايا واضحة لما نريده من الحياة، ولكن لا ننسى الاستمتاع والبهجة والسعادة في تفاصيل تفاصيل حياتنا. حققت ذاتي في التنمية الذاتية * كيف بدأت مشوار التدريب؟ ولماذا التدريب؟بدايتي كانت عندما تخرجت من كلية الهندسة لأكتشف المفاجأة الكبرى في حياتي أنني لا أريد أن أكون مهندسة ولكنني أريد أن أكون معلمة، وهنا بدأت البحث عن طرق تحقيق ذلك فوجدت في مجال التنمية الذاتية المجال المناسب لذلك والحمد لله منذ بداية رحلتي في التنمية الذاتية أجد إقبالاً من المتدربات والمتدربين تجاه ما أقدم وهذا فضل الله علي وبركته.* شابة، تدخل مجال التدريب بقوة وتميز، تستقطبين عدداً ليس بالقليل، ما هو سر نجاحك؟ سر نجاحي هو التركيز، فأنا أعرف تماماً رسالتي وقيمي وما أريد إيصاله للشخص الذي أمامي وأيضاً كوني أتكلم من منظور تجربتي الشخصية، فهذا يعطي دوراتي طابعاً من الصدق والقرب من المتلقي، لأني أستطيع أن أشعر بالمتدرب أمامي وأعرف حجم المعاناة التي جعلت هذا الشخص يبحث عن إجابات لأسئلته، وتبقى بركات الله وتوفيقه قبل أي مما ذكرت.عالم التدريب كبير والبقاء للأفضل*هناك من يصنف المدربين في كفتين، الأولى مدربون أكفاء مختلفون في الطرح والرؤية، والثانية مسوقون لبعض الأفكار الاستهلاكية دون إحساس حقيقي بالإضافة النوعية منهم، وهذا ما يجعلنا نتساءل كيف ترين واقع التدريب اليوم، وهل ثمة ملاحظات عليه؟ وهل يحتاج إلى تنظيم مثلاً أم أنه أصبح شكلاً من أشكال التجارة؟ أعتقد أن مجال التدريب مجال رائع وعلينا ألا نخاف منه، فالوسائل اليوم تكشف المدرب الصادق المحترم في تنفيذ وعوده للمتدرب وغير ذلك من مدربين، ولا أجد أن المدرب يجب أن يتحرج من أن يدفع له مبلغ مالي مقابل دوراته ولكن يبقى التحديد بأن يقدم أضعاف هذه القيمة المالية للمتدرب بحيث يساهم فعلاً في إضافة القليل لحياة الشخص الذي أمامه.أعتقد أن مجال التدريب والتنمية الذاتية من أجمل المجالات وأحسنها، فهو يساعد الإنسان على تنمية وعيه وتحسين مستوى حياته وهذا ما لا يقدمه لك التعليم المدرسي، وأدعو الله أن ييسر لكل صاحب نية طيبة الوصول للناس والتأثير بحياتهم بإيجابية فالشعوب العربية من أحوج ما تكون لذلك.* وظفت التقنية الحديثة في إرسال ونشر ما تريدين توصيله، هل تحدثيتنا عن جمهورك من خلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؟ وما التفاعل المتحقق من وراء هذا الحضور؟نعم ، وعندما أتفكر بهذه النقطة تحديداً أجد أني محظوظة كثيراً لأن أعاصر هذا الزمن الذي يساعد على الوصول للناس وتقديم رسالتنا لهم، وسائل التواصل الاجتماعي نعمة حقيقية لمن يحسن استخدامها.من الأنوثة إلى الرجولة* هل يحتاج الرجل إلى خطاب مشابه؟ هل يحتاج إلى تدريب على الرجولة في زمن تغيرت فيه صفات وسمات الناس؟