يقولون(لكل زمان دولة ورجال)!، وكثر الجدل والكلام حول موضوع وجود فجوة بين الآباء والأبناء، وأن الآباء يفكرون بطريقة ما، والأبناء يفكرون بطريقة مغايرةٍ تماماً، ولعلك تسمع في هذا الصدد عبارات تقول إن الآباء يفكرون بطريقة قديمة، وإن الأبناء يفكرون بطريقة جديدة، الآباء في خندق التخلف والرجعية، والأبناء في صف التحضر والتقدمية، الآباء أكثر خبرة.. نعم، ولكنهم أقل ثقافةً وعلماً من الأبناء، الآباء يفرضون آراءهم والأبناء ما لهم من محيص، ثم انعكس ذلك على وسائل الإعلام، حتى ظهرت أفلامٌ ومسلسلات تناقش مثل هذه القضية كل على طريقته والتي تعبر عن نفس المضمون.فيما تمر الأيام والسنون، وتتسابق السنوات في تغيير ملامح وأفكار الناس باستمرار، ينسى الآباء في كثير من الأحيان، أنهم كانوا في يوم من الأيام أطفالاً وأبناء، يتذمرون من طلبات وأوامر الآباء، ويجدون من وجهة نظرهم إجحافاً من الآباء بحقهم، وتقليلاً من شأنهم.فيما يغيب عن أذهان معظم الأبناء، أنهم سيقفون يوماً أمام أولادهم، يفرضون عليهم ما يرونه أنسب لهم في كل شيء، ويحددون لهم الخطأ والصواب، ويقسون عليهم أحياناً وهو ما يرونه صواباً في كثير من الأحيان.وبين محدودية تفكير الآباء وفكر الأبناء، تتجدد وتستمر مثل هذه المشاكل بين الأجيال، طالما بقيت الحياة تضج، وهي الفجوة بين الآباء والأبناء بكل أبعادها العمرية والفكرية والثقافية وما يتعلق بالعادات والتقاليد وما يرتبط بدخول تكنولوجيات جديدة وتطور على مختلف الأصعدة... وغيرها.ورغم أن لكل عصر خصائصه، كل يرى أن عصره أكثر حساسية من غيره، فإننا نرى أن عصرنا كذلك، يتمتع بخصوصية فريدة، ساعدت في تباعد الفجوة بين الجيلين، بسبب ما دخل في عصرنا الحديث من تطور متسارع لم تشهد له الحقبات الماضية مثيلاً، وما شهده من تقارب في الزمان والمكان، وإلغاء لحواجز كثيرة ارتبط أساساً بالتكنولوجية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، وسمي بعصر السرعة.أن العلاقة بين الآباء والأبناء يجب أن تكون مبنية على المحبة والود والاحترام والتفاهم، حتى لا تنشأ الفجوة بين الأجيال لعدم وجود رابط ود أو تفاهم أو حوار هادف يهدف إلى زيادة التواصل بين الجيلين. وقد تكون العلاقة متوترة ومتأزمة.ولذلك فإن غياب الحوار الهادئ البناء والفعال بين الآباء والأبناء، قد يجعل الابن لا يثق في والديه ولا يبوح لهما بأسراره الخاصة، بل إنه يفضل أن يأخذ معلوماته من الأصدقاء بدلاً من الوالدين البعيدين عنه بحنانهما ورعايتهما.إن مظاهر الحب التي يقدمها الآباء من توفير المسكن والملبس والتعليم بالمدارس وألعاب التسلية لا تغني عن وجود الوالدين الدائم مع الأبناء من الجلوس معهم وحمايتهم بالتحاور والتشاور معهم، ومحاولة معرفة ما يجول بأفكارهم ومساعدتهم في حل مشاكلهم الخاصة وتشجيعهم والتقرب والتودد إليهم بدون فرض الرأي.فهل تختفي هذه الظاهرة بين الآباء والأبناء؟ بسبب غياب الحوار الهادئ الهادف بين الطرفين؟ ونستبدل بعض الأساليب الخاطئة في التربية ونصحح مسارنا التربوي مع الأبناء. أحمد عقاب