شارك العديد من المختصين في علم النفس التربوي في سلسلة ورش عمل لمساعدة الأطفال على التكيف مع الأزمات، نظمتها اللجنة الوطنية للطفولة، ووزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، ضمن حملة المصالحة الوطنية «وحِدة وحَده»، واضعين في الاعتبار أن الدول القوية هي التي تستثمر في أبنائها ليكونوا عماد الوطن وأساس الحضارة والتقدم والرقي، ومرور العالم بالعديد من الأزمات الطاحنة التي أصبحت تهدد أمنه واستقراره.ومن منطلق الظروف التي عايشها الأطفال إبان فترة الأحداث المؤسفة في مملكة البحرين عام 2011، كان لابد من العمل على توجيه نفسية الأطفال وتنقية أرواحهم من الضغوط النفسية التي يمرون بها على مدار سنوات حياتهم، وعليه تنظم اللجنة الوطنية للطفولة، ووزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، ضمن حملة المصالحة الوطنية «وحِدة وحَده» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ووزارة الصحة، وجامعة البحرين وبعض مؤسسات المجتمع المدني، برنامجاً إرشادياً يستضيف مجموعة من الأخصائيين التربويين والنفسيين على مدار شهرين لتدريب مجموعة من المرشدين النفسيين، والتربويين، والاجتماعيين لمساعدة الأطفال وأسرهم على التعامل مع الآثار النفسية للأزمات، بدأت فعالياته الأسبوع الماضي ويستمر لمدة 12 أسبوعاً في المركز الوطني لدعم المنظمات الأهلية.قال أستاذ علم النفس الإرشادي في كلية البحرين للمعلمين بجامعة البحرين د. عدنان الفرح إن الأطفال حول العالم يتعرضون لمشكلات مختلفة تصل إلى مستوى العنف والصدمات التي يكونون ضحيتها، أو تترك أثاراً تنعكس سلباً على الصحة النفسية والعقلية للأطفال. وأوضح الفرح، في ورشة العمل الأولى في إطار المشروع الوطني لمساعدة الأطفال على التكيف مع الأزمات، أن الصدمة تشير إلى حوادث شديدة أو عنيفة تعد قوية ومؤذية ومهددة للحياة، بحيث تحتاج إلى جهد غير عادي لمواجهتها والتغلب عليها، وتعرف الصدمة بأنها أي حادث يهاجم الإنسان ويخترق الجهاز الدفاعي لديه، مع إمكانية تمزيق حياة الفرد بشدة، وقد ينتج عن هذا الحادث تغيراتٍ في الشخصية أو مرضٍ عضوي إذا لم يتم التحكم فيه والتعامل معه بسرعة وفاعلية، وتؤدي الصدمة إلى نشأة الخوف العميق والعجز أو الرعب، وهي حدث خارجي فجائي وغير متوقع يتسم بالحدة، ويفجّر الكيان الإنساني ويهدد حياته، بحيث لا تستطيع وسائل الدفاع المختلفة أن تسعف الإنسان للتكيف معه. وخلال الورشة الثانية، ناقش المستشار النفسي والتربوي، وخبير التدريب في التنمية الذاتية للشركات والأفراد في الوطن العربي د. محمود جمعة كيفية إكساب المتدربين مهارات التركيز على مساحة الاشتراك والتوافق وتدريب الأطفال على قواعد العمل، والتي تشتمل على التقبل غير المشروط للبيئة، والاسترخاء الجسمي والذهني، ووصف الشعور والتحكم فيه، واستخراج الأفكار المرتبطة بالصورة والمشاعر المصاحبة، والتركيز على الإيجابيات في الداخل، وتغيير الصور الذهنية وتعديل الأفكار، والتركيز على إيجابيات الآخر في الذهن، وتمرين تخيل الحياة في ظل الصراع مع الآخر وفي ظل الاتفاق معه، وإكساب الأطفال مهارة تقبل الرفض من الآخر بمرونة، وممارسة الرفض للآخر بطرق إيجابية تضمن الحفاظ على إنسانيتهم والألفة معهم ويتناول طبيعة الرفض كضرورة إنسانية، بالإضافة إلى تأثيره على مفهوم الذات والتواصل والحوار بين شركاء الوطن، وطرق تدريب الطفل على التعامل الإيجابي مع الرفض. وتضمنت الورشة الرابعة طرق مساعدة الطفل على التعامل مع الآثار السلبية، إذ أوضح أستاذ الصحة النفسية المشارك بقسم علم النفس كلية العلوم الاجتماعية، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ووكيل كلية العلوم الاجتماعية د. سعد المشوح أن سلوك التعلق عند الأطفال منذ الميلاد ويكون ملازماً له ومستمراً خلال مراحل النمو المختلفة، وكلما كانت البيئة آمنة ومستقرة للطفل كان سياق التعلق وارتباط الذات لدى الطفل مترابطاً، وتعتبر صدمة الطفولة بأنها النتيجة العقلية للصدمة المفاجئة أو سلسلة من الصدمات، والتي تؤدى بالطفل إلى عجز مؤقت وابتعاد عن ميكانزمات المواجهة العادية، وتعد الصدمات وخبرات التفكك الأسري من الخبرات التي تؤدي إلى خلل نفسي وانفعالي واجتماعي للتوافق والتكيف عند الأطفال، كما ترتبط صدمة الطفولة المبكرة بالسلوك التدميري للذات والانتحاري في الحياة لدى الأطفال.وعن أساليب حل الصراع بدلاً من العنف واكتساب مهارات المناعة النفسية ضد الإحباط والاضطرابات النفسية، جاءت ورشة الأستاذ بجامعة الكويت، وعميد الشؤون الأكاديمية والدراسات العليا المساعد بكلية العلوم الاجتماعية- جامعة الكويت د. حمود القشعان ليناقش من خلالها كيفية إكساب المشاركين معلومات حديثة حول العلاقة بين الصحة النفسية والحياة اليومية، ومهارات تحقيق الصحة النفسية، وتدريبهم على مهارات التعامل مع مسببات الضغوط النفسية (حالات الاحتراق النفسي)، ومهارات تفادي الإحباطات، كما تناول تدريب المشاركين على كيف يكونون قادرين على تشخيص درجة الضغوط النفسية التي تواجههم، والتعرف على أسباب انخفاض الصحة والمناعة النفسية أمام ضغوط الحياة، ثم كيفية التصرف إزاء المواقف الضاغطة والتدريب على إدارة الذات، كما تناول الخصائص الرئيسة لفئة الطفولة والمراهقة في العصر الرقمي، وكذلك التعرف على الأساليب التربوية الخاطئة المستخدمة والمتوجهة نحو العقاب واللوم والتهديد، والمؤدية لاضطراب الأطفال سلوكياً، ثم يتم تعريف المشاركين نظرياً وعملياً بالحاجات الخمس التي يحتاجها الأبناء من التربويين، وكيفية اكتساب مهارات الذكاء الاجتماعي في التعامل مع الأبناء، مع التركيز على تدريب المشاركين على كيفية اتباع الخطوات العملية لإدارة حوار مع الأطفال والمراهقين، واستخدام فن الحوار لحل الصراع بدلاً من العنف. وأشارت استشارية الطب النفسي لعلاج الأطفال والمراهقين والعلاج الأسري في مستشفى السلمانية والطب النفسي د. صديقة المير إلى تأثير الضغوط على كل فرد من أفراد الأسرة بدءاً من الرضع، والأطفال، والمراهقين، والآباء، والأمهات، وكيف إن لم تعش الأسرة في سلام سوف ينعكس ذلك سلباً على السلام في العالم بأسره، كما إن الضغوط النفسية التي يمر بها أحد أفراد الأسرة إن لم تتم معالجتها بشكل صحيح سوف تهدد كيان الأسرة بكاملها، لذا كان من المهم مساعدة الأسر في اكتساب مهارة التعامل مع الضغوط وإدارتها لمساعدة محيطها، وبالتالي المجتمع ككل، وذلك عن طريق تقويتها وتمكينها، هذا بالإضافة إلى تدريب القائمين على الأطفال وأسرهم استخدام استراتيجيات التوافق النفسي للتعامل مع الأحداث الضاغطة في الحياة والأزمات النفسية لاستعادة الإحساس بالأمن النفسي، والسلام الداخلي، وسوف يتم تعريف الضغوط النفسية وأعراضها واستراتيجيات التوافق معها بالنسبة للأطفال الصغار من 1- 6 سنوات، والأطفال الأكبر من 7-11 سنة، ومناقشة المشكلات وقت الذهاب للنوم، وإعطاء إرشادات للوالدين عن طريق استخدام ألعاب تخفيض الضغوط، ومتى يطلبون المساعدة، كما سيتم تدريبهم عملياً على استخدام اللعب بالرمل لعلاج الأطفال المتعرضين للصدمات النفسية، وكيفية مساعدة الطفل وأسرته على مواجهة الأحداث الضاغطة. واستعرضت أستاذ علم النفس التربوي المشارك، نائبة رئيسة اللجنة الوطنية للطفولة، ورئيسة المكتب التنفيذي الأطفال د. جيهان العمران من خلال ورشتها أساليب التعامل مع الغضب والعنف عن طريق التفكير الإيجابي للانتقال من سجن الكراهية إلى فضاء المحبة، والتعريف بأنواع الغضب وأسبابه وحدوده، وأنه قرار شخصي ومعركة لا رابح فيها بل الكل فيها خاسر، وتتضمن الورشة استخدام بعض أساليب الإرشاد المعرفي، واستخدام خارطة دورة الغضب، وتطبيق اختبارات قياس الغضب، ونشاطات تمثيل أدوار على أساليب الرسالة اللوامة المؤدية للعنف والرسالة التوكيدية لتجنبه، وقصص إرشادية تساعد الأطفال على التعبير عن المشاعر السلبية بشكل آمن نفسياً، وتطبيق ألعاب تربوية ونشاطات إبداعية للتعامل مع بركان الغضب.