بعنوان «أمسية محبة»، وبعد 40 يوماً على الرحيل، نظم مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث أمس، حفل تأبين لعالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي، ضمن موسمه الثقافي «الحالمون لا يمكن ترويضهم أبداً». وقدم خلال الأمسية نخبة من المثقفين والأدباء شهاداتهم وقراءاتهم حول اشتغالات المرنيسي، وامتدادها للأصوات النسائية وتأثيرها النقدي على الوعي الإبداعي المنادي لقضايا المرأة، وترجمة معظم أعمالها الأكاديمية إلى اللغات العالمية، مستخدمة أدواتها التنظيرية والسسيولوجية، إلى جانب محاورتها للتراث العربي الإسلامي والثقافة العربية والغربية في آن واحد.وسرد المشاركون بالأمسية جانباً من حياة المرنيسي وأهم المؤلفات التي تناولتها بشكل مغاير وتحليلي عن المشهد الثقافي، وعلى هامش الأمسية دشن كتاب «شهرزاد المغربية.. شهادات ودراسات عن فاطمة المرنيسي»، وهو من إصدار مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، وإعداد وتحرير ياسين عدنان.وأكدت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار رئيسة مجلس أمناء المركز الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، أن الكلمات لا تفي حق فاطمة المرنيسي، بعد أن تركت بصمتها في المركز والبحرين والعالم العربي عبر أفكارها وشخصيتها. بينما تحدثت الناشطة المغربية جميلة حسون عن علاقتها بالمرنيسي قبل عشرين عاماً خلت، متوقفة عند فاطمة الإنسانة والصديقة والمرشدة التي عملت حتى آخر لحظة من حياتها، كما أظهرت مدى احترامها للعلاقات الإنسانية وعيشها للهم الإنساني والثقافي في العالم العربي. بدورها تحدثت البروفيسورة الإيطالية إليزابيت بارتولي عن علاقتها المهنية والشخصية بالراحلة المرنيسي، بعد أن ترجمت عدداً من كتاباتها وتأثرت برؤية المرنيسي وتميز كتاباتها. من جهته توقف توماس آرتمان عند التبادل الثقافي الذي آمنت به المرنيسي واعتبره جسراً عايشه بين ألمانيا والعالم العربي، إذ كانت تحضر العديد من المنتديات والمؤتمرات في ألمانيا منذ لقائهما عام 1984.وتحدث عن أهمية اختياراتها الاستراتيجية واهتمامها بالإعلام ودوره في نقل الصورة الأفضل للمجتمع، ونعت المرنيسي بالأكاديمية الاستثنائية التي أرادت تحسين وتغيير الواقع للأفضل على طريقتها.فيما تحدث ياسين عدنان عن خبرته في إعداد وتحرير كتاب شهرذار المغربية «شهادات ودراسات عن فاطمة المرنيسي»، مؤكداً أهمية كتابات فاطمة المرنيسي على المستوى العالمي. ووصف عدنان، المرنيسي بـ»المرأة العصية على التصنيف»، إذ يتداخل فكرها بالأدب والبحث الأكاديمي بالتخيل.وعُرض خلال التأبين فيلم أعد خصيصاً بهذه المناسبة عن مداخلات المرنيسي وحضورها إلى مركز الشيخ إبراهيم منذ عشر سنوات. رحلت المرينسي في 30 نوفمبر 2015، وهي من القليلات اللاتي حظين بحق التعليم في عهد الاحتلال الفرنسي، بفضل المدارس الحرة الخارجة على نمط التعليم الفرنسي التابعة للحركة الوطنية.عملت المرنيسي باحثة بالمعهد القومي للبحث العلمي بالرباط، وبكلية الآداب والعلوم الإنسانية «جامعة محمد الخامس»، وعضواً في مجلس جامعة الأمم المتحدة، وأسست مبادرة جمعوية من أجل حقوق المرأة تحت اسم «قوافل مدنية»، وساهمت في إطلاق تجمع «نساء، أسر، أطفال».وللمرينسي العديد من المؤلفات باللغة الفرنسية ترجمت إلى لغات عديدة بينها العربية والإنجليزية، من أهمها «الحريم السياسي»، «أنتم محصنون ضد الحريم»، «الجنس والأيديولوجيا والإسلام»، «ما وراء الحجاب»، «الإسلام والديمقراطية»، «شهرزاد ترحل إلى الغرب»، «أحلام الحريم»، كما كتبت شبه سيرة ذاتية تحت عنوان «نساء على أجنحة الحلم». نالت جائزة أمير أستورياس للأدب أرفع الجوائز الأدبية بإسبانيا مناصفة مع سوزان سونتاغ، بينما حازت على جائزة إراسموس الهولندية إلى جانب المفكر السوري صادق جلال العظم والإيراني عبد الكريم سوروش، وكان محور الجائزة «الدين والحداثة»، واختيرت عضواً في لجنة الحكماء لحوار الحضارات التي شكلتها اللجنة الأوروبية برئاسة رومانو برودي.