كشف خبير الآثار البحريني د.عبد العزيز صويلح أن الحضارة الدلمونية عاصرت أولى الحضارات البشرية، لافتاً إلى أن دلمون ملكت الكثير من أسس البقاء كحضارة مكنتها من الاستمرار بتكوين ثقافة تميز الدلمونيين، كالثقافة الدينية والتجارية والزراعية والملاحية وغيرها من أسس نشوء الحضارة في أية بقعة على الأرض.وقال، خلال محاضرة نظمها مركز الجزيرة الثقافي أمس بعنوان «حضارة دلمون»، بحضور رجالات المحرق ورجال الأعمال ورواد مركز الجزيرة الثقافي والمهتمين بالشأن الثقافي والاجتماعي العام، إن امتلاك حضارة دلمون لمقومات الحضارة جعلها متمكنة من التفاعل الحقيقي مع الحضارات القديمة السائدة آنذاك، فاعلة بقوة للربط بين حضارات السند ووادي الرافدين، لتوسط موقعها الجغرافي والاستراتيجي في وسط قلب الخليج العربي.ولفت إلي أن حضارة دلمون بسطت ثقافتها وانتشرت على طول المنطقة الساحلية الشرقية للجزيرة العربية الممتدة من جنوب العراق حتى عمان وشملت كبرى جزر مملكة البحرين الحالية، فكانت بمثابة مركز للإقليم الذي تطور على مر العصور.وأشاروا إلى أن أهل دلمون امتهنوا الزراعة وصيد الأسماك، واللؤلؤ، وكانوا يسكنون في بيوت صنعت من سعف النخيل التي وفرتها طبيعة الجزيرة المشهورة بكثرة النخيل وجودة تمورها، ولعل آثار النخيل وقدسيتها متمثلة في مواقع المدافن التلية والمستوطنات المرتبطة بها تخليداً للموتى، وتنبئنا محتويات القبور المقببة من اختام وجرار ولقى عن طريقة حياة أفرادها ومعتقداتهم.وأفاد أنه تبين لي جليا من خلال التنقيبات التي أجريتها وأشرفت عليها في عدة مواقع وتحليلي للمكتشافات مع بعض الخبراء الذين استعنت بهم، كما ويرجح الآثاريون في البعثات التي عملت في البحرين، كالبعثة الدنماركية والبعثة الفرنسية والبعثة الإنجليزية والبعثة الأسترالية، يرجحون أن مستوطنات سكنية شيدت قديما على أرض الجزيرة في كرباباد -موقع قلعة البحرين الحالية- وباربار، سار، الدراز، بوري، عالي، المالكية، وغيرها.وأوضح أن أعمال الورشة ستتضمن جولات ميدانية إليها إلى المناطق التي تم الإشارة إليها كمستوطنات بشرية، ومن المؤكد أنها تطورت تلك المستوطنات إلى التعامل التجاري وركوب البحر ليتصل أهلها بالشعوب الأخرى، فكانت دلمون منذ القدم مركزاً اكتسب أهمية استراتيجية بسبب موقعها في منتصف الخليج، لتكون حلقة وصل وميناء آمنا لرسو السفن في طريقها من بلاد وادي السند -ملوها أوملوخا- وساحل عمان -ماجلان- إلى بلاد ما بين النهرين.وأضاف أن الجزيرة جنة خضراء لكثرة عيونها ومياهها العذبة الطبيعية ما جعلها نهباً للطامعين من الدول الكبرى في قديم الزمان، ولعل الدور الذي لعبته دلمون في الأساس كان دوراً تجارياً يتمثل في القيام باستيراد المواد الخام كالنحاس والصخور والأخشاب وغيرها من السلع واعادة تصديرها الى بلاد ما بين النهرين التي كانت بحاجة ماسة إليها كما تبين ذلك السجلات المعمارية القديمة.من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة المركز محمد الجزاف، في كلمته، أن الورشة تهدف لاستحضار الدور الريادي الذي لعبته حضارة دلمون في المسيرة البشرية، وللتعريف بالإرث الحضاري الزاخر لحفظ هويتنا الثقافية، ولتعزيز روح الانتماء والمواطنة لدى أبناء شعبنا المشاركات والمشاركين من مختلف مدن وقرى البحرين.واستطرد قائلاً إنه لمن دواعي سرور مجلس الإدارة أن يخطو بثبات نحو تنوير الرأي العام وتثقيفه ويسهم بنشر العلم وتأصيل المعرفة لمنتسبي وأصدقاء ورواد مركز الجزيرة الثقافي، ترجمة واقعية للشراكة المجتمعية وفق رؤيه ومبادئ ومبادرات توعوية تستهدف التنوير والتطوير لجميع فئات المجتمع البحريني.وقال إن تدشين الورشة حلقة ضمن سلسلة من فعاليات وبرامج المركز للعام الجديد.