أكد مستشار المؤسسة العربية لحقوق الإنسان د.عبدالستار الراوي، أن 444 صحيفة كانت تعمل قبل الثورة في إيران تم تصفيتها لتصل إلى 121 فقط وتلك التي كانت مؤيدة للنظام دون استثناء ثم شهد عام 1981 تحولاً كبيراً، بانتقال الإعلام ليصبح تابع لمكتب الخميني.واستعرض في ندوة بعنوان: «حقيقة الخطاب الإعلامي الإيراني في المرحلة الراهنة»، خلال المجلس الإعلامي الشهري لجمعية الصحفيين البحرينية، مراحل تطور الإعلام في إيران، موضحاً أن تاريخه بدأ مع بدايات القرن الـ18 بصحيفة ذات صفحة واحدة ثم تطور الأمر وصولا إلى عام 1851 الذي شهد ظهور أكثر من إصدار. وقال الراوي إن الصحافة المعارضة كان لها نشاطاً كبيراً من بداية تلك الفترة وحتى العام 1904، وإلى أن حدثت نقلة كبرى في الفترة من 1905 وحتى 1908 حيث صدرت أكثر من 371 صحيفة. وكشف أن الخطاب الإعلامي لما بعد الثورة الإيرانية، كان يتلخص في مطلقات، قداسة المرشد ومثالية التجربة والزهو النووي باستعراض القوة والإعلان الصريح عن وجود قوات قاهرة، وتميز الخطاب بالمركزية وتفكيك الكيانات المعارضة للنظام والتحريض خارج الحدود. وأوضح الراوي، أن عصر شاه إيران محمد رضا بهلوي، قد شهد حرية في الصحافة لكنها كانت محدودة، ثم جاءت الثورة الخمينية بعد ذلك بوعود من الخميني بمنح الحرية للجميع، والذي قال في خطاب له أنه «في حال وصوله للحكم فسيجعل الحرية كما هي في أوروبا، لكن لم يمض سوى 24 ساعة على ذلك الخطاب حتي تم إحراق صحيفتين وفي نفس العام تم إحراق 54 صحيفة». وأوضح أن الصحافة المعارضة والتيار اليساري، شهدت هجوماً شرساً من مسلحين تحت مسمى «فدائيي جيش الإمام»، كما تمت مصادرة 154 صحيفة وجرى طرد مراسلي الصحف ووكالات الأنباء العالمية، وأطلق على هذا اليوم «تفوق السيف على القلم». ونوه إلى أن فترة حكم رافسنجاني، شهدت شبه انفتاح حيث تم تعليق مصطلح تصدير الثورة واهتم بالصناعة، لكن العلاقة مع الصحافة والإعلام لم تكن بالجيدة حيث تم إغلاق عشرات الصحف.وتأتي الفترة الذهبية للإعلام في فترة حكم محمد خاتمي «1997 - 2005»، حيث شهد الإعلام فيها نشاطاً إيجابياً ملحوظاً واسترد مكانته في إيران، وقد ركز خاتمي في خطابه على الحرية والحوار مع الدول الأخرى والإصلاح الذي وصل إلى مؤسسات عديدة في الدولة، لكن عراقيل كثيرة وضعت في طريقه وتم تطويقه، وشاعت في فترة حكمه ظاهرة اغتيالات الكتاب ووضع عشرات الصحفيين والكتاب ممن ساندوه في السجون، لكنه لم يتردد في كشف ما يحيق به للشعب الذي انتخبه لفترة رئاسية ثانية. وأوضح الراوي أن الدستور الإيراني وضع صلاحيات بلا حدود للمرشد الأعلى، ووقفت القوانين أمام الإصلاحي الذي كان يأمله خاتمي، ثم شهدت البلاد الحركة الخضراء الإصلاحية في عصر أحمدي نجاد «2005 - 2013»، وطالب فيها الشعب بتقييد حرية المرشد الأعلى وأن يكون خاضعا للقانون والدستور الذي ذكر في مواده ما يؤكد قداسته وولايته المطلقة، لكن تم إعدام الصحفيين وإخفاء العشرات منهم قسرياً، وترحيل آخرين بتهم التجسس والعداء للثورة الإسلامية حتى أطلق عليهم وقتها «المغضوب عليهم».ولفت الراوي، إلى أن الخطاب الإعلامي عانى من صراع قديم بين الحوزة والجامعة، واستمر هذا الصراع حتى اليوم، إذ حاول الخميني التوحيد بين الاثنين لكنه فشل، وقال إن مفهوم الثورة مستمر في الخطاب الإعلامي، وإن تلك الثورة لديها قانون استثنائي ومن أمثلتها محاكم رجال الدين ولجان حماية الثورة والتي تحولت إلى أدوات قمع، وكان هدف الخطاب الإعلامي إرسال رسائل للداخل والخارج بأن الدولة الإيرانية مخلوق إلهي وأن إيران أرض الله.وأشار الراوي، إلى أن بعض العرب استبشروا خيراً بالثورة الإيرانية وانخدعوا فيها بسبب الشعارات المرفوعة وقتها وهي إسقاط إسرائيل وإقامة فلسطين مكانها وهو ما تم فعله بالسفارة الإسرائيلية، لكن الخطاب الإعلامي للخارج كان تحريضياً وتعبوياً للشعوب الإسلامية أن تنتفض على الأنظمة القائمة، واستمر هذا النهج لمدة 37 عاماً هي عمر الثورة الإيرانية.