رغم تعقيدات الأزمة السياسية باليمن، فإن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد يعد من أبرز الدبلوماسيين في الأمم المتحدة، الذين يمتلكون مؤهلات المساهمة في حلها، ويبدو أن لديه الكثير ليقدمه، خاصة أنه صاحب قدرة كبيرة على التوفيق بين المتخاصمين، بل استبشر كثيرون خيراً واتجهت الأنظار إليه بعد تعيينه مبعوثاً إلى اليمن خلفاً لجمال بن عمر المستقيل الذي فشل فشلاً ذريعاً في إدارة الأزمة، ما أدى إلى تدهور الأوضاع في البلاد بشكل كبير.ويشكل ولد الشيخ أحمد همزة الوصل بين الحكومة اليمنية الشرعية، والمتمردين الحوثيين وحلفائهم، ومجلس الأمن الدولي، ومجلس التعاون الخليجي، وحكومات المنطقة، وشركاء آخرين، وكذلك الفريق التابع للأمم المتحدة في اليمن، من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة. ويعول عليه الكثير من الخبراء من خلال المنصب في إطفاء الأزمة في اليمن التي زادت وتيرتها منذ سبتمبر 2014.ويتعامل الدبلوماسي الموريتاني والمفاوض المتمرس في مناصبه الدولية المختلفة مع القضايا التي يكلف بها بحرفية الدبلوماسي وعقلية الاقتصادي، فحقق نجاحات في بعض الملفات الكبرى، من بينها جهوده في مواجهة فيروس «إيبولا» التي ساهمت في الحد من انتشار الوباء.ويعُرف ولد الشيخ أحمد بين زملائه بالقدرة على الاستماع، والبحث عن نقاط التلاقي بين الفرقاء، والصبر على التفاوض. ويرى مراقبون أنه رغم تعقيدات الأزمة السياسية باليمن، فإن ولد الشيخ أحمد يُعتبر من أبرز الدبلوماسيين بالمنظمة، الذين يمتلكون مؤهلات للمساهمة في حلها، وذلك لعدة اعتبارات أهمها أن الرجل سبق أن عمل في اليمن كمسؤول أممي في الفترة بين 2012 و2014.وهذه الفترة مكنته من التعرف عن قرب على أهم مشاكل البلاد، كما سمحت له بالاحتكاك بأبرز مكونات المشهد السياسي والطيف المدني.وطوى تعيين ولد شيخ أحمد صفحة المبعوث السابق جمال بن عمر بعدما أخفقت مساعيه في إيجاد حل سياسي لمعضلة اليمن الراهنة، فهو على وشك حل طلاسم الأزمة المعقدة، رغم فشل سلفه بن عمر في فك شفرتها. وأتت المهمة الكبيرة للدبلوماسي الموريتاني، وفق معطيات، اختلفت عن تلك التي تعامل معها بن عمر، لعل أهمها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي تم إقراره في 14 أبريل الماضي، تحت البند السابع.ومهمة ولد الشيخ احمد في اليمن عسيرة وشاقة لأنها تتطلب التحقق من سريان القرار ببنوده التي تطالب الحوثيين بالتوقف عن العنف وإلقاء السلاح والانسحاب من المدن التي سيطروا عليها، إلا أنه قادر على حلها. وثمة شق سياسي للقرار يتضمن دعوة كل الأطراف اليمنية، إلى الالتزام بالمبادرات والقرارات الدولية، والأهم من ذاك وذلك استئناف الوساطة بين الأطراف المتنازعة، لتأمين التسهيلات الدبلوماسية اللازمة لإطفاء نيران الأزمة عبر الحوار، الأمر الذي يدفعه إلى القيام بجولات مكوكية غالباً ما تشمل الرياض ومسقط وصنعاء وعدن. ويبذل ولد الشيخ أحمد، جهوداً حثيثة لاستنئاف مفاوضات السلام التي كان مقرر لها 14 يناير الحالي، بعد فشل مفاوضات جنيف في ديسمبر الماضي.إسماعيل ولد الشيخ أحمد «55 عاماً» ولد بمنطقة بيلا التي أصبحت اليوم جزءاً من العاصمة الموريتانية، حيث تربى في أسرة اهتمت بتعليمه وتربيته وفقاً للتقاليد الموريتانية، مشفوعة بتعليم عصري.تلقى ولد الشيخ أحمد تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في مدارس نواكشوط، فحصل على شهادة الثانوية العامة في العلوم الطبيعية عام 1980، وسافر للدراسة في الخارج.درس في جامعة مونبلييه بفرنسا، حتى نال شهادة البكالوريوس في الاقتصاد، وانتقل إلى جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة وحصل على شهادة الماجستير في تنمية الموارد البشرية. ثم التحق بكلية ماستريخت للدراسات العليا بهولندا فحاز شهادة متقدمة في الاقتصاد وتحليل السياسات الاجتماعية، وهو يتقن بطلاقة اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.عمل ولد الشيخ أحمد بعد تخرجه موظفاً بمفوضية الأمن الغذائي في موريتانيا لمدة سنتين، قبل أن ينتقل للعمل في وظائف مختلفة بهيئات تابعة للأمم المتحدة، حيث ترقى على مدار 28 سنة أمضاها في المنظمة العالمية في مناصب مهمة ومتعددة، كما عمل في بعض المناطق الشائكة في أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.أمضى فترة طويلة كموظف في صندوق الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، وتولى مناصب مهمة في الصندوق، منها منصب مدير إدارة التغيير ثم نائب مدير الصندوق، ثم عمل لاحقاً ممثلاً للصندوق في العديد من الدول الآسيوية والأوروبية.وخلال الفترة بين 2008 و2012، شغل منصب المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، قبل أن يتولى المهمة نفسها في اليمن بين 2012 و2014.ومطلع عام 2014، عُين نائباً لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، ثم اختاره الأمين العام للأمم المتحدة في ديسمبر من نفس السنة ليكون مبعوثه الخاص لتنسيق جهود مكافحة فيروس «إيبولا» الذي اجتاح دولاً عديدة في غرب أفريقيا.
اسم في الحدث إسماعيل ولد الشيخ أحمد.. دبلوماسي متمرس يفك شفرة أزمة اليمن
19 يناير 2016