ممكن بعض الرجال يحتاجون وإن كان الخير موجوداً في كثير منهم، ولكن تبقى مشكلة الرجل في أنه يتحرج من السؤال بالرغم من أني خلال مشواري في التنمية وجدت بعض الرجال الذين يطلبون استشارة مني لأمور شخصية أو أمور تتعلق بعلاقتهم مع المرأة، ولكنهم يبقون قلة فالغالب لا يرتاح كثيراً من السؤال، وهذي طبيعة الرجال عموماً، لذلك نجد أكثر مرتادي الدورات من النساء، فالمرأة بطبيعتها أكثر تواضعاً وشغفاً وفضولاً للمعرفة.* هناك من النسوة من ترفض اللجوء إلى مختصة في الأنوثة باعتبار أنها فطرة، كيف تردين على مثل هذا الرأي؟ يحق لها ذلك فهذا هو الرأي الأولي عندما تسمع بمدربة بالأنوثة، ولو كانت فعلاً متزنة في أنوثتها وسعيدة بها فأنا أدعو الله أن يبارك بها ويزيدنا هكذا أمثلة، ولكن يبقى أن هنالك نساء لم تتوفر لهن ظروف الحياة التي تساعدهم على حفظ أنوثتهم والاستمتاع بها هذه بالتحديد التي أوجه رسالتي لها.الروتين يقتل النجاح* إلى أي مدى نحن في حاجة إلى التجديد الفكري والسلوكي في حياتنا للخروج من الروتين الذي يهدد حياتنا؟الروتين قاتل للشغف للشباب للمتعة، وسر من أسرار الشباب الدائم هو أن يكون الإنسان في حالة تجديد وتغيير مستمر، وهنا تأتي الحاجة للتغيير والتجديد في الحياة.* إن كان للنجاح الزواجي وصفة، فما هي مكوناتها؟ وبالمثل إن كان للفشل الزواجي وصفة، فما هي مكوناتها؟وصفة النجاح الزوجي هي نفسها وصفة النجاح في التربية، هي نفسها وصفة النجاح في العلاقات الاجتماعية، وألخصها في عبارة واحدة (العزيز على نفسه عزيز على الناس والهين على نفسه هين عليهم) والمقصود بالـ(هين) يعني الرخيص، فكلما زاد تقديرك لذاتك زاد تقديرهم وتمسكهم بك هذه هي الوصفة بكل اختصار وبساطة. البيت حبي الأول* الاختصاصية رِهام، المتميزة في طرحها، كيف هي داخل المنزل، صفي لي نفسك وأجواءك بين الأسرة والأصدقاء؟ وكيف توازنين بين كل أدوارك المتعددة؟ أحب البيت كثيراً برغم أن الناس يرونني غالباً في الصور في قاعات التدريب وفي قاعات المؤتمرات إلا أني أحب البيت كثيراً وأفضل البقاء به، وإذا كان ليس لدي عمل أقوم به فثاني خيار أختاره أن أكون في تجمع أسري أو مع الصديقات، ولا أنسى الأوقات الخاصة فيني في النادي وغيره فهي تساعدني على الاتزان.. ولكوني زوجة ولدي ثلاث أميرات وأدير عملي الخاص فأحياناً تمر بي فترات ضغط ولكني واعية بذلك فأقوم مباشرة بعمل آليات تفريغ الضغوط وإدارة التوتر والحمد لله لدي من يعينني في حياتي على ذلك من زوج داعم وأهل.* كمدربة، كيف تقيمين وضع المرأة الخليجية وفق معايير محددة؟ أين أوجه القوة وأين أوجه القصور؟ أعتقد أنها متقدمة كثيراً وأننا مستقبلاً سنجد الكثير من الخليجيات يتصدرن عالمياً في مختلف المجالات، نقاط القوة فيها أنها ذكية لا تمل من السؤال ونقاط الضعف أنها أحياناً تبخس نفسها حقها في سبيل إنصاف الآخرين وهذا ليس فيه عدل للنفس.* أين ترين نفسك في المستقبل؟ أرى منهج (الأنوثة وحب الذات RehamDiva.com) الذي أقدمه في يد كل سيدة عربية ليساعدها على بدء علاقة طيبة مع ذاتها ومع من حولها.
ريهام الرشيدي.. من مهندسة إلى مدربة
29 ديسمبر 2015