قال الأمين العام للفيدرالية العربية لحقوق الإنسان عيسى العربي إن ما شهدته وسائل الإعلام لاسيما وسائل التواصل الاجتماعي منذ الأسبوع الماضي هو أمر مؤسف جداً، فمع تقديرنا الشديد لمشاعر المواطنين تجاه ما اتخذه النواب من قرارات بشأن بعض القضايا المعروضة أمام المجلس، وتأكيدنا على حقهم في قبول أو رفض تلك القرارات، والتعبير عن آرائهم بشأن ما اتخذه النواب من مواقف، إلا أن ما رصدناه من بعض وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام هو أمر لا يندرج بأي وجه من الوجوه تحت حرية الرأي والتعبير، ولا يمكن قبوله على النحو الذي احتوته بعض التغريدات أو اشتملت عليه عدد من الآراء، فحرية الرأي والتعبير عنها لها ضوابطها القانونية والتشريعية التي تحدد لها إطاراً قانونياً وتشريعياً من حيث مضمون الآراء المعبر عنها، أو طريقة ووسيلة التعبير عنها، وهو الأمر الذي مع الأسف الشديد لم تتم مراعاته أو الالتزام به في الكثير من تلك الآراء.وذكر، في بيان له، على ضوء البيان الذي أصدرته عدد من الجمعيات السياسية والحقوقية بشأن رفع دعاوى قضائية بحق عدد من المواطنين الذين أساؤوا استخدام حرية التعبير والرأي التي يتمتع بها جميع المواطنين بالمملكة، وفي ضوء الدعوة التي وجهها البيان لمؤسسات المجتمع المدني لإعلان مواقفها من القضية التي أصبحت محل اهتمام وإثارة للرأي العام البحريني، أن حرية الرأي والتعبير لا يجب أن تخرج عن إطارها السليم والصحيح ولا تتجاوز ضوابطها القانونية، فمن غير المسموح به أن يتجاوز الرأي المعبر عنه القضية محل الخلاف، أو أن يطال الشخوص بذاتهم أو يمس أسرهم وخصوصياتهم. فإذا ما تم تجاوز هذه الاعتبارات عند التعبير عن الرأي، فإنه يعتبر إساءة تخرج عن إطار حرية الرأي والتعبير وتدخل في إطار الإساءة والتجريح التي تعد مخالفة قانونية تستدعي المساءلة عنها، وتسترعي الوقوف عندها واتخاذ الإجراءات اللازمة لتصويب الرأي أو المساءلة عما تضمنه الرأي من مخالفة أو إساءة أو تجاوز. وشدد العربي، في سطور البيان على أن «العديد من الآراء التي قام البعض بالتعبير عنها تضمنت إساءات غير مقبولة وتخرج عن مفاهيم حقوق الإنسان المؤطرة لحرية الرأي والتعبير، وأنها مثلت خروجاً غير مقبول عن تعاليم ديننا الحنيف، أو عن الأعراف والعادات المتأصلة بمجتمعنا والضابطة لمنظومة القيم والآداب السائدة به. وفي نفس الوقت عن قيم ومبادئ حقوق الإنسان التي عبرت عنها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وهو أمر لا يجب أن نشجع عليه أو ندعو له مهما كانت الدوافع النفسية أو الذاتية أو السياسية إليه. فالمحافظة على منظومة القيم الأخلاقية للمجتمع هو أمر في غاية الأهمية، ولا يجب وبأي حال من الأحوال السماح بالمساس بها أو قبول أي تجاوز لها، لاسيما أننا في البحرين قد عانينا كثيراً خلال الفترة الماضية من هذه المشكلة التي أسهمت في تمزيق الروابط الأخوية والاجتماعية بين مكونات المجتمع البحرين، وجعلت من وسائل التواصل الاجتماعي لدينا بيئة خصبة لخطاب الكراهية والتشهير والإساءة التي تمثل خروجاً عن العادات والتقاليد البحرينية الأصيلة التي تميز المجتمع البحريني، قبل أن تكون خروجاً عن قيم ومبادئ حقوق الإنسان».وعبر العربي عن «أمله في مراجعة شاملة لجميع المواقف الوطنية في ضوء ما يمر به الوطن من تحديات اقتصادية وأمنية وسياسية تستوجب منا جميعاً الوقوف صفاً واحداً وتقديم المصلحة الوطنية العليا على المصالح الخاصة الضيقة»، معرباً عن «أسفه لبعض من اشتمل عليه البيان من خلط بين حرية التعبير التي نؤكد على الالتزام بها واحترامها، وما يقابلها من اساءة او تشهير نقف جميعنا ضده وندعوا بقوة الى نبذه. وما قد يعتبر تشجيعاً لتجاوزات البعض لضوابط حرية الرأي والتعبير القانونية والتشريعية».وأكد «أهمية المحافظة على الوحدة الوطنية، متمنياً على رئيس البرلمان البحريني سحب القضايا التي حركتها الأمانة العامة تجاه عدد ممن تجاوزوا الضوابط القانونية والتشريعية لحرية الرأي والتعبير، سيراً على النهج الكريم الذي سنه لنا جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في تقديم المصالح العليا للوطن ونهج مبدأ التسامح والعفو، فالأوطان تبنى بالحكمة والتسامح، وهو الأمر الذي دأب المجتمع البحريني على انتهاجه والسير على هداه، وأن يبادر كل من قام بتجاوز الضوابط القانونية والتشريعية أو اشتملت آراؤهم على إساءة أو مساس بشخوص السادة النواب الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير وإن اختلفنا معهم أو لم نرتض قراراتهم ومواقفهم أحياناً، إلى الاعتذار والاعتراف بأخطاءهم، لتكون بداية لتجاوز هذه القضية التي شغلت المجتمع البحريني خلال الأيام الماضية، ولتؤسس لعلاقة سليمة وصحيحة بين الشعب وممثليه الذين انتخبهم للدفاع عن مصالحه وتحقيق تطلعاته، والذين يجب أن يقوم بمناقشتهم ومتابعتهم في تحمل أمانتهم التي اختارهم إليها بالوسائل الصحيحة والسلمية التي تعبر عن رقي المجتمع البحريني وتقدمه».
«فيدرالية حقوق الإنسان»: حرية الرأي لا تعني تجاوز الضوابط القانونية
31 يناير 2016