شيخة العسمأكد استشاري الطب النفسي د.عبداللطيف الحمادة أن توتر العلاقات بين الوالدين تؤثر بشكل سالب على الطفل المصاب بمرض القلب، والسكري، والتوحد، والصرع، وفقر الدم المنجلي، داعياً إلى تحديد مصادر أو أسباب الضغط النفسي بوضع استراتيجيات تحتوي الاضطراب الداخلي.وأشار في حوار لـ «الوطن» إلى أن توقعات الوالدين غير الواقعية لنفسيهما غالباً ما تصبح واحدة من أكبر مسببات الضغط النفسي، خاصة عندما يكتشفان بأن طفلهما يعاني من مرض مزمن أو إعاقة، سيشعران كما لو كان نجاح طفلهما أو فشله في حياته يعتمد عليهما حصراً.وقال إن تثقيف أفراد العائلة والأغراب حول مرض أو إعاقة الطفل، ضروري للآخرين الذين لا يفهمون بالضبط ما يمر به الطفل أو لا يعرفون كيفية التعامل بمثل هذه المواقف.وذكر أن الوعي هو أصل القوة والتمكن لدى الوالدين فيجب أن يتعلما كل شيء يستطيعانه من أجل طفلهما وأن يعرفا الكثير من التفاصيل عن مرض وأعراض وأسباب أية حالة قد يمر بها، ببساطة معرفة الأطفال الذين أصيبوا بنفس المرض سيساعد الوالدين كثيراً كي لا يشعروا بالوحدة، ويجب أن يتذكروا أيضاً أنه ليس كل ما موجود في الإنترنت هو حقيقي وعليهما أن يسعيا لإيجاد مصادر موثوقة، فقد يستعينان بطبيب العائلة حول إحالتهما للاختصاصات الطبية الأخرى إن استوجب الأمر. وفيما يلي تفاصيل الحوار:المشاعر السالبة- كيف تتصرف الأسرة مع وجود طفل مصاب بمرض مزمن أو إعاقة؟- إن الوالدين دائماً ما يتوصلا لحقيقة مفادها، أن الأسرة هي عنوان الأمان وبوتقة التربية وغالباً ما يتصرفا بفاعلية لتحقيق ذلك، رغم أن الحمل والولادة وتربية الأطفال أعقد وظيفة قد يواجها المرء. وكلما توترت العلاقة بين الوالدين ستصبح الأمور أكثر صعوبة عندما يكون أحد أطفال تلك العائلة مصاباً بمرض مزمن، مثل: أمراض القلب وداء السكري وفقر الدم المنجلي والصرع وداء التوحد وفرط الحركة وغيرها، أو إعاقة، فعندها نجد أن الوالدين سيستغرقان في طيف واسع من المشاعر السالبة مثل الإنكار، والغضب، والإحباط، والشعور بالذنب، والاكتئاب، والاستياء والخوف وغيرها.كما إنه بعد تلقي الصدمة الأولى واستمرار الإنكار لفترة، سيشعر الوالدان بالوحدة والعجز ويخيم عليهما الضغط النفسي الشديد كالإرهاق أو الإجهاد. وفي المقام الأول على الوالدين أن يتعلما التكيف مع مشاعرهما وضغوطهما النفسية تحسباً لما ستمر عليهما من أيام زاخرة بالتقلبات المزاجية العنيفة المشحونة بمشاعر اليأس والتي قد تتخللها أو تتبعها أحياناً لحظات من الشعور بالرضا. وأن تعلمهما كيفية الاعتناء باحتياجاتهما الخاصة سيساعدهما في تحديد مدى قدرتهما الفاعلة على مساعدة طفلهما. إن تحديد مصادر أو أسباب الضغط النفسي والقيام بوضع استراتيجيات حلها سوف يجعل الوالدين قادرين على احتواء الاضطراب الداخلي بينما يواصلا بناء العلاقة الطبيعية مع طفلهما عوامل الضغط النفسي الداخلي لدى الوالدين.- ما هي الضغوط التي يتعرض لها والدا الطفل المصاب؟- إن توقعات الوالدين غير الواقعية لنفسيهما غالباً ما تصبح واحدة من أكبر مسببات الضغط النفسي، خاصة عندما يكتشفان بأن طفلهما يعاني من مرض مزمن أو إعاقة، سيشعران كما لو كان نجاح طفلهما أو فشله في حياته يعتمد عليهما حصراً والأكثر من ذلك فهما يعتقدان بأن الطريقة الوحيدة لأن يعيش الطفل حياته هي أن يتخلى الوالدان عن حياتهم الخاصة وأن يمضيا لتحمل مسؤولية كل جانب من جوانب حياة طفلهما ويرفضان قبول المساعدة من الآخرين ولا يسمحا للطفل أن يتحمل بعض مسؤولياته الخاصة، وهكذا فإن الوالدين يعرضان نفسيهما إلى مزيد من الضغط النفسي بسبب سلوكهما الماسوشي - حب جلد الذات-.