عواصم - (وكالات): تصاعدت أمس حدة الأزمة بين السعودية وإيران مع إعلان دول عربية وخليجية اللحاق بركب الرياض في الحزم ضد طهران، وقرت قطع العلاقات وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي معها، احتجاجاً على التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية والخليجية، بينما دعت دول كبرى إلى احتواء التوتر الذي ينذر بتداعيات إقليمية. وغداة إعلان السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، اتخذت البحرين والسودان إجراء مماثلاً، بقطع العلاقات مع طهران، واستدعت الإمارات سفيرها في إيران، وقررت خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى القائم بالأعمال وخفض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين، وأضيف إلى هذه الخطوات، الإعلان عن اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب الأحد المقبل.وفي وقت لاحق، صرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن بلاده ستوقف حركة الملاحة الجوية بينها وبين إيران، وأيضاً وقف كل العلاقات التجارية معها. فيما أضاف الجبير أن المملكة ستمنع مواطنيها من السفر إلى إيران، بينما قال إن الحجاج الإيرانيين سيبقون مكان ترحيب في السعودية. وكشف الجبير عن أن قطع العلاقات مع إيران أعقب أعواماً من السياسات العدوانية الإيرانية، كما شدد على أنه يتعين على إيران التصرف كبلد يحترم الأعراف والمواثيق الدولية، مضيفاً بأن قطع العلاقات جاء نتيجة للتصعيد والتصرفات العدوانية التي صدرت عن الجانب الإيراني. وسارعت دول عدة الى التحذير من تصاعد التوتر، فأعربت روسيا عن استعدادها للتدخل لحل الأزمة بين السعودية وإيران، في حين دعت باريس وبرلين وروما إلى لجم التوتر الذي بدت مؤشرات على احتمال تمدده، اثر تفجير مسجدين للسنة واغتيال أمام مسجد ثالث في مدينة الحلة جنوب بغداد. واندلعت الأزمة الجديدة بين السعودية وإيران على خلفية احتجاج الأخيرة على إعدام الإرهابي نمر النمر مع 46 مداناً بالإرهاب، واعتداء مثيرين للشغب على بعثات دبلوماسية سعودية في طهران ومشهد، وقد أدين النمر بتهم إشعال الفتنة الطائفية والخروج على ولي الأمر وحمل السلاح في وجه رجال الأمن. بينما دين معظم المحكومين الآخرين بالضلوع في اعتداءات منسوبة الى تنظيم القاعدة. وأعلنت السعودية مساء أمس الأول على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران وطرد دبلوماسييها خلال 48 ساعة. كما وصل إلى دبي، قرابة 80 دبلوماسياً سعودياً وأفراد عائلاتهم من ايران، بحسب مصادر دبلوماسية. وأعلنت الهيئة العامة للطيران المدني السعودية «وقف جميع الرحلات من وإلى إيران»، على خلفية إعلان الرياض قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وأفاد بيان صادر عن الهيئة نقلته وكالة الأنباء الرسمية بأنه «بناء على ما أعلنته المملكة عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران فقد وجهت الهيئة الناقلات الوطنية وجميع الناقلات بتعليق ومنع جميع رحلاتها من وإلى إيران». وجاء في بيان الهيئة أيضاً أن القرار يأتي على «خلفية الاعتداءات السافرة التي تعرضت لها سفارة خادم الحرمين الشريفين في طهران والقنصلية في مشهد بإيران» مضيفة أن «الناقلات الوطنية ستتخذ الإجراءات اللازمة بغية عدم تضرر المسافرين ممن لديهم حجوزات مسبقة بالتنسيق مع المسافرين».وسارعت دول حليفة للسعودية الى اتخاذ خطوات شبيهة. وأعلنت البحرين في بيان «قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران»، والطلب من دبلوماسييها المغادرة «خلال 48 ساعة». وشمل القرار إغلاق بعثة البحرين لدى إيران وسحب كل طاقهما. كما أعلن السودان قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران «فوراً»، بحسب بيان لوزارة الخارجية التي أكدت أن القرار يأتي على خلفية «حادثة الاعتداء الغاشم على سفارة» السعودية وقنصليتها. أما الإمارات العربية المتحدة، فقد استدعت سفيرها وخفضت التمثيل الدبلوماسي. وأفاد بيان للخارجية الإماراتية بأن أبو ظبي قررت خفض التمثيل «إلى مستوى قائم بالأعمال وتخفيض عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في الدولة»، كما تم «استدعاء» سفيرها في طهران سيف الزعابي تطبيقاً للقرار. وعللت خطوتها بـ «التدخل الإيراني المستمر في الشأن الداخلي الخليجي والعربي والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة». وفي القاهرة، أفاد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي باجتماع طارئ لوزراء الخارجية الأحد المقبل، بهدف «إدانة انتهاكات إيران لحرمة سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد»، إضافة إلى «إدانة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية».وتخوفاً من انعكاس التوتر على أزمات دامية وشديدة التعقيد، سارعت دول كبرى للدعوة الى التهدئة. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو «مستعدة لدعم» حوار بين الرياض وطهران، طالبة «بإلحاح» منهما «والدول الخليجية الأخرى ضبط النفس»، وسلوك «طريق الحوار». كما دعت فرنسا إلى «وقف تصعيد» التوتر بين السعودية وإيران، بحسب تصريحات للناطق باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول الذي اعتبر أن «تميز فرنسا هو قدرتها على الحوار مع الجميع، وقد ذكر وزير الخارجية لوران فابيوس بالرغبة في وقف التصعيد». كما دعت برلين عبر المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ستيفن سيبرت، إلى بذل كل ما في وسعهما «لاستئناف علاقاتهما». وأجرى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اتصالات هاتفية مع نظيريه الإيراني محمد جواد ظريف والسعودي عادل الجبير وحضهما على الهدوء. وكانت الولايات المتحدة طالبت قادة دول الشرق الأوسط بالقيام بـ «خطوات لتهدئة التوترات». وطلبت وزارة الخارجية الإيطالية من الرياض وطهران «الحد من التوتر وعدم سلوك سكة التصعيد الخطير للجميع».ودان محمد النمر، شقيق نمر النمر «الاعتداء» الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد السبت الماضي. وقال في تغريدة عبر «تويتر»، «نرفض وندين الاعتداء على سفارات وقنصليات المملكة في إيران وغيرها». بدورها، لم تسلم الرياضة من تداعيات التوتر. فقد طالبت أندية الهلال والنصر والأهلي والاتحاد السعودية المشاركة في دوري أبطال آسيا لكرة القدم على مواقعها الإلكترونية، بعدم لعب مبارياتها المقررة مع الأندية الإيرانية في إيران ونقلها الى أرض محايدة.وفي مؤشر جديد إلى التوتر، أطلق مسلحون النار على دورية للشرطة في بلدة العوامية شرق السعودية، مسقط رأس النمر. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن إطلاق النار أدى إلى «مقتل المواطن علي عمران الداوود وإصابة الطفل محمد جعفر التحيفه «8 سنوات»».وفي العراق، هز انفجاران مسجدين للسنة في مدينة الحلة، جنوب بغداد، كما اغتال مسلحون إمام مسجد ثالث شمال المدينة، وسط مخاوف من تجدد العنف الطائفي.