لم يكن النفط يشكل قضية كبيرة في ظل استقرار الأسعار عند مستوى الـ3.6 دولار قبل عام 1973، ويعود ذلك إلى سيطرة الشركات العالمية الكبرى على إنتاجه وبيعه في السوق العالمية، وهو ما كان يعرف باسم الأخوات الـ7 (شيفرون، موبيل، اكسون، تكساكو، غالف، بي بي، شل)، بل كانت المصلحة الكبرى لتلك الشركات هي الدفع لاستقرار الأسعار لضمان تدفق النفط، لتجنى من وراء أرباحها الطائلة والتي تتقاسمها بإجحاف مع الدول المنتجة.في العام 1973، حيث حرب أكتوبر، شكل بداية واضحة لارتباط النفط بالأوضاع السياسية بشكل عام، حيث حظرت الدول العربية تصدير النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية احتجاجاً على مساندتها لإسرائيل في حربها، وهو ما كان له أثر مباشر على الارتفاع الكبير لأسعار النفط آنذاك، حيث قفز سعر برميل النفط من 3.6 إلى ما يزيد عن 12 دولاراً عام 1974، وليستقر لغاية عام 1978 عند حدود الـ14 دولاراً.قفزة أسعار النفط الثانية جاءت في العام 1979، عقب قيام الثورة الإسلامية في إيران، حيث توقف إمداد النفط الإيراني في الأسواق العالمية، والذي كان يقدر حينها بحو 2 مليون برميل يومياً، ما ساعد على زيادة الطب من الدول المنتجة، والذي أدى بدوره إلى ارتفاع آخر كبير في الأسعار وصل إلى 25 دولاراً.بعد ذلك بعام، ونتيجة الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، انخفض الإنتاج العالمي من النفط بما يقارب 5.5 مليون برميل، وهي حصة العراق وإيران في السوق العالمية، فقفزت أسعار النفط مرة أخرى لتصل إلى 35 دولاراً للبرميل عام 1980 ثم إلى 37 دولاراً للبرميل عام 1981.ومنذ الأعوام 1981-1986 ونتيجة الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط مع بقاء الأسعار في معدلاتها القصوى، أدى ذلك إلى انهيار تدريجي لأسعار النفط، فتراجع من 35 دولاراً عام 81 إلى حوالي 14 دولاراً عام 1986، حيث حاولت (أوبك) خلال هذه السنوات ترشيد إنتاج النفط والمحافظة على أسعار معقولة في السوق العالمية، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، فحدث التراجع الحاد في الأسعار ليصل إلى ما كان عليه عام 1979.وبعد محاولات حثيثة بين الدول المنتجة تم الاتفاق على تعديل السعر عند معدل 18 دولار في نهاية 1986، وهو ما تم المحافظة عليه حتى العام 1990، لتقفز الأسعار إلى 23 دولار مع بداية الغزو العراقي للكويت.ورغم التقلبات السياسية في مناطق إنتاج النفط، خصوصاً في العراق وإيران، فقد حافظ النفط على أسعاره في حدود الـ20 دولاراً، حيث تمكنت الدول المنتجة الكبرى من تعويض السوق عن نفط العراق وإيران، إلى أن حلت ما تعرف بالأمة الآسيوية عام 1997،لتنهار أسعار النفط مجدداً وتسجل حوالي 10 دولارات للبرميل نهاية 1997 و11 دولار عام 1998. ليعقبها ارتفاع في الأسعار عام 1999 وليستقر عام 2000 عند 27 دولاراً.وشهدت الأعوام من 2000 إلى 2008 زيادة كبيرة ومفاجئة على النفط في السوق العالمية، خصوصاً من الدول الناشئة في شرق آسيا (الصين والهند...) وهو ما دفع بأسعار النفط إلى قفزات كبيرة للغاية، حيث سجلت أعلى سعر لها في التاريخ منتصف عام 2008 بـ147 دولاراً، ولكنه ما لبث أن انهار بعد عدة أشهر ليصل إلى حولي الـ40 دولاراً في نهاية ذات العام.ومع جهود (أوبك) اتفقت الدول الأعضاء مع المنتجين من خارج المنظمة على تخفيض الإنتاج العالمي من النفط بحوالي 4.2 مليون برميل يومياً، وهو ما أعاد للأسعار عافيتها من جديد لتتراوح أسعار النفط في السنوات الثلاث التالية ما بين 50-77 دولاراً.مع انقطاع إمدادات دول جديدة منتجة للنفط (ليبيا، اليمن، سوريا) في ظل الاضطرابات السياسية عام 2011، أو ما تم تعريفة بـ»الربيع العربي»، اضطربت أسعار النفط مجدداً لتقفز إلى أعلى من 100 دولار للبرميل، وفي العام التالي، 2012، ساهم فرض الحظر النفطي على إيران في إبقاء أسعار النفط مرتفعة، مع بدء انخفاض الطلب نتيجة تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وتوجهت الدول المستوردة، خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، إلى البحث عن بدائل أقل كلفة، متمثلة في النفط الصحي، وهو ما أدى إلى الانهيار الأخير في أسعار النفط لتصل إلى ما دون الـ50 دولاراً.