- هناك تساؤلات تدور في أذهان الآباء حول مستقبل أبنائهم.. كيف يمكن التغلب عليها؟- نعم هناك قلق على المستقبل الذي يطرح أسئلة من قبيل «ماذا يخبئ المستقبل لطفلي»؟ «هل سيكون منتجاً وشخصاً معتمداً على نفسه؟، هل طريقة تربيتي له ستؤثر على شخصيته وموقعه في الحياة فيما بعد؟، فهذه التساؤلات وغيرها تتردد على ألسنة كل الآباء والأمهات، وتكون ضاغطة جداً للوالدين الذين لديهما طفل مصاب بمرض مزمن أو إعاقة.وبالإضافة لذلك لوم النفس، حيث يشعر الوالدان بالذنب نتيجة ظهور مرض مزمن أو إعاقة لدى طفلهما خاصة عندما تكون الوراثة هي العامل المؤهل لظهور المرض أو الإعاقة، ويتساءل الوالدان، لأي درجة سيلامان بسبب هذا المرض أو تلك الإعاقة التي يحملانها على كتفيهما. وعندما يقوم الطفل بتصرفات مرفوضة من قبل الوالدين سيكونان غير قادرين لا شعورياً)على تأديبه ومحاسبته وهذا سيتسبب لهما بمزيد من الألم والشعور بالذنب نتيجة تقصيرهما في تربيته أيضاً، وكذلك الحيرة والارتباك التشوش، إذ يعاني الوالدان من الألم والتشوش إذا لم يظفرا بعلاقة الحب المرجوة مع طفلهما، ولكن بعض الأمراض أو الإعاقات لا تؤثر على الدفء والتقارب العاطفي لاسيما أن الوالدين يبحثان بإفراط عن هذا النوع من العلاقة مع طفلهما. ومن الضروري أن نعدل توقعات الوالدين حول كيفية تصميم تلك العلاقة بالاعتماد على الحالة التي يمر بها الطفل، إضافة إلى تلك الأسباب فهناك التصور بأن الآخرين يعتقدون أن الوالدين هم سبب المشكلة، وهذا هو نمط آخر من لوم الذات الذي أشرت له آنفاً، فبعض الآباء والأمهات (إما بقصد أو دونه) يعتقدون أن الآخرين يحملونهم مسؤولية ما حصل لطفلهم ورغم ندرة هذا الشعور إلا أنه موجود.- ما هي عوامل الضغط النفسي الخارجية التي تنتاب الوالدين؟- أبرز هذه الضغوط هي استياء الأخوة، قد يشعر إخوة الطفل بالإهمال مما يولد لديهم الشعور بالاستياء والغضب تجاه والديهما لأن الأخيرين يمضيان أغلب وقتهما في العناية بأخيهم المريض ويقدمان له كل الدعم المعنوي والمادي. وكذلك السلوك الصعب، إذ إن بعض الأنواع من الأمراض أو الإعاقات تتصف بسلوكيات لا يرغب الوالدان دائماً برؤية طفلهما يمارسها،وعندما يعجز الوالدان عن المحاسبة الفاعلة أو التعديل السلوكي فقد يتفاقم السلوك ويصبح مزمناً.- ماذا عن الجانب المادي والتربوي؟- في العبء المادي تتراكم المصاريف الطبية بسرعة كبيرة بحيث يصعب تحملها مثل: العناية الطبية الدورية، والرعاية اليومية الحثيثة، والدخول إلى المستشفى، والعمليات الجراحية وغيرها كلها تضيف عبئاً كبيراًً يثقل كاهل الأسرة، كما إن الخلاف بين الوالدين حول تنشئة الطفل يمثل عاملاً، حيث إن كثيراً من الآباء والأمهات لديهم أفكار مختلفة حول كيفية تنشئة الطفل وتربيته في كل جوانب حياته، والبعض ربما ينكر وجود خلافات قد تنشأ بينهما حول نفس الموضوع، وفي الحقيقة أن الأمر يحتاج إلى جهد كبير آخر من قبل الوالدين كي يحاولان فهم وقبول الكيفية التي تسير بها علاقتهما بسبب ضغوط تربية الطفل، إضافة للعبء المادي والتنشئة فهناك عامل مشابه يتمثل في محاولة الحصول على خدمات صحية متخصصة للطفل، والتي بدورها تطرح سؤالاً من سيقدم المساعدة الأفضل للطفل المريض أو المعاق؟ يتكرر هذا السؤال على لسان الوالدين. والحقيقة تكمن بفهمهما لقدراتهما الذاتية وحدودها والإمكانات المتاحة لديهما بعد التشاور مع المختصين، وهكذا يصبحان قادرين على تحديد نوع الخدمات الصحية الضرورية ووقت احتياجهما للدعم من الجهات الأخرى.الضغوط النفسية- متى سيحصل الطفل على فرصة أن يتعلم ويكون مستقلاً؟. - إن الخدمات التي تعطى في المدارس تؤدي إلى تنمية الطفل وتقدمه في كيفية إيجاد مدرسة بتسهيلات ووسائل مناسبة وسليمة وكادر مدرب، فضلاً عن أن تثقيف أفراد العائلة والأغراب حول مرض أو إعاقة الطفل، ضروري للآخرين الذين لا يفهمون بالضبط ما يمر به الطفل أو لا يعرفون كيفية التعامل بمثل هذه المواقف.- ما هي الضغوط الفسيولوجية التي يتعرض لها الوالدان؟.- إذا كانت الحاجات المعنوية والجسدية للطفل الطبيعي كبيرة، فحتماً ستصبح هائلة بالنسبة لاحتياجات الطفل المريض أو المعاق، حيث يحتاج الوالدان إلى مستويات عالية من الرعاية من يوم لآخر للعناية بطفلهما، ولكن للعناية بهذا الطفل يحتاجان «الوالدان» للعناية بأنفسهم أيضاً وأن يتذكرا ضرورة حصولهما على قسط من النوم الهادئ والكافي كل ليلة وتناول وجبات طعام مفيدة ومتوازنة وممارسة الرياضة بشكل يومي ووضع جدول زمني للاسترخاء للابتعاد قليلاً عن متطلبات المنزل والطفل.- وماذا عن الضغوط النفسية؟- لجعل الوالدين الضغط النفسي بمستوى يساعدهما ولا يؤذيهما يجب أن يستفيدا من معرفة الأعراض الواضحة للضغط النفسي، وتختلف مستويات الضغط النفسي من شخص لآخر ويمكن أن يؤثر الضغط على كل شخص بطريقة مختلفة ولكن هنالك بعض التشابهات. كما يمكن أن يكشف عن الضغط النفسي من خلال أعراض الذهن والمزاج والسلوك، وأن تشخيص وعلاج تلك الأعراض عند نشوئها سيمنعان مشاكل صحية كبيرة من الظهور والتطور مثل أمراض القلب والإجهاد وارتفاع ضغط الدم والتهاب المعدة والسمنة والاكتئاب وغيرها، ويؤثر الضغط النفسي تأثيراً مباشراً وكبيراً على الصحة بشكل عام لذلك من المهم اكتشافه مبكراً، وتنجم عن الضغط النفسي والجسدي أعراض منها الجسدية صداع، وإجهاد، وألم العضلات وتشنجها، وألم الصدر وصعوبات النوم، وكثرة الإصابة بالزكام والالتهابات، والفتور الجنسي، والإسهال أو الإمساك، واصطكاك الأسنان وغيرها، وأعراض المزاج والذهن، منها: الاهتياج، والغضب، والقلق، والمخاوف، واحتقار الذات، والشعور بالذنب الشديد، والشعور بالقهر وانعدام الدافعية، والحزن والاكتئاب، وصعوبة الاسترخاء، وعدم القدرة على التركيز والتردد، والتشاؤم، إضافة للأعراض السلوكية منها: زيادة الشهية أو انخفاضها، والتدخين، وتناول الكحول والمهدئات وحتى المخدرات أحياناً، وقضم الأظافر، والتململ، وتجنب المسؤوليات، والانسحاب الاجتماعي والعزلة.- ما هي استراتيجيات علاج الضغط النفسي؟- إن الوالدين يُقهران بسهولة نتيجة المسؤوليات التي يحملونها على كتفيهما خاصة الموظفين منهم، فهنالك ضغوط العمل جنباً إلى جنب مع مسؤوليات تربية الطفل والواجبات المنزلية اليومية التي يجب أن تُنجز مضافاً إليها التزامات العناية بالطفل المريض فيصبحان في خطر متزايد مع هذه المسؤوليات المسببة لطيف واسع من استجابات المشاعر السلبية، فبعض الأحيان يشعران بالحاجة إلى الهروب لأن كل شيء يعمل ضدهما وفي أحيان قليلة أخرى يعودان إلى الهدوء والتحفيز بمشاعر الإنجاز، ومع التوقعات الواقعية يُصبح الوالدان قادرين على احتواء كل ما تحمله الحياة من مشاكل.تقنية الاحتواء- كيف للوالدين تعلم تقنيات الاحتواء؟- إن الوعي هو أصل القوة والتمكن لدى الوالدين فيجب أن يتعلما كل شيء يستطيعانه من أجل طفلهما وأن يعرفا الكثير من التفاصيل عن مرض وأعراض وأسباب أية حالة قد يمر بها، ببساطة معرفة الأطفال الذين أصيبوا بنفس المرض سيساعد الوالدين كثيراً كي لا يشعروا بالوحدة، ويجب أن يتذكروا أيضاً أنه ليس كل ما موجود في الإنترنت هو حقيقي وعليهما أن يسعيا لإيجاد مصادر موثوقة، فقد يستعينان بطبيب العائلة حول إحالتهما للاختصاصات الطبية الأخرى إن استوجب الأمر، كما يستطيع المعلمون أن يقدموا مقترحات مفيدة للمساعدة بهذا الصدد أيضاً. وهنالك فكرة جيدة هي أن نكوّن مجاميع المساندة مع آباء وأمهات آخرين لديهم نفس الحالة لمشاركة التجارب والخبرات، فكلما عرف الوالدان أكثر كلما قلت العزلة وزادت القوة والتمكن.- كيف يمكن الحصول على الدعم الاجتماعي؟يبدأ الحصول على أفضل دعم اجتماعي من المقربين للوالدين والطفل مثل العائلة والأصدقاء فهم من يمنح الدعم المؤثر،وهكذا فإن الوالدين سيجدان مخرجاً من العزلة والعجز وفي نفس الوقت سيشعر أفراد العائلة أيضاً بأنهم يهبون الأمل لذويهم ويساهمون ببث الحياة الطبيعية ثانية إلى الطفل المريض أو المعاق وإلى الوالدين المحبطين الذين يشعران بأن تغيرات جسيمة قد عصفت بهما، ويجدر بالوالدين أن يسعيا المجتمع لتكوين مجاميع الدعم والمساندة فهي تعطي زخماً فريداً لهما فمن الضروري أن تكون هنالك شبكات خاصة لتلك العوائل، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي للذين لديهم نفس الحالات للترتيب للقاءات منتظمة والتي ربما تكون قريبة من بيت تلك العائلة أو أن تكون هنالك مجاميع الدعم أونلاين لتقديم المساعدة في حل المصاعب اليومية ومشاركة المشاعر المختلفة التي يعاني منها الوالدان وهكذا لا يحتاجون إلى أن يغادروا منازلهما ليجدا مجموعة تخفف عنهما مشاعر الألم واليأس.- كيف يمكن لوالدي الطفل المريض بمرض مزمن التعامل مع الآخرين؟- يستطيع الوالدان البدء بعمل قائمة خاصة بالمشاكل التي تسبب لهما الضغط النفسي مثل: اختيار المدرسة، والواجبات البيتية، وتثقيف الآخرين حول مشكلات الطفل، ونقل الطفل من وإلى المدرسة، وهكذا، وفي الأخير يمكنهم تحديد أي المشكلات التي تمت السيطرة عليها مع إيجاد الحلول البديلة للمشكلات المقاومة وتحديد واجبات جديدة، وقيام الوالدين بذلك سيعطي إحساساً في السيطرة والتمكن للتخطيط للمستقبل، ويجب عليهم تحديد أي الأهداف الواقعية التي يجب إنجازها أولاً، وتعلم القول(لا) عندما يكون الأمر ليس ذي أولوية، وبإتقان عملية ترتيب الأولويات ذات المدى القصير والطويل سيتعلمان كيفية التخطيط لطفلهما بشكل سليم.الحاجة المادية- ما هو تأثير العوز المادي لآباء يشكون أمراض أبنائهم؟- تؤثر الأمراض المزمنة والإعاقات لدى الأطفال عاطفياً على عوائلهم، فتستنزفهم مادياً نتيجة خدمات العناية بالطفل والأدوية والاستشارات وتكاليف السفر للعلاج في الخارج إضافة لمصاريف أخرى قد تتنامى مع طول فترة المرض أو الإعاقة.عندما يبحث الوالدان عن المساعدة المالية من الآخرين، سيشعرون بالقهر والقلق، وتخفف البرامج الحكومية الداعمة في مملكتنا من الإحساس بهذا الشعور إضافة إلى توفر برامج خاصة مجانية أو مخفضة لتقديم الدعم لتلك العوائل مثل الجمعيات الخيرية والمراكز الطبية وعيادات الأطباء ومراكز التأهيل وفاعلي الخير وغيرها.- كيف يمكن دعم مقدم الخدمة للطفل؟- إن مقدم الخدمة «الوالدان» يجب أن يمنحا الطفل هدية ثمينة وهي «والدين واثقين وسليمين» والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك أن يهتم الوالدان بنفسيهما بعمل جدول لهما مثل ماذا سيأكلان اليوم؟ أي نوع من التمارين الرياضية يجب أن تنجز؟ وكم ساعة من النوم الهادئ يحتاجون؟ وغيرها مما يساعد في معرفة طاقتهم القصوى والدنيا والعمل وفقها.إن الوالدين هم أكثر من يستطيع أن يهتم بالطفل وعليهم أن يتأكدوا بأنهم أفضل من يقوم بذلك، ولكنهما يحتاجان أيضاً إلى أن يجدا قليلاً من الوقت لهما يومياً، مثلاً 30 دقيقة مشي حول المجمع السكني يومياً أو زيارة قصيرة للأقارب وغيرها، باختصار هما يحتاجان شيئاً أسميه «وقتي» فمن المهم تنظيف الذهن أو ملؤه أحياناً بشيء يحتاج قليلاً أو لا يحتاج إلى جهد ذهني من خلال تلك الأنانية البسيطة التي تتعلق بالوقت الذي يستمتع به الوالدان لوحدهما، سوف يستطيع الأخيران استعادة بعض الطاقة العاطفية والذهنية والجسدية.وأرى من الضروري جداً أن يكون هنالك عناصر مقدمي الخدمة التطوعية الساندة في كل منطقة حيث يستطيع الوالدان مهاتفتهم لبضعة دقائق في أي وقت لتقديم الدعم المعنوي والنفسي وحتى المشاركة الفعلية مع الوالدين لبث روح الارتياح لديهما لعدة ساعات أو أيام.- كيف يمكن توظيف الآخرين في العائلة لتقديم العون؟- إن الوالدين الذين لديهم طفل مريض أو معاق يعرفون أن الوقت هدية ثمينة ونادرة يجب استغلالها بحكمة، وذلك من خلال مشاركة الجميع في المهام البيتية فالأمهات يجب ألا يقمن بإنجاز كل شيء، لابد أن يقدم لهن العون في التنظيف والطهي والتبضع ومن المهم وضع تعليمات وحدود في المنزل بحزم ويحتاج الطفل المريض أو المعاق لمعرفة تلك الحدود والتعليمات بوضوح تام فبدونها سيصبح هؤلاء الأطفال معتمدين على الآخرين في كل شيء وهذا سوف يقلل من اعتدادهم بأنفسهم ويشجع لديهم ظهور الطباع الاجتماعية غير السوية.من الضروري أن نعطهم المهام المناسبة لأعمارهم وهم بالتأكيد سوف يستشعرون سبل إنجازها، ما سينعكس إيجاباً على سلوكياتهم. وقد يشعر الأخوة غالباً بالغيرة أو الغضب ولكن فهمهم للمرض وطرق احتوائه سيغيران مشاعرهم وسلوكهم تجاه أخيهم كلما كبروا، وعموماً إذا استطاعت العائلة أن تعتني بالطفل المريض أو المعاق وأن تكون قادرة على حفظ الجو العائلي الحميمي الدافئ للأسرة فإن ذلك سيساعد الأخوة على أن يكونوا أكثر تسامحاً وتفهماً لاحتياجات أخيهم وتعاوناً لإنجازها من خلال تأشير أية مخاوف ربما يحملونها تجاهه سواء كان ذلك بالكلام أو بالأفعال، وعلى الوالدين أن يحرصا دوماً على تعاون الأبناء، ومثلما يحتاج الطفل المريض أو المعاق إلى وجود والديه المستمر عند اشتداد مرضه أو دخوله إلى المستشفى، فكذلك هما يحتاجان إلى الاعتناء بنفسيهما أيضاً، لأن طفلهما يستحق أن يكون والداه أصحاء وسعداء كي يتمكنوا من تقديم الرعاية الكاملة